كشف الأردن عن نواياه للاقتراض من صندوق النقد الدولي مرة أخرى، في إطار الجهود الرامية إلى سد فجوة العجز في الموازنة الناجمة عن اختلالات هيكلية في الاقتصاد. ويقول خبراء إن دخول عمّان في نفق الاقتراض مجددا سيزيد من متاعب الدولة التي لم تستطع الخروج من أزمتها الاقتصادية منذ سنوات طويلة. وأشاروا إلى أنه كان الأجدر بالحكومة وضع حلول لتعديل المسارات الخاطئة التي أدت إلى دخول الاقتصاد في متاهة من الأزمات المزمنة. وذكر وزير المالية محمد العسعس الخميس أن بلاده بدأت التفاوض على برنامج تمويل جديد مدته 3 سنوات مع صندوق النقد لحفز النمو المتوقف عند اثنين بالمئة تقريبا خلال العقد الأخير. بيد أن العسعس الذي لم يكشف عن حجم القرض المحتمل، قال إن الأردن لن يقبل “إملاءات” من مؤسسة التمويل الدولية، مشيرا إلى أن سلطات بلاده أكثر دراية من الجميع بما يلزم لحفز النمو الضعيف. وقال “الأردن لن يأخذ إملاءات خارجية في ما يخص ملفه الاقتصادي ولن نسمح لأحد بالتدخل بشؤوننا”، مؤكدا أن الحكومة ملتزمة بإصلاحات مالية عميقة. وكان صندوق النقد قد قال الاثنين الماضي، إنه بدأ مشاورات مع الأردن بشأن برنامج جديد ليحل محل اتفاق سابق استمر 3 سنوات ركز خلالها على خفض دين عام قياسي بلغ 40 مليار دولار، أي ما يعادل 94 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وذكر أنه سيرسل بعثة إلى عمّان لمواصلة المحادثات في أواخر يناير المقبل بشأن برنامج جديد بعد الاتفاق على أن الأولوية في السنوات المقبلة ستكون الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وزيادة النمو وتوفير الوظائف. وينتقد الصندوق الأردن لتباطئه في ضبط أوضاع المالية العامة، وقال إن الدين لا يزال مرتفعا والجهود الرامية لتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات فشلت في تحقيق مبتغاها. وتتوقع عمّان في موازنة العام المقبل، البالغ حجمها 9.8 مليار دينار (14 مليار دولار) والتي أقرتها الأربعاء الماضي بعجز يبلغ 2.3 بالمئة، زيادة عشرة بالمئة في الإيرادات من زيادة الدخل من الضرائب وضريبة المبيعات. وتشمل التقديرات في الموازنة مساعدات خارجية بنحو 800 مليون دولار، دون تغير عن الموازنة الحالية. وعادة ما يغطي الدعم المالي المباشر من كبار المانحين النقص المزمن في الموازنة العامة السنوية للأردن. وبلغت المساعدات الخارجية خلال الأشهر العشر الأولى من العام الحالي حوالي 2.6 مليار دولار. وكانت دول خليجية في مقدمتها السعودية والإمارات قد تعهدت بمنح الأردن حزمة إنقاذ بقيمة 2.5 مليار دولار في شكل ودائع وسلع من بينها الوقود. وقال العسعس إن الحكومة كانت قد خفضت الضرائب على السيارات والتعاملات العقارية لتحفز النمو. ويجمع محللون على أن تعديل قانون الضريبة العام الماضي، كبل بشكل كبير نشاط معظم القطاعات الاقتصادية لأنه حد من عملية الاستهلاك التي يفترض أن يكون المواطنون طرفا رئيسيا فيها. كما وجهت تلك الزيادات الضريبية الكبيرة ضربة لمعنويات المستثمرين المتضررة بالفعل من حالة الغموض السياسي
مشاركة :