بعد سبعين سنة من اول لقاء قمة تاريخي سعودي ـ امريكي 1945ـ 2015 بين الملك عبدالعزيز وفرانكلين روزفلت على ظهر المدمرة الامريكية كوينسي التي نقلته الى مؤتمر قمة يالطا، لوضع اساس وقواعد السلام بعد نهاية الحرب العالمية وتأسيس الامم المتحدة، وشكلت معاهدة كوينسي مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، حيث تم مناقشة أهمية الاستقرار في الخليج ومجمل المنطقة، خاصة وان العالم بين الحربين اهتم باهمية طاقة النفط المؤثرة في السياسات الدولية ونزاعاتها الى جانب دورها الاقتصادي والاستثماري وحاجة العالم الصناعي والثالث يومها لتلك الطاقة لاعادة اعمار كل الالة الصناعية المعطلة والتعمير الضروري للبلدان، التي دمرتها الحرب تدميرا كاملا. واذا ما عرفنا اهمية النفط في ذلك الوقت كم كان مفصليا للحروب والصراعات، فاننا اليوم لا نحتاج لتمعن أعمق لتلك الاهمية العالمية للنفط، فهو المحرك الفعال لمجمل الانشطة السياسية والاقتصادية بمعنى مباشر وغير مباشر، وسعداء من امتلكوا تلك الطاقة الثمينة في عصرنا، وقد كان استقرار دول الخليج في حينه ينبع من طمع دول كبرى في الجوار، تتفتح شهيتها للنزعة التوسعية واحتلال حدود بلدان اخرى بدت لتوها تنميتها وترسيخ دولها، وكانت تسعى للخروج تدريجيا من هيمنة الشركات الاستعمارية ونيل استقلالها الحديث. وقد كان العراق وايران والانظمة الراديكالية في المنطقة كلها تسعى لخلخلة استقرار الدول الفتية الحديثة في منطقة الخليج. تحركت مياه تحت الجسر العربي الكبير خلال تلك السبعين سنة وتحركت رمال الربع الخالي سياسيا في تلك الحقبة، ولكن المنطقة والدول الخليجية في صراع حقبة الحرب الباردة استطاعت أن تؤسس لتنمية عصرية متقدمة، فيما دول المحاور الراديكالية اصابها التعطل في عجلة التغيير، وتراجعت كل مكاسبها وتنميتها للوراء، بل وتفككت انظمة وسقطت معابد ثورية كجزء من استكمال مرحلة الانهيار الكبير لللاتحاد السوفيتي. اليوم يجلس في قمة تاريخية ثانية كتلة اقتصادية وسياسية جديدة في العالم تسمى دول مجلس التعاون، ويكون حضورها كقمة ثانية تأسيس لاستكمال التطور التاريخي في المنطقة، بحيث برهنت هذه الكتلة الاقليمية الجديدة، انها رقم مهم في خارطة الاقتصاد العالمي، وبات تكتلا مهما ضمن التكلات الجديدة المستقرة والحيوية. في قمة كامب ديفيد، يؤكد هذا التكتل وقادة الدول الخليجية أنهم يؤسسون مجددا ثوابت علاقات استراتيجية مع دولة عظمى مبنية على اسس الشراكة المتساوية والفهم المشترك للمصالح المتبادلة، فقد اكتشفت وادركت انها لابد وأن تعيد النظر لكل اوراقها الخفية والمعلنة، خاصة وأن الربيع العربي اربك البيت الابيض كثيرا، فكان رهانه خاسرا على متغيرات طارئة في الوضع الدولي عاشتها دول المنطقة كجزء من رياح المتغير العالمي. وتوزع جدول اعمال البيت الابيض على مستويين سياسيين الاول اللقاء الثنائي مع المملكة السعودية والثاني اللقاء الجماعي مع قادة الدول الخليجية، وهناك في المنتجع التاريخي تمت مناقشة ما تم التمهيد له في اجتماع ابكر في البيت الابيض، سيتمحور في القضايا الثلاث الاساسية. 1ـ الملف الايراني. 2ـ مكافحة الارهاب. 3ـ الوضع في اليمن ودول المنطقة. ولكي نكون اكثر تفصيلا للمحاور الثلاثة، فان قادة دول مجلس التعاون سعوا للخروج من القمة بضمانات امريكية تتعلق بايران، كما يعول لقاء القادة مع اوباما ان تكون اللقاءات حاسمة في تحديد شكل العلاقات الامريكية الخليجية في المستقبل. وقد انصبت المحادثات على المخاوف من تنامي النفوذ الايراني في المنطقة وكذلك مكافحة الارهاب وعلى راسه تنظيم الدولة الاسلامية وباهمية التعاون العسكري الثنائي والجماعي، وبضرورة معالجة الازمة السورية وايجاد حكومة شرعية وتخفيف المعاناة الانسانية، واطلاق عملية سياسية تقود الى تشكيل حكومة جامعة وشرعية في سوريا. يستنتج من خلفية الحوارات، ما قبلها وبعدها أن القادة على الطرفين يسعيان قدر الامكان الحفاظ على الدولة هناك من الانهيار كما حدث في تجربة حكومة صدام التاريخية، والتركيز على رحيل بشار الاسد وحلقته الضيقة.
مشاركة :