فضائح لغوية في معرض الكتاب!

  • 12/1/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ما أن يهم القارئ ليتزود من معين الكتب المعروضة في معرض الكويت للكتاب ويروي عطشه الأدبي، حتى يصطدم بعشرات العناوين المكدسة والمتخمة بالأخطاء اللغوية والنحوية تلوح أمام ناظريه، لتكشف سوأة الضحالة اللغوية التي خلفها كُتاب، وكأنهم أعاجم لا يعرفون من اللغة سوى القشور، بينما لم يبذل الناشر المطلوب منه لتغطية تلك السوأة جهدا عبر التدقيق اللغوي المطلوب.«الراي» اطلعت على أخطاء «يندى لها الجبين» فحملت ما تأذت منه لأهل الميدان، الذين رموا بكرة المسؤولية في ملعب كل من الكاتب ودار النشر، إذ أكد الأمين العام الأسبق لرابطة الأدباء الدكتور عادل العبدالمغني في تصريح لـ«الراي» أن «هناك وجوها تكتب ما تسميه بالرواية أو القصة، وفي الواقع نتاج كتاباتها لا يعدو كونه كتابات ركيكة وضعيفة المستوى»، لافتاً إلى أن «هذه الكتابات الضعيفة باتت تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، معتمدة على الإثارة وبعض القضايا المنتشرة بين الشباب والتي اعتادوا التهافت عليها». وذكر أن «هناك دور نشر تظهر لأول مرة للسطح، وتحمل أسماء وألوانا غريبة ليس لها أي دلالة في تراثنا العربي»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أنه رغم تخصصه في التراث، فإنه لا يستخدم سوى العربية الفصيحة، وإن استخدم الكلمات الشعبية فإنه يضعها بين مزدوجين. ووجه العبدالمغني نصيحته للشباب بالقراءة والإطلاع على أعمال من سبقهم، والإفادة من الخبرات السابقة من أجل الابتعاد عن الأخطاء، مشدداً على أن «البقاء في النهاية لا يكون إلا للأصلح». وعن أسباب التساهل في الأخطاء اللغوية والنحوية وخروجها بهذا الشكل الفج، قال «دور النشر تبحث عن الربح ولا يهمها نوعية الكتاب، في حين أن دور النشر في السابق كانت تحرص على سمعة الكتاب، وكانت هي من تقوم بالسعي وراء الكاتب، أما الآن فالكاتب هو من يقوم بدفع الأموال لدور النشر لتقوم بالنشر له». واختتم قائلاً «ما بأيدينا الآن كتب باللهجة العامية أقرب للحواديت، وبالطبع هذا المستوى يؤذيني وللأسف فإنه امتد لوسائل الإعلام التي ما فتئت تستخدم مفردات عامية بعيدة عن لغة الضاد». أما الكاتب الأديب عبدالله خلف، صاحب موسوعة الأسماء العربية، فأكد لـ «الراي» أن «الخلط بين العامية والفصحى للأسف طال وسائل الإعلام العريقة ومن بينها هيئة الإذاعة البريطانية»، معتبراً أن «اللغة العربية تتقهقر في العالم العربي بدعوى تسهيل اللغة العربية وتبسيط قواعد النحو، كما أن المسرح لم يعد يقدم باللغة العربية». وأضاف خلف، الذي كان احد مؤسسي الإذاعة الكويتية،«اللغة العربية تحارب من أهلها، فالمدرسون في الجامعة لا يستخدمون اللغة الفصيحة وإنما يحاضرون بالعامية وهذا خطأ فادح»، لافتاً إلى أنه «عند تأسيس الإذاعة الكويتية اشترطنا عدم قبول من لا يعطش الجيم». وزاد «حتى الصحافة الكويتية بدأت في تشجيع الكتابة باللغة العامية، فلماذا تم هجر اللغة الفصيحة لحساب مفردات عامية؟». واعتبر أن «العلاج يبدأ من المرحلة الابتدائية لأن الخلل في مدرس تلك المرحلة الذي يتكلم بالعامية، ويمتد ذلك حتى المرحلة الجامعية، فضلاً عن ذلك فإن أخطاء معلمي المرحلة الابتدائية تنعكس على مستوى الكتابة والإملاء، فما يتم نطقه بشكل خاطئ من الطبيعي أن تتم كتابته بشكل خاطئ». إلى ذلك، ذكر الأديب مبارك بن شافي الهاجري، صاحب إحدى دور النشر، لـ «الراي»، أن «الروايات الحديثة باتت تعج بالكتابات العامية والأخطاء اللغوية، بسبب عدم تمّكن الكاتب الذي يرمي بالمسؤولية على دار النشر، لكن في الحقيقة أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق المؤلف». واعتبر أن «البعض يكتب حكاية ويخيل إليه أنه يكتب رواية، والكل تجرأ على الكتابة في ظل غياب اللغة الصحيحة، بينما في السابق لم يكن ليتجرأ على النشر سوى صاحب الرسالة»، مشيراً إلى أنه «في السابق كانت النخبة هي التي تقود، أما الآن مع الإستسهال بات الشارع هو الذي يقود الكاتب».وخلص بن شافي إلى أن «النشر أصبح الآن تجارة، وهناك من ينشر من اجل الشهرة ويدفع آلاف الدنانير، وليس لديه مشكلة في مقابل أن يكون مؤلفاً»، لافتاً إلى أن «تسطيح الثقافة بدأ من عصر التلفزيون، وامتد لسيطرة وسائل التواصل الإجتماعي التي جعلت النشر سهلاً». وشدد على أنه «مهما امتلأت المطابع بالكتب غير النافعة يظل الجيد جيدا وكل السيئ سيفنى عندما تتغير الظروف ويتشكل المجتمع الواعي».

مشاركة :