الأنهار الجليدية الساحرة فوق قمة جبل كليمنجارو

  • 5/17/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الأنهار الجليدية لجبل كليمنجارو كأمواج متجمدة على جزيرة سماوية. ورغم وجودها الآن، فهي لن تدوم طويلاً. هناك أسباب لا تُحصى تجذب ما يقرب من 40 ألف رحالة سنوياً إلى جبل كليمنجارو بدولة تنزانيا، من بينها المجد الذي يحصلون عليه بتسلقهم أعلى جبل في العالم قائمٍ بذاته، ومنها روعة الوقوف على قمة أعلى جبل في أفريقيا، حيث تقع القارة العظيمة تحت قدميك، ومنها أيضا مكافأة تحصل عليها برؤية الأنهار الجليدية الساحرة لتلك القمة الجبلية. إنها بعضٌ من أنهار الجليد الاستوائية الوحيدة الموجودة على سطح كرتنا الأرضية. فقد أوردت دراسة مروعة نشرت في مجلة ساينس عام 2002، أنه يُفترض إختفاء الأنهار الجليدية بين أعوام 2015-2020. وهذا يعني أن ذلك بدأ الآن. لا زال هناك متسع من الوقت لكن تفيد الأخبار السارة أن خبراء الأنهار الجليدية وعلماء البيئة في المتنزه الوطني لجبل كليمنجارو يعتقدون حالياً أن الجليد – الذي يعود لـ 11،700 عاماً - لا يمكن أن يزول في الأعوام الخمسة القادمة، وحتى في الأعوام الخمسة عشر القادمة. أما الأخبار المؤسفة، فتفيد بأن الأنهار الجليدية لا تزال تواصل إنحسارها. وتشير التقديرات الجديدة إلى أنها ستختفي بحلول عام 2040، وقد يزيد ذلك أو يقل بمقدار عشر سنوات. أنهار جليدية عملاقة ومهيبة رأيت الأنهار الجليدية بنفسي عندما شرعت في صعود الجبل في شهر يوليو/تموز. وقد بدت لي مثل الوصف الشهير للكاتب إرنست همنغواي في مؤلفه ثلوج كليمنجارو: واسعة كاتساع العالم كله، وعظيمة، وشامخة، وتبدو بيضاء تحت الشمس بشكل مذهل... يصعب عليّ أن أفهم أن هذه الأنهار العملاقة ستختفي تدريجياً. إنها ضخمة جداً، وصامدة تماماً، ومهيبة جدا. تغير حتمي اختلفت التقارير حول أسباب انحسار تلك الأنهار الجليدية، حيث يعزي العديد منها إلى الاحتباس الحراري العالمي. لكن المثير في الأمر أن العوامل البشرية لها تأثير قليل على ذلك الانحسار. فحجم الأنهار الجليدية يتضاءل بسبب تغيرات مناخية طبيعية وحتمية حدثت في النصف الأول من القرن التاسع عشر (قبل صناعة السيارات وظهور الأسباب الكبرى لتلوث البيئة)، مما أدى إلى نقص كميات المطر المنهمرة عند قمة جبل كليمنجارو. إنه ببساطة تغير جعل الظروف الحالية غير ملائمة لبقاء الأنهار الجليدية الاستوائية. يقول جورج كيزر، عالم مختص بالأنهار الجليدية بجامعة أنسبروغ بالنمسا: إن أشعة الشمس القوية، إضافة إلى نقص الرياح، يعملان على خلق طبقة ’دافئة ومبللة‘ بسمك ميلليمتر واحد على كامل سطوح المنحدرات. ويضيف: يؤدي هذا بدوره إلى ذوبان الجليد بدرجات حرارة الهواء الموجود هناك، وهي عشرة درجات تحت الصفر أو أقل. ثم يأتي دور ظاهرة التسامي (أي تحول الثلج والجليد إلى بخار دون المرور بالحالة السائلة) التي تبدأ مع وجود أقل نسمة هواء. هذان العاملان يؤديان معاً إلى تراجع مستمر للأنهار الجليدية. رويداً، رويدا كمتسلق جبال، كنت أجد صعوبة في تصور حدوث ذوبان على قمة جبل كليمنجارو. فقد كان البرد والجفاف يصلان إلى درجات قصوى تؤدي إلى تشقق الشفاه ورؤوس الأصابع، بالرغم من أن جسمي محمي بخمس طبقات من الملابس. وهناك شعار باللغة السواحيلية وهو پول-پول ويعني رويداً، رويدا، والذي كان يستخدمه دليل رحلتنا مراراً وتكراراً، فقد كانت كل خطوة صعود شاقة ومجهِدة. حل غير متوقع ما الذي يمكن أن يعكس عملية زوال أنهار الجليد؟ لسوء الحظ، ليس هناك الكثير مما يمكن أن يقوم به البشر. فقط تساقط كثيف للثلوج يمكنه أن يملأ الأرض الجرداء الواقعة بين الجليد ويعيق انحساره. آخر مرة حصل فيها تساقط مكثف للثلوج كان في النصف الأول من القرن التاسع عشر. يقول كيزر: إن خسارة أنهار كليمنجارو الجليدية أمر حتمي حتى بدون تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري. هذا إذا لم تقع تغييرات معتبرة في المحيط الهندي خلال العقد القادم أو العقدين القادمين، والتي تسبب تكرارا في حصول مواسم الأمطار القوية والوفيرة في الشرق الأفريقي. لكن احتمال حصول هذا غير مؤكد. سباق مع الزمن حتى ذلك الوقت، يُعد هذا الجمال القديم للأنهار الجليدية أحد أهم الأسباب حالياً التي تدفعنا إلى تسلق الجبل المشهور. يمكنك أن تأخذ مسلك ماكيم، وهو أحد المسارات السبع نحو القمة. إنه مشهور بشكل خاص كمعبر إلى قمم كليمنجارو العديدة. إنه يمر من الغابات المطيرة المورقة في قاعدة الجبل إلى البراري المتفرقة في الوسط ليصل إلى الصحاري الجبلية العليا صوب القمة. أمواج متجمدة في السماء عند وصولك إلى القمة، لا تركّز فقط على علامة التهنئة المشهورة التي تظهر في كثير من الصور التي تُلتقط إحتفالاً ببلوغ قمة ذلك الجبل. أدر انتباهك (وعدسة كاميرتك) صوب أنهار الجليد الصاعدة نحو الأعلى كأنها أمواج متجمدة في جزيرة سماوية – والتي يمكن أن نراها الآن، لكنها لن تدوم طويلاً. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Travel.

مشاركة :