انتقل طوني هيثمان البالغ من العمر 70 عاما من رعي الأغنام وجز صوفها إلى السياحة في جزر فوكلاند البريطانية حيث يشهد هذا القطاع ازدهارا في السنوات الأخيرة. ويعمل هيثمان مع ابنته نيري البالغة من العمر 38 عاما، والتي تملك شركة “إستانسيا تورز” السياحية، في هذه الجزر الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي كمرشد سياحي بعدما سلم إدارة مزرعته لابنته الأخرى قبل فترة طويلة. وقال هيثمان “يوفر الكثير من الأشخاص أيام إجازاتهم للمجيء إلى هنا”. إرشاد السياح إلى فولونتير بوينت -وهي شبه جزيرة تشتهر بنوع مميز من طيور البطريق وتعتبر من أبرز مناطق الجذب السياحي في جزر فوكلاند- هي المهمة الرئيسية لهيثمان حاليا. وأوضح “هذا العمل مربح جدا والبعض يعتمد عليه للحصول على أموال إضافية. وهو يتمثل في تمضية اليوم في الخارج وتبادل الآراء حول مواضيع مختلفة والتحدث عن الحياة في هذه الجزر والعالم. أنا أستمتع به”. ومع ذلك، تبقى تربية الأغنام طريقة تقليدية لكسب لقمة العيش بالنسبة إلى بعض السكان، رغم المجتمع الذي يتحول إلى الحداثة ونزوح العمال إلى ستانلي، المدينة الوحيدة في الأرخبيل. وتوجد في فوكلاند 92 مزرعة وحوالي 500 ألف رأس غنم. وتوظف مزرعة غوز غرين في شرق فوكلاند خمسة قصابين لجز الصوف عن الأغنام وخمس نساء لتفريق الخيطان، في مهمة شاقة. وقال مدير المزرعة كيث ألازيا البالغ من العمر 47 عاما “يعتمد عدد الأغنام التي يجز صوفها في اليوم على قدرة العاملي ويعمل الموظفون لديه لمدة ثمانية أيام ونصف اليوم على التوالي جازين 13.500 رأس غنم، أي بمعدل 1.500 رأس غنم في اليوم. ثم ينقلون إلى مزرعة أخرى. ويمكن أن يكسبوا حوالي جنيه إسترليني لكل حيوان. وأضاف ألازيا “جزَّ العمالُ في جزر فوكلاند 25 ألف خروف خلال الموسم الذي امتد على خمسة أشهر محصلين 25 ألف جنيه إسترليني”. لكن في سلسلة جزر نائية ذات طقس قاس، حيث يقول السكان إنه يمكن أن تتبدل الأحوال الجوية بانتظام، فإن هذا العمل لا يناسب الجميع. وحتى تربية الأغنام أيضا لا تلائم الجميع. وقالت جوان بايغوري، العاملة في البنك الوحيد الموجود في الجزر، “لديك سكان فوكلاند الحقيقيون الذين ما زالوا يعملون في المزارع ويبلغون من العمر 90 عاما وهم يخرجون كل يوم لرعي الخراف. لكن لديك أيضا بعض السكان الذين يحبون العيش في المدينة والاستمتاع برفاهيتها من تدفئة وخدمة إنترنت وأمور مماثلة”. ويمكن أن تكون الحياة في هذه الجزر بطيئة إلى حد أن الافتتاح الذي حصل أخيرا لصالة سينما في ستانلي تسبب في ضجة. ولا توجد في فوكلاند ملاه ليلية والحصول على خدمة الإنترنت البطيئة أمر مكلف. وتفتح المطاعم أبوابها حوالي الساعة السادسة مساء وتتوقف عن تلقي الطلبات في معظم الأحيان عند الساعة الثامنة والنصف مساء. لكن هذه البلدة الصغيرة تملك جانبا إيجابيا، فهي مكان لا يقفل فيه السكان أبواب منازلهم أو سياراتهم. وأوضحت بايغوري (27 عاما) “أحب العيش هنا. لدي ثلاثة أولاد. وهو مكان آمن لتربية الأطفال”. وهو أيضا مكان يضم الكثير من الجنسيات. تعيش في جزر فوكلاند 3400 نسمة من 60 جنسية مختلفة، و10 بالمئة من بينهم تشيليون في حين أن هناك جاليات كبيرة من الفلبين وسانت هيلينا وزيمبابوي. وقال التشيلي غابي ماكراي (31 عاما)الذي يعمل في مجال مراقبة الجودة في إحدى شركات اللحوم، “وقعت في غرام جزر فوكلاند وفي غرام سكانها المحليين”.
مشاركة :