سلطان .. وجدان‮ ‬يهجس بحب مصر

  • 5/18/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يمثل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي‮ ‬عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نموذجاً‮ ‬لطراز نادر،‮ ‬وفريد من المثقفين العرب،‮ ‬فهو لا‮ ‬يتوقف عن العطاء،‮ ‬في‮ ‬المجالات كافة،‮ ‬ويعمل على تأسيس البنية التحتية للثقافة،‮ ‬من خلال تشييد المؤسسات الحيوية،‮ ‬التي‮ ‬ترسخ الوعي‮ ‬الفكري‮ ‬والثقافي‮ ‬لأبناء هذه الأمة،‮ ‬لحماية ذاكرتها من الاندثار والتراجع،‮ ‬فأياديه تمتد إلى خارج الشارقة لتقدم الرعاية للإبداع والمبدعين في‮ ‬أكثر من قطر عربي،‮ ‬ومن ذلك التبرع بما‮ ‬يزيد على‮ ‬21‮ ‬مليون جنيه مصري،‮ ‬تخصص لصندوق علاج المبدعين والكتاب باتحاد الكتاب المصريين،‮ ‬حيث‮ ‬يعول سموه على مثقفي‮ ‬هذه الأمة كثيراً لتحقيق نهضة عربية شاملة‮.‬ في‮ ‬كل تحركاته‮ ‬يعكس سموه حساً‮ ‬إنسانياً‮ ‬ووعياً‮ ‬ثقافيا كبيرين،‮ ‬لم نشاهدهما لدى كثيرين في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬ممن‮ ‬يمتلكون الثروة والسلطة،‮ ‬وفي‮ ‬كل حالة من تلك الحالات نراه‮ ‬يتمتع بخصال إنسانية عديدة،‮ ‬منها رفضه الإعلان عما‮ ‬يفعله،‮ ‬فبالمصادفة عرفنا في‮ ‬أثناء الاحتفال بافتتاح مبنى اتحاد الآثاريين العرب في‮ ‬القاهرة،‮ ‬أنه تبرع لإقامة بيت للمسنين‮ ‬يكفل الرعاية للفنانين المصريين في‮ ‬أخريات أيامهم،‮ ‬مثلما قدم مبادرة أخرى،‮ ‬بانت بشائرها في‮ ‬الأيام الأخيرة،‮ ‬حين قام سموه بإنشاء عدد من المدارس والمساجد في‮ ‬مسقط رأس كل شهيد من شهداء مذبحة رفح،‮ ‬الذين راحوا ضحايا عدوان‮ ‬غاشم خسيس على‮ ‬يد جماعات الإرهاب في‮ ‬سيناء،‮ ‬بجانب تشييده عدة وحدات سكنية في‮ ‬مناطق عشوائية بالجيزة،‮ ‬ومبنى سكني‮ ‬للطالبات المغتربات في‮ ‬جامعة الأزهر‮.‬ هذا الدور الاجتماعي‮ ‬الكبير‮ ‬يتوازى مع الدور الثقافي‮ ‬الأكبر،‮ ‬الذي‮ ‬يمارسه سموه،‮ ‬في‮ ‬إبداعه المسرحي‮ ‬والروائي،‮ ‬ومواقفه العملية،‮ ‬انطلاقا من إيمانه بالعروبة،‮ ‬فهو عمليا‮ً ‬يكرس تلك القيم العروبية في‮ ‬إبداعه،‮ ‬وفي‮ ‬كل المشروعات الثقافية التي‮ ‬يتبناها،‮ ‬هنا وهناك في‮ ‬أكثر من قطر عربي،‮ ‬إنه‮ ‬يقف وراء كل ما‮ ‬يدعم العروبة،‮ ‬وهذا دور‮ ‬يمتد في‮ ‬مساره منذ أن بدأ الوعي‮ ‬يتبلور لديه،‮ ‬وفي‮ ‬سيرته الذاتية،‮ ‬التي‮ ‬حملت عنوان‮ ‬سرد الذات‮ ‬الكثير من المواقف العروبية المبكرة،‮ ‬التي‮ ‬شهدت تجلياتها الأعلى في‮ ‬تلك المشروعات الثقافية الكبرى،‮ ‬التي‮ ‬تحمل إنجازها عن طيب خاطر،‮ ‬من دون أن‮ ‬ينتظر‮ ‬جزاءً ولا شكوراً‮.‬ ما‮ ‬يميز صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي‮ ‬عن‮ ‬غيره هو أنه لا‮ ‬يكف عن التعلم،‮ ‬فبعد حصوله على بكالوريوس الزراعة والتخصص في‮ ‬الهندسة الزراعية عام‮ ‬1971،‮ ‬حاز بعد ذلك بسنوات دكتوراه الفلسفة في‮ ‬التاريخ عام‮ ‬1985‮ ‬من جامعة اكسيتر في‮ ‬المملكة المتحدة،‮ ‬ثم دكتوراه الفلسفة في‮ ‬الجغرافيا السياسية للخليج عام‮ ‬1999‮ ‬من المملكة المتحدة أيضاً،‮ ‬وبذلك‮ ‬يمتد تخصصه العلمي‮ ‬في‮ ‬مجال الزراعة إلى مجال التاريخ،‮ ‬واتسع عمقه المعرفي‮ ‬ليكتب في‮ ‬التاريخ والجغرافيا وعلم الوثائق،‮ ‬والأدب والفن‮.. ‬رواية ومسرحاً وشعراً،‮ ‬وكان محور تفكيره مرتبطاً بوطنه وبالإنسان،‮ ‬سواء كان ذلك الإنسان في‮ ‬الشارقة والإمارات،‮ ‬أو الأمة العربية من المحيط على الخليج،‮ ‬أو العالم الإسلامي‮ ‬بمفهومه الشامل‮.‬ وتكشف عناوين كتبه في‮ ‬كل الأحوال أن الإنسان هو الهاجس الأول لديه،‮ ‬ومن هذه العناوين‮: ‬أسطورة القرصنة‮ ‬وهو مكتوب باللغة الإنجليزية،‮ ‬وصراعات القوة والتجارة في‮ ‬الخليج‮ ‬وجون مالكوم والقاعدة البريطانية في‮ ‬الخليج‮‬،‮ ‬والاحتلال البريطاني‮ ‬لعدن‮،‮ ‬والقواسم والعدوان البريطاني7971-‮0281‬،‮ ‬ومراسلات سلاطين زنجبار‮‬،‮ ‬إضافة إلى الأعمال الأدبية‮:‬الشيخ الأبيض،‮ ‬والأمير الثائر‮‬،‮ ‬وكلمات في‮ ‬المسرح‮‬،‮ ‬وعودة هولاكو‮‬،‮ ‬والإسكندر الأكبر‮‬، والقضية‮‬،‮ ‬والنمرود‮..‬وغيرها من روايات ومسرحيات‮.‬ ربما تحتل مصر مساحة أكبر من تفكير سموه،‮ ‬عن‮ ‬غيرها من البلاد العربية،‮ ‬وهذا ما‮ ‬يتضح من حجم المشروعات الثقافية،‮ ‬التي‮ ‬قدمها هدية لشعب عاش بين أبنائه خمس سنوات،‮ ‬من أنضج سنوات عمره،‮ ‬خالط خلالها البسطاء وعرفهم وعرفوه،‮ ‬أحبهم وأحبوه،‮ ‬حتى إنه‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يعرف المكان مهما بلغت بساطته وتواضعه،‮ ‬مثلما‮ ‬يعرف أسماء الأشخاص،‮ ‬من حارس البناية التي‮ ‬كان‮ ‬يقطنها إلى العامل البسيط في‮ ‬الكلية التي‮ ‬درس بها‮.‬ وقد جاء على ذكر بعض الوقائع في‮ ‬سرد الذات‮ ‬وكلها‮ ‬يكشف عن تمكن مصر من قلبه وعقله،‮ ‬ففي‮ ‬سنوات الصبا،‮ ‬عندما كان طالباً‮ ‬في‮ ‬المدرسة بالشارقة،‮ ‬وكان عمره آنذاك حوالي‮ ‬16‮ ‬عاماً،‮ ‬كان‮ ‬يتابع أخبار مصر من‮ ‬إذاعة صوت العرب‮ ‬التي‮ ‬يصفها بأنها كانت‮ ‬شرياناً‮ ‬يغذي‮ ‬قلوبنا قبل عقولنا‮‬،‮ ‬وانفعل بما‮ ‬يحدث في‮ ‬مصر من عدوان ثلاثي‮ ‬عام‮ ‬1956،‮ ‬من قبل قوى الاستعمار‮ (‬إنجلترا وفرنسا وإسرائيل‮).‬ في‮ ‬حفل تكريمه في‮ ‬جامعة القاهرة أثناء الاحتفال بعيدها المئوي،‮ ‬استكمل ما لم‮ ‬يذكره في‮ ‬سرد الذات‮ ‬قائلاً‮: ‬عندما عدت إلى البيت دار حوار طويل مع والدي،‮ ‬بعده ضمني‮ ‬إلى صدره وقبلني‮ ‬على وجنتي،‮ ‬لقد رباني‮ ‬على قوة العزيمة والمنطق الوطني،‮ ‬المواقف عديدة ومنها تأييده لإعلان الوحدة بين مصر وسوريا في‮ ‬عام‮ ‬1958‮ ‬وقد جاء في‮ ‬كتابه‮ ‬سرد الذات‮: ‬كانت مظاهر الحماسة للجمهورية العربية المتحدة المتمثلة في‮ ‬وحدتها الثلاثية لا توصف،‮ ‬لم‮ ‬يكن الطلبة والمواطنون وحدهم هم المؤيدين لجمال عبد الناصر،‮ ‬فأعلام الجمهورية العربية المتحدة على سيارات الأجرة وعلى المباني،‮ ‬وعلى العبارات التي‮ ‬تقطع خور دبي‮ ‬ذهاباً‮ ‬وإياباً،‮ ‬وعلى السفن الراسية في‮ ‬خور دبي،‮ ‬وكانت الهتافات من حناجر العجم سائقي‮ ‬سيارات الأجرة ومن حناجر البلوش على العبارات،‮ ‬ومن حناجر الباكستانيين على السفن التجارية،‮ ‬والتي‮ ‬كانت كلها تصرخ ناصر‮..‬ناصر،‮ ‬تأكد الإنجليز حينها أن الجميع‮ ‬يؤيد ناصر‮.‬ يرصد سموه الكثير من مظاهر العروبة التي‮ ‬تشرب قيمها،‮ ‬منذ سنوات صباه،‮ ‬حيث أكد أن المد القومي‮ ‬كان منتشراً آنذاك بين عامة الشعب وطلبة المدارس والتجار والأعيان،‮ ‬بين الشارقة ودبي،‮ ‬لذلك كانت مصر مقصده في‮ ‬نهاية شهر سبتمبر/أيلول ‮ ‬1965 ،‮ ‬للالتحاق بكلية الزراعة جامعة القاهرة،‮ ‬وفي‮ ‬هذا الجزء من‮ ‬سرد الذات‮ ‬الذي‮ ‬يخصصه سموه لما مر به في‮ ‬أيامه الأولى بالكلية،‮ ‬يروي‮ ‬مواقف مر بها مع الطلبة والأساتذة،‮ ‬وفي‮ ‬كل موقف تحتفظ ذاكرته بالأسماء كاملة وبالتفاصيل وبوجوه البشر،‮ ‬وكأن ما‮ ‬يحكيه قد حدث بالأمس‮.‬ لم‮ ‬يتوقف نشاط صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي‮ ‬عند حدود الدراسة والتعلم،‮ ‬فقد كان عضواً‮ ‬في‮ ‬الروابط الطلابية،‮ ‬التي‮ ‬كانت تمارس نشاطاً‮ ‬سياسياً‮ ‬واضحاً،‮ ‬لكن مع بداية امتحانات الفصل الثاني‮ ‬للدراسة في‮ ‬السنة الثانية من كلية الزراعة،‮ ‬وقعت نكسة‮ يونيوحزيران ‮٧٦٩١‬،‮ ‬وهنا‮ ‬يقول سموه‮: ‬كنا قد امتحنا في‮ ‬بعض المواد عندما سمعنا صوت المدافع ظهر‮ ‬يوم الخامس من‮ ‬يونيو/حزيران‮ 7691‬خرجت إلى الشارع فوجدت الناس تهلل وتكبر،‮ ‬وكان آخرون‮ ‬ينظرون إلى السماء،‮ ‬محاولين مشاهدة بعض الطائرات الحربية،‮ ‬وهي‮ ‬تحلق على ارتفاع عال في‮ ‬يوم مغبر‮.‬ توجه سموه إلى حي‮ ‬العجوزة للقاء زميلين له في‮ ‬كلية الزراعة،‮ ‬ثم توجهوا جميعاً إلى مبنى الاتحاد الاشتراكي‮ ‬لمقابلة فتحي‮ ‬الديب،‮ ‬الذي‮ ‬كان آنذاك مسؤولاً عن حركات التحرر الوطني،‮ ‬وهناك كان الطلبة العرب‮ ‬يتجمعون،‮ ‬مطالبين بالتطوع للقتال على الجبهة،‮ ‬يقول سموه‮: ‬لم نكن قد خضعنا لأي‮ ‬دورة عسكرية تدريبية،‮ ‬فلذلك تقرر نقلنا إلى معسكر بني‮ ‬سويف في‮ ‬الهرم،‮ ‬وعلى مدى‮ ‬يومين تعلمنا وتدربنا على السلاح،‮ ‬ثم أتت الأوامر بنقلنا إلى المعسكر المقام في‮ ‬نادي‮ ‬الجزيرة،‮ ‬وبعد‮ ‬يومين آخرين من التدريبات جاءت المفاجأة مساء اليوم التاسع من‮ ‬يونيو‮ ‬1967‮: ‬تنحي‮ ‬الرئيس جمال عبد الناصر‮.‬ يقول سموه أيضاً‮: ‬خرجت الجماهير الغفيرة تتدافع بعد أن ملأت الشوارع،‮ ‬وغابت شمس ذلك اليوم،‮ ‬ودخلنا في‮ ‬ظلام دامس،‮ ‬حيث أطفئت جميع الأنوار،‮ ‬فلم أستطع أن أتقدم أي‮ ‬خطوة إلى الأمام،‮ ‬لوجود كتل من البشر تملأ الشوارع،‮ ‬فجلست على دكة برصيف شارع الجيزة،‮ ‬من بعد جسر الجلاء،‮ ‬وكانت الناس تمر أمام ناظري‮.‬ وقد جادت قريحته الشعرية بقصيدة‮ ‬يقول في‮ ‬مطلعها‮:‬ ‮‬بلادي‮ ‬فيك سر عجيب‮/ ‬صاحب الدار فيك‮ ‬غريب من أولج الفجر فيك بالمغيب‮/ ‬من أذاب الضحك فيك بالنحيب إنه مني‮ ‬ومنك ومن كل قريب‮/ ‬من عدو أشهر اليوم سهامه‮.‬ لم‮ ‬ينفصل سموه عن حركة الناس في‮ ‬الشارع ونبضهم،‮ ‬ففي‮ ‬العام الدراسي‮ ‬التالي‮ ‬للنكسة،‮ ‬استثمر أغلب الوقت المتاح له لدراسة النقوش الإسلامية على المساجد والمباني‮ ‬التراثية،‮ ‬وكما‮ ‬يقول‮: ‬كانت سيارتي‮ ‬لافتة للنظر،‮ ‬تتوقف كثيراً‮ ‬أمام المساجد والمباني‮ ‬التراثية،‮ ‬ينزل منها شاب‮ ‬يتفحص تلك المباني‮ ‬بنظره ومن ثم‮ ‬يدخلها،‮ ‬ومرات‮ ‬يصعد كومة زبالة قد‮ ‬غطت جزءاً‮ ‬من المبنى‮ ‬وكان هناك من‮ ‬يراقب سموه،‮ ‬أحدهم الضابط المكلف بمتابعة نشاط الطلبة العرب،‮ ‬وحدث لقاء وحوار مع المسؤول الأول عن هذا النشاط في‮ ‬مباحث أمن الدولة،‮ ‬الذي‮ ‬سأله‮: ‬إنت بتعمل إيه؟ فقال سموه‮: ‬أتعرف على مصر،‮ ‬سأله المسؤول‮: ‬تتعرف إلى مصر من هذه الأماكن؟ فأجابه سموه‮: ‬تريدني‮ ‬أن أتعرف عليها من شارع الهرم؟ وانتهى اللقاء بالضحك بين الجميع،‮ ‬ليبدأ بعد ذلك الحديث عما جرى في‮ ‬الفصل الدراسي‮ ‬الأول من سنته الثالثة في‮ ‬كلية الزراعة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬عندما زاره شقيقه الشيخ صقر بن محمد القاسمي‮ ‬في‮ ‬القاهرة في‮ ‬شهر رمضان‮.‬ لما رأى سموه شقيقه متأففا قائلاً‮: ‬بلد تدخلها بالمقابر والروائح الكريهة‮ ‬كان الشيخ صقر قد مر في‮ ‬طريقه من المطار بمقابر البساتين وكذلك بسور مجرى العيون،‮ ‬حيث المدابغ‮ ‬التي‮ ‬تنبعث منها الروائح الكريهة،‮ ‬وما كان من الشيخ الدكتور سلطان إلا أن أخذه في‮ ‬جولة خارجية ليعرفه إلى القاهرة التي‮ ‬لم‮ ‬يرها في‮ ‬طريقه من المطار إلى بيت أخيه حيث المباني‮ ‬الجميلة والشوارع الحديثة المزينة بالأشجار على أرصفتها‮.‬ وبعد تناول طعام الإفطار اصطحبه في‮ ‬جولة ليلية إلى حي‮ ‬الحسين لصلاة التراويح في‮ ‬المسجد،‮ ‬وهنا‮ ‬يقول سموه‮: ‬كانت الساحات والشوارع العامة مليئة بالبشر،‮ ‬تنتظر إقامة صلاة العشاء ومن بعدها التراويح،‮ ‬بعد أداء الصلاة انفض الناس،‮ ‬كأنهم جراد منتشر،‮ ‬كان هناك معرض للكتاب ومسرح مؤقت تعرض عليه الفرق الشعبية فنونها،‮ ‬وقتها كان زكريا الحجاوي‮ ‬قد عاد من الأرياف ليقدم لنا المغنية الشعبية‮ ‬خضرا محمد خضر‮ ‬وفرقة البحيرة برقصاتها على الدفوف،‮ ‬وما هي‮ ‬إلا عدة أيام وإذ بصورة القرافة قد‮ ‬غطتها صور المباني‮ ‬التراثية الجميلة بالقاهرة،‮ ‬وإذا بالروائح الكريهة للمدابغ‮ ‬تزول،‮ ‬وتحل محلها الروائح الزكية لحدائق القاهرة وبساتينها‮.‬ وفي‮ ‬إطار احتفال جامعة القاهرة بعيدها المئوي‮ ‬كان لا بد من تكريم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي،‮ ‬فروى جانباً‮ ‬من ذكرياته في‮ ‬القاهرة،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلى أن تخرجه في‮ ‬كلية الزراعة أعطاه العلم والثقافة. ‮ ‬عاد سموه إلى الشارقة في‮ ‬منتصف أغسطس/آب سنة‮ ‬1971‮ ‬بعد أن أكمل دراسته في‮ ‬كلية الزراعة بجامعة القاهرة،‮ ‬لتظل مصر حاضرة أبداً لديه،‮ ‬مصر التي‮ ‬أراد التعرف إليها بشكل مباشر في‮ ‬وجوه البشر،‮ ‬وفي‮ ‬الأماكن، ‬مصر التي‮ ‬رآها وأحبها،‮ ‬في‮ ‬وجه‮ ‬عم إبراهيم‮ ‬حارس البناية التي‮ ‬كان‮ ‬يسكنها في‮ ‬القاهرة،‮ ‬والذي‮ ‬قال عنه في‮ ‬حفل توقيع‮ ‬سرد الذات‮ ‬بالقاهرة‮: ‬على الرغم من عدم ذكري له في‮ ‬الكتاب إلا أنني‮ ‬ما زلت أتذكره،‮ ‬وقمت بزيارته في‮ ‬غرفتيه اللتين‮ ‬يقطن بهما فوق السطوح‮.‬

مشاركة :