< قَلَبَ أعضاء مجلس الشورى السعودي الطاولة في وجه المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، واختصروا مشهدها الكامل في العنوان أعلاه. الغضب الذي صبه أعضاؤنا الكرام على المؤسسة يغلب العاطفة أكثر من العقل، فالمؤسسة تواجه تحديات ضخمة يقف على هرمها النظرة الاجتماعية المتدنية لها ولخريجيها، إذ لا تزال الرؤية تتحدث عن المؤسسة كآخر الحلول والفرص المتاحة لطالب الثانوية العامة، ويعرف كثير من الساخرين أن شبابنا المنضمين إلى كلياتها يتداولون سراً فيما بينهم مسمى «كليات رضا الوالدين» ولكم حرية تفسير في ما بعد ذلك، وذاك لا يُغفل ويُقصي تقصير المؤسسة، لكنه تقصير عام شامل لمؤسساتنا التعليمية والتدريبية المعنية بالشباب السعودي ودفعهم لسوق العمل. الهبوط عام وإن فرحنا على فترات متفاوتة بمخرجات مطمئنة، ولكن ليسأل أعضاء مجلس الشورى الشاب السعودي الذاهب لكرسي قبول في المؤسسة لماذا ذهبت إليه؟ وماذا عن رغبتك من الأساس في القبول؟ حتى نعرف هل يذهب من أجل مستقبل أم ضمان اجتماعي موقت؟..الأسئلة نفسها تصلح للعبور على كل شبابنا الذاهبين لمقاعد قبول في جل جامعاتنا، ونحكم من هذا المربع على جودة المخرج وكفاءته. النقد المتواصل لمجلس الشورى بين وقت وآخر والعبارات البراقة والآراء القاطعة تجاه مؤسسات كبرى في الدولة لن يصنع شيئاً إذا كنا متورطون في جمل «هكذا أراها وسمعت عنها ويقولون لي»، وهي جمل تصرف بالمجان، وتقال متى تطلّبت المساحة المشاركة العابرة أو تجريب حبال الصوت. ألتقي طلاباً جامعيين حديثي التخرج، وأتساءل كيف تخرج هؤلاء؟ التساؤل ذاته نبعثه لفئة من خريجي المؤسسة، لكني ضد أن نعمم الفشل على مؤسسة لها سنوات طويلة بيننا ومعنا، التعميم جائر وظالم، هناك خريجو جامعات بتخصصات فنية لا يستطيعون تغيير لمبة على حد تعبير أعضاء في مجلس الشورى، ولكن هل عدم قدرتهم على فعل ذلك رغم حصولهم على «الكارت» الأهم في مشوار التعلم «التخرج» عائد لضعف المخرجات في إطار عام، أم هو فشل ذريع في ما يقدم من مناهج وخطط عمل، أم أن التخرج يعني الحصول على الدرجات الكافية في كل منهج من المناهج من دون قياس درجات المستوى والاستحقاق الفعلي؟ مجتمعنا يظن أن كل عضو من أعضاء مجلس الشورى قادر على تغيير لمبة منزله في ما لو تعرضت لعطل والعطل احتمال ضعيف، لأن النظرة ذاتها تعتقد أن منازل الأعضاء بلا أعطال مطلقاً. النظرة ذاتها التي رأى بها مجلس الشورى لخريجي المؤسسة نظرة سريعة عاجلة يفترض أن تقال بعد الإلمام التام بما حاولت المؤسسة فعله وما تنوي فعله، ولماذا هي خارج نطاق التغطية إن كان هناك نطاق تغطية في الأساس لشبابنا في المجمل؟، قد يكون الشق أكبر من قدرة المؤسسة وبعيداً عن إمكانات تغطيتها. «اللمبة» ليست اختبار القياس الدقيق لجودة مخرجات جامعة أو مؤسسة إلا أن نوحد القياس في هذه الجزئية فهنا لا بد أن نضع «اختبار كفايات» لخريجي المؤسسة ونختصره في القدرة على تغيير «لمبة»، وربما نحتاجه في الترشيح لمجلس الشورى ولو من باب التسلية وتوزيع القفشات والضحكات، أعضاء مجلس الشورى يجب أن يذهبوا عاجلاً للمؤسسة، ويقولوا لنا ما الذي يحدث هناك بالضبط، وأن تكون شجاعتهم في نقل الصورة كما هي كشجاعتهم في النقد الشعبي الخاطف.
مشاركة :