البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.. تعيد الطب إلى العصور المظلمة

  • 12/1/2019
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

كشف تقرير جديد صادر عن مراكز مكافحة الأمراض الأمريكية (CDC)، عن إصابة المزيد من الأشخاص بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، أكثر من أي وقت مضى. وتتسبب البكتيريا والفطريات التي لا تستجيب للمضادات الحيوية العادية في حدوث 2.8 مليون إصابة و35 ألف وفاة في الولايات المتحدة وحدها كل عام، وفقاً للأرقام الرسمية. تشمل هذه الأرقام المطثية العسيرة أو كلوستريديوم ديفيسيل، وهي بكتيريا في العادة لا تقاوم المضادات الحيوية، لكنها يمكن أن تسبب إسهالاً يهدد الحياة، فهناك أكثر من 3 ملايين إصابة و48 ألف حالة وفاة. وهذا يشير إلى زيادة بنسبة 50% في الإصابات منذ تقرير مراكز مكافحة الأمراض واتقائها في عام 2013، لكنه يشكل انخفاضاً بنسبة 18% في إجمالي الوفيات. وعلى الرغم من أن الوكالة، تشير إلى اتخاذ خطوات حثيثة لمنع انتشار الجراثيم والالتهابات، خاصة في أماكن الرعاية الصحية، إلا أن المسؤولين يقولون إن التقدم المحرز سيذهب أدراج الرياح من دون اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية. وبالنسبة للتقرير الجديد، نظرت مراكز مكافحة الأمراض واتقائها في البيانات الإلكترونية ل 700 مستشفى، بالمقارنة بالبيانات ل 180 مستشفى في عام 2013. 18 جرثومة و3 فئات وأدرج المسؤولون في الوكالة الأمريكية 18 جرثومة في لائحة التهديدات المقاومة للمضادات الحيوية، وتم تقسيمها إلى 3 فئات وهي: طارئة وخطيرة ومقلقة. وتم إدراج ثلاث جراثيم في فئة «طارئة» وهي المطثية العسيرة و الأمعائيات المقاومة للكاربابينيم (CRE)، وهي بكتيريا تسبب العدوى بما في ذلك الالتهاب الرئوي والتهابات مجرى الدم، إضافة إلى النَيسريّة البُنيّة، والتي تتسبب بمرض السيلان. ويضيف التقرير نوعين من البكتيريا الجديدة إلى فئة «طارئة» وهما: فطر داء البقع البيضاء أو «فطر الكانديدا أوريس»، وأسينيتوباكتر المقاومة للكاربابيناماس. وفطر الكانديدا أوريس، هو شكل ضار من الخميرة تميل إلى إصابة المرضى الذين يمكثون في المستشفيات لأسابيع عدة. ومصدر عوى الكانديدا ليس الشخص المصاب، بل بيئة المستشفى، بما في ذلك معدات القسطرة والأسطح الأخرى. ويمكن للفطريات أن تصيب الجروح ومجرى الدم وتتجذر في الجهاز البولي، وتقول مراكز مكافحة الأمراض واتقائها إن شخصاً واحداً من بين ثلاثة أشخاص مصابين بعدوى الكانديدا أوريس يموت. وفي الوقت ذاته، فإن أسينيتوباكتر هي عدوى أخرى مكتسبة من المستشفى تصيب الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في الجهاز المناعي أو الذين لديهم نبيتة جرثومية معوية ضارة. وهذا يعني أن الأشخاص الأصحاء الذين لديهم أجهزة مناعة طبيعية لن يتعرضوا للمرض إذا أصيبوا بالبكتيريا. وتتسبب أسينيتوباكتر في حوالي 7300 إصابة كل عام وحوالي 500 حالة وفاة. ووجد التقرير أن إحدى الجراثيم الثلاث التي سبق تصنيفها على أنها «طارئة»، وهي النَيسريّة البُنيّة، تسبب أكثر من 500 ألف إصابة سنوياً، أي ضعف العدد في عام 2013، ذلك لأن العدوى تقاوم جميع أنواع المضادات الحيوية باستثناء فئة واحدة، مما يزيد مخاطر العقم عند النساء والإصابة بفيروس العوز المناعي البشري بين الرجال.وتضاعف عدد الإصابات بالعقديّة المقيِّحة، التي تتسبب بالتهاب البلعوم العقدي و الحمى القرمزية، إلى أربعة أمثال ما كان عليه الأمر في 2013، لتصل إلى أكثر من 5 آلاف حالة. وحذر التقرير من أنه في حال تنامت مقاومة البكتيريا، فإن الإصابات والوفيات قد ترتفع. وعلى الرغم من هذه الأرقام المحبطة، لا تزال هناك بعض الأخبار الجيدة؛ حيث كشف التقرير عن أن الجهود الوقائية، ساعدت في تقليل عدد الوفيات من الإصابات البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية بنسبة 30% في المستشفيات منذ عام 2013. إضافة إلى ذلك، فإن الالتهابات المتعلقة بالإصابة بالمطثية العسيرة، مستقرة، بعد انتشارها في جميع أنحاء الولايات المتحدة في أوائل الألفية. توصيات للوقاية وقال الدكتور روبرت ريدفيلدر، مدير مراكز مكافحة الأمراض واتقائها إن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تشكل تهديداً أكبر مما كان مقدراً من قبل، وهذا التهديد موجود ولن يذهب إلى أي مكان، مشيراً إلى أن مقاومات المضادات الحيوية تهدد الصحة العالمية. وأصدرت مراكز مكافحة الأمراض توصيات حول كيفية الحد من خطر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، بما في ذلك تناول المضادات الحيوية فقط عند الضرورة، والحفاظ على النظافة العامة والحصول على التطعيمات الضرورية والحد من الملوثات أثناء إعداد الطعام، وقد أثيرت المخاوف مراراً وتكراراً من أن الأدوية ستعود إلى «العصور المظلمة»، في حال أصبحت المضادات الحيوية غير فعالة في السنوات المقبلة. وأوضح الدكتور تيم جينكس، رئيس برنامج الإصابات المقاومة للعقاقير في مؤسسة «ويلكوم» البريطانية، أن هذا التقرير يدق ناقوس الخطر لكل من هو مهتم بحماية وتحسين الحالة الصحية للبشر ومكافحة الأمراض المعدية، مضيفاً: «إن الانتشار السريع لهذه الإصابات الخطرة، يحدث الآن، ويسبب مشاكل للأطباء والمرضى كل يوم وفي جميع بلدان العالم، ومن الضروري اتخاذ خطوات أكبر إذا أردنا حماية شعوبنا وإنقاذ وتحسين حياة المرضى». مقاومة الأدوية يصف الأطباء بشكل عشوائي المضادات الحيوية سواء للحالات التي تستدعي أو التي لا تستدعي، لعقود، مما أدى إلى تحول البكتيريا غير المؤذية إلى مقاومة للمضادات الحيوية. وسبق وأن حذرت منظمة الصحة العالمية (WHO) من أنه في حال عدم التحرك لاتخاذ الخطوات اللازمة، فإن العالم سيتجه إلى حقبة ما بعد المضادات الحيوية. مشيرة إلى أن الإصابات الشائعة مثل داء المتدثرات أو الكلاميديا، ستصبح قاتلة من دون التوصل إلى حلول فورية للأزمة المتنامية. ويمكن أن تصبح البكتيريا مقاومة للأدوية عندما يتناول الناس جرعات غير صحيحة من المضادات الحيوية، وإذا ما تم إعطاؤها من دون داعٍ. وتشير التقديرات إلى أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ستقتل 10 ملايين شخص كل عام بحلول عام 2050. ويموت ما يقرب من 700 ألف شخص سنوياً بسبب العدوى المقاومة للعقاقير، بما في ذلك السل، وفيروس العوز المناعي البشري (HIV) والملاريا في جميع أنحاء العالم. اًوفي الوقت الذي أصبحت فيه الأدوية الموجودة أقل فعالية، إلا أنه لم يتم تطوير إلا نوعاً أو نوعين من المضادات الحيوية الجديدة خلال الثلاثين عاماً الماضية. وفي سبتمبر الماضي، حذرت منظمة الصحة العالمية، من أن المضادات الحيوية تنفذ، وهناك نقص كبير في العقاقير الجديدة قيد التطوير. ومن دون المضادات الحيوية الفعالة، فإن عمليات الولادة القيصرية والعلاجات السرطانية و استبدال مفصل الورك، ستصبح محفوفة بالمخاطر.

مشاركة :