يلقى الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية والمدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية اليوم الأحد محاضرة بعنوان (بناء الشخصية الوطنية) بأكاديمية الأوقاف الدولية للتدريب بالسادس من أكتوبر. يأتي ذلك في إطار فعاليات الدورة التدريبية المشتركة الثانية لرفع مهارات معلمي التربية الدينية الإسلامية المنعقدة بالتعاون والتنسيق بين وزارتي الأوقاف والتربية والتعليم وبرعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني.وتستهدف المحاضرة تمكين معلمي التربية الدينية المشاركين في الدورة من المعارف والمهارات المرتبطة بدورهم كمعلمين للتربية الدينية، يسهمون في بناء الشخصية الوطنية القادرة على البناء والعطاء بلا حدود، ونشر السلام والمحبة في أرجائه، ويكتسبون اتجاهات إيجابية نحو هذه القضية، خصوصا وأن وظيفــة المعلم ستظل من أهم الوظائف وأنبلها وأشرفها وأعظمها في هذه الحياة. تتناول المحاضرة عدة محاور مهمة من بينها: تعريف الدولة المدنية ومقوماتها وعناصرها، والتطبيق النبوي العظيم لروح مدنيـّة الدولة، من خلال إزالة الأحقاد بين الأوس والخزرج، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وإبرام معاهدة (وثيقة المدينة) لدعم المواطنة، وترسيخ الحقوق والواجبات وتحقيق السلام الاجتماعي، وتحقيق العدل والمساواة بين الجميع كما رسخها في قوله الشريف: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)، وإرسال السفراء إلى الملوك والحكام، وإبرام المعاهدات والتكتلات، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وبناء المؤسسات وعلى رأسها المسجد، والاهتمام بالمرأة وبدورها المحوري، ورعاية الفقراء والضعفاء، وترسيخ الشورى، والتخطيط للحفاظ على كينونة الدولة وقوتها، والعمل على تنميتها الشاملة في شتى المجالات. كما تتضمن الحديث عن فرائد الشخصية المصرية وسماتها، حيث إنها متدينة بفطرتها، ومتسامحة، حرة وعزيزة وأبية، متلاحمة وقاهرة وقت الشدائد والمنح، تتميز بالصلابة والدعابة في آن واحد، مبدعة ينتظر الآخرون ما تقوم به ليسيروا خلفها وعلى نهجها، وتعاقب عليها عبر تاريخها المديد صنوف من الغزاة والمحتلين، غير أنها واجهت التحديات والأعداء بمنتهى البسالة وما تزال، ثم تتناول الحديث عن المسلمين والمسيحيين في مصر كنموذج فريد في الوحدة الوطنية والتآلف عبر التاريخ حيث خرج المشايخ والقساوسة في مظاهرات ثورة 1919 ضد الاحتلال، وتبادلوا الخطب في المساجد وفي الكنائس، إذ خطب المشايخ في الكنائس، وخطب القساوسة في المساجد في ملحمة وطنية شريفة، وما تزال هذه الروح المتلاحمة سارية في شرايين الوطن وأوصاله وستظل إلى يوم القيامة لأنهم في رباط إلى يوم الدين.كما تتطرق إلى ما قاله اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني الذي حكم مصر 25 عاما في مذكراته عن مصر، حيث قال: (لم أجد في مصر غير الشعب الواحد، لم أجد فارقًا بين مسلم ومسيحي فيها، ولم أكن أستطيع أن أميز بينهما إلّا عندما يدخل المسلم ليصلي في المسجد، ويدخل المسيحي ليصلي في الكنيسة) والأغرب من ذلك أن كثيرا من الكنائس بناها مقاولون مسلمون، وأن كثيرا من المساجد بناها مقاولون مسيحيون.كما يتطرق الدكتور أحمد علي سليمان في محاضرته بالتفصيل عن المهارات العامة اللازمة لمعلمي التربية الدينية، والمبادئ العامة لبناء الشخصية الوطنية من خلال: البناء النفسي والروحي وزراعة ثقافة الأمل والتفاؤل في نفس المتعلم ووجدانه، ومقومات البناء النفسي والروحي للشخصية الوطنية، والبناء الأخلاقي لها؛ بترسيخ قيم الاتقان والإحسان في كل شيء، ومع كل الناس والمخلوقات، وفي كل حال، وغرس ثقافة الأناقة في نفس المتعلم وفي وجدانه سواء أكانت أناقة الفكر أم القول أم السلوك أم المظهر والأهم أناقة الجــوهر، ثم تتطرق المحاضرة للبناء العقلي والفكري للشخصية الوطنية والذي ينطلق من خلال التعليم المتسامح المبني على أصول دينية حقيقية، ويركز على: التسامح والتعددية وقبول الآخر والعدل المساواة المطلقة، والإعلاء من قيمة الإنسان ومن إنسانيته، التركيز على غرس القيم الدافعة للتقدم في الفكر الإسلامي في عقول المتعلمين، وترسيخ التفكير الناقد لدى الشخصية الوطنية؛ لتمكينها من عمليات الفرز والغربلة والتمييز بين الغث والسمين، ومواجهة الشائعات والاستقطاب، كما تتضمن الحديث عن البناء الثقافي وبناء المسئولية الاجتماعية والإيجابية للفرد تجاه الوطن.
مشاركة :