يسلّم جان كلود يونكر الأحد رئاسة المفوضية الأوروبية إلى الألمانية أورسولا فون دير لاين، ويصفّي حسابات مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لا تكون دوماً على مستوى التحديات. تُعرَف عن الرجل الذي قدم من لوكسمبورغ صراحتُه التي تزيد الخشية منه. فقد سبق له أن قال في مقابلاته الصحافية العديدة إنّه شعر بالخذلان نتيجة الضغوط التي مارسها بعض رؤساء الدول والحكومات بهدف "إخراج" اليونان من منطقة اليورو، ونتيجة نقص التضامن حيال مآسي الهجرة التي عرفتها القارة العجوز. ويرفض يونكر الإفصاح عن المزيد إذ أنّ "ذلك سيجبرني على الحديث بالسوء عن أشخاص عديدين". غير أنّ كلّ شيء سجّله في دفتر ملاحظات أسماه "موريس الصغير"، متعهّداً بكتابة مذكراته التي ستغطي فترة 30 عاماً.في الذكرى 10 لمعاهدة لشبونة واجتمع الزعماء الجدد للمؤسسة الأوروبية في بروكسل لإعطاء إشارة انطلاق عمل رئيسة المفوضية الجديدة، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، والاحتفال لوقت قصير بالذكرى العاشرة لمعاهدة لشبونة، التي أتاحت تعديل هندسة مؤسسات الاتحاد الاوروبي، خاصة فيما تعلق منها بإنشاء منصب رئيس للمجلس الأوروبي. وكانت المعاهدة تم إقرارها سنة 2007 لتحل محل الدستور الأوروبي الذي رفضته فرنسا وهولندا سنة 2005، ودخلت حيز التنفيذ سنة 2009. وتضم المعاهدة سبعة فصول، وتنص خاصة على الحقوق الموسعة لبرلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد، والسياسات المشتركة في مجالات مثل الطاقة والمناخ.مسيرة يونكر تولى يونكر (64 عاماً) خلال مسيرته السياسية وزارة المال في لوكسمبورغ بين 1989 و2009، ثمّ رئاسة الوزراء لمدة 18 عاماً، من 20 كانون الثاني/يناير 1995 إلى 4 كانون الأول/ديسمبر 2013، ويعدّ آخر مهندسي معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1992، والتي لا تزال قائمة إلى اليوم. وفي هذا الصدد، مازح يونكر الصحافيين الجمعة، في آخر مؤتمر صحافي له، قائلاً: "لطالما قلت إنني واليورو الباقيين الوحيدين من معاهدة ماستريخت. اليوم لم يبق سوى اليورو". ودّع يونكر خلال مسيرته العديد من الأصدقاء، وبات الموت يطبع العديد من خواطره. فقد سبق له أن كان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل عن هذه الدنيا في عام 1989 حين دخل في غيبوبة لمدة ثلاثة أسابيع على إثر حادث سيارة خطير.شخصية جذابة وقد يعدّ يونكر من بين الأكثر جاذبية وإبهاراً بين الذين مروا على رئاسة المفوضية الأوروبية، نظراً لشخصيته الغريبة والمعقّدة. وكان مقرّباً من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فيما أدت انتقاداته لعدد من قرارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى توتر العلاقة سريعاً بينهما. واصطدم يونكر بالشعبوي المجري فيكتور أوربان، وطالب بإخراجه من "الحزب الشعبي الأوروبي"، في إشارة إلى عائلتهما السياسية الأوروبية المشتركة. كما أنّه لم يوفّر رئيس الوزارء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، وهو يرى أنّه السبب وراء انفصال بريطانيا عن التكتل. وأنهى يونكر ولايته مرهقاً، لكن برغم إجرائه عملية جراحية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أنّه عاد إلى بروكسل لإتمام الوداع، وقال: "أنا سعيد بالمغادرة، أن تكون رئيساً للمفوضية الأوروبية ليست مهمة سهلة".تتابع الأزمات واتصفت ولاية يونكر بتتابع الأزمات. بدأ ذلك غداة تقلّده رئاسة المفوضية مع فضيحة "لوكس ليكس" (تسريبات لوكسمبورغ)، المرتبطة بالتهرّب الضريبي، تبعتها سبعة أشهر من التوتر مع اليونان، ثم مآسي الهجرة، فبريكست والمواجهة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويعتبر سيباستيان مايار، مدير معهد جاك ديلور، أنّ مفوضية يونكر كانت سياسية، حين اضطلعت بدورها بفطنة في وجه دونالد ترامب بهدف عدم تأجيج الحرب التجارية. وكانت كذلك مع ميشال بارنييه خلال إدارته لبريكست، والحفاظ على تماسك الأعضاء ال27. ويرى يونكر أنّ في مقابل ذلك، لم تنجح (مفوضيته) في أن تكون سياسية بما يخص أزمة الهجرة، فمقترحه بالتوزيع التلقائي لطالبي اللجوء اصطدم باستياء دول شرق أوروبا، وفقد جدواه. وارتكب جان كلود يونكر أخطاء، وأقرّ بها علانية، فهو لم يقدّر مدى الاستياء الناجم عن "لوكس ليكس، ولم يجرؤ على الاعتراض على مؤيدي بريكست في المملكة المتحدة، كما أنّه قلل من شأن معارضة دول أوروبا الشرقية لمقترحاته، بشأن توزيع المهاجرين. وثمة انتقاد آخر جرى توجيهه إلى يونكر، على خلفية عدم اهتمامه بالإدارة اليومية للمفوضية، حيث أوكل بعض تلك المهمة إلى مدير مكتبه، الألماني مارتن سلماير.تتابعون على يورونيوز أيضا: شارل ميشيل يتسلّم رئاسة المجلس الأوروبي خلفاً لدونالد توسك تعرف على أبرز المفوضين الأوروبيين الجدد الذي منحهم البرلمان الثقة جونسون: سنغادر التكتل في الموعد المقرر إذا فاز المحافظون بالانتخابات
مشاركة :