بغداد - دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني في خطبة صلاة الجمعة، مجلس النواب العراقي (البرلمان) الى سحب الثقة من الحكومة اثر موجة احتجاجات مطلبية تضرب البلاد منذ شهرين دون مبالاة من الطبقة السياسية. وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، إن "مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعوّ الى أن يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء أبنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب". وأضاف الصافي الذي تلا توجيهات المرجع السيستاني، وللمرة الاولى، بعد قراءة سورة الفاتحة على أرواح "شهداء" الاحتجاجات، بأن البرلمان " مدعوّ الى الإسراع في إقرار حزمة التشريعات الانتخابية ،بما يكون مرضياً للشعب ، تمهيداً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة". وبهذا الموقف يكون السيستاني قد قطع خط حبل الود بينه وبين حكومة عبدالمهدي المدعومة من ايران وايد بشكل واضح الاحتجاجات في العراق ما يعطيها زخما اقوى. وكان المرجع السيستاني قد أكد في خطبة سابقة، بان البلد "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك". ونادرا ما يتحدث السيستاني في الشؤون السياسية لكن تأثيره هائل على الرأي العام لاسيما في جنوب العراق حيث يتركز الشيعة. وسبق أن استغل السيستاني صلاة الجمعة في الأسابيع الأخيرة لحث الحكومة على تطبيق إصلاحات حقيقية والتوقف عن قتل المتظاهرين. وتشهد بغداد ومدن جنوبية منذ شهرين احتجاجات مناهضة للحكومة ورافضة للنفوذ الإيراني في البلاد، تخللها عنف وقمع خلف حوالى 400 قتيل وآلاف الجرحى، وفقا لحصيلة استنادا الى مصادر طبية. كما انتقد المرجع الشيعي الأعلى الجمعة وبشدة تلكؤ السياسيين في اجراء إصلاحات تلبي مطالب المحتجين، بالقول إن "التسويف والمماطلة في سلوك هذا المسار - الذي هو المدخل المناسب لتجاوز الأزمة الراهنة بطريقة سلمية وحضارية تحت سقف الدستورـ سيكلّف البلاد ثمناً باهظاً وسيندم عليه الجميع". وكان آية الله العظمى قد التقى منتصف الشهر الحالي، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت التي طرحت عليه خارطة طريق حظيت بموافقته، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاحات ذات طابع انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر. ويتعرض المتظاهرون في العراق لاعتداءات وصفت بالدموية ما ادى الى سقوط مئات القتلى والجرحى وسط تنديد دولي متصاعد. وتوعدت الميليشيات الشيعية العراقية التي تدين بالولاء لإيران الخميس بـ"قطع يد" التي تمتد للمرجعيات والعتبات، فيما تأتي التهديدات على اثر اقتحام متظاهرين للقنصلية الإيرانية في النجف وإضرام النار فيها في مؤشر على تحول أكثر ثقلا ضد النفوذ الإيراني في العراق. وليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها فصائل موالية لإيران المحتجين العراقيين الذين نددوا بالنفوذ الإيراني وأحرقوا أو داسوا أو ضربوا بالأحذية صورا لرموز إيرانية مثل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري وأيضا المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي. وأصدر رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر دعوة جديدة للحكومة التي وصفها بـ"الفاسدة"، للاستقالة بينما حذر من أضرموا النار في القنصلية الإيرانية بأنهم يخاطرون بالتعرض لرد عنيف من السلطات.
مشاركة :