مارلين سلوم بين نوفمبر/تشرين الثاني 2013 ونهاية الشهر الماضي، سنوات ترددت فيها شائعات كثيرة عن ظهور الجزء الثاني من فيلم الكرتون «فروزن»، ربما لشدة نجاحه وحب الجمهور له وتعلق الصغار والمراهقين به، إلى أن شاهدناه أخيراً في الصالات. هل ترك غياب الستة أعوام أثراً في حماسة الجمهور وترقبه للفيلم، خصوصاً أنه عمل فريد وانطلاقة لشخصيات وقصص دفعت الشركة المنتجة إلى السير في خط جديد لسلسلة تضاف إلى قائمة قصص الخيال الرائعة والساحرة التي اشتهرت بها «والت ديزني»؟من يشاهد «فروزن 2» المعروض في الإمارات، يعرف أن الجمهور بقي متحمساً لعودة الشقيقتين الجميلتين «إلسا» و«آنا»، وأن شركة «ديزني» عادت بجزء لا يقل إبهاراً ونجاحاً عن الأول.من الواضح أن «ديزني» أصبحت تملك مفاتيح جذب الجمهور إليها، وتزداد مع الخبرة والسنوات تحكماً بلعبة الأسواق والأذواق، فتنتج ما يرضي المشاهدين ويقنعهم للتهافت على شباك التذاكر من أجل مشاهدة أي عمل يحمل توقيعها. «ديزني» ملكة الكرتون، تحافظ على ريادتها في تسخير التقنيات الحديثة من أجل خدمة السينما، وتتعاون مع من يملك أدواته جيداً ويجيد القفز بمخيلته إلى ابتكار كل ما يبهر الأسماع والأبصار. من هنا يعتبر تعاون «ديزني» مع المخرجين كريس بوك وجينيفر لي، في الجزأين الأول والثاني من «فروزن» موفقاً، إذ ليس من السهل أن يقدم فريق عمل فيلماً ناجحاً بامتياز حاز مجموعة جوائز عالمية أبرزها جائزتا «أوسكار أفضل فيلم كرتون» و«أفضل موسيقى وأغنية لفيلم رسوم متحركة»، ويتبعه بعد ستة أعوام بجزء ثان يوازيه من حيث الجودة والإبهار والقصة وتطور الشخصيات.نذكر هنا أن بوك ولي هما أيضاً كاتبا القصة، التي تستند إلى أسطورة «ملكة الثلج» الطفولية لهانز كريستن أندرسون.البداية تعود بنا إلى طفولة إلسا وآنا، وهما تلعبان في المنزل، ونرى مجدداً والديهما بعد وفاتهما. يحين موعد النوم، فيقرر الأب إخبار ابنتيه عن مدينة السحر، خلف الغابة الخريفية القديمة، حيث تتكامل القوى الأربع، الريح والنار والماء والثلج. القصة التي يرويها الأب تتذكرها إلسا التي أصبحت ملكة بعد رحيل والديها بحادثة غرق سفينتهما، وتعود إليها بالأحلام، فتسمع صوتاً ولحناً يناديها من بعيد. الصوت يذكرنا بصوت آريال في فيلم «حورية البحر الصغيرة»، كما نرى في قبائل الغابة ملامح من مولان وموانا، وكأن ديزني تحيي صور بطلاتها لتذكر الجمهور بهن من خلال «فروزن».إلسا ملكة آرندال، عاشت تبحث عن حقيقة قوتها السحرية والتي لا تعرف من أين ولا كيف حصلت عليها، فهي قادرة على صنع جبال من الجليد بحركة من يديها. تسمع مرة جديدة الصوت يناديها، فتخرج من غرفتها لتلحق به، فإذا بها توقظ الريح والنار والقوى الغريبة، وتعرض مدينتها للخطر، فتهجر مع شعبها آرندال، ثم تقرر مواجهة المجهول من أجل إنقاذ المدينة والناس. ترفض آنا التخلي عنها، فتنطلق الشقيقتان ومعهما كريستوف خطيب آنا، وسفن وأولاف (رجل الثلج) بحثاً عن سر هذا الصوت وهذا الخطر الذي يهددهم.تصل المجموعة إلى الغابة السحرية، ولا بد من وجود هذا المكان كي يكتمل الإبهار الذي تبحث عنه «ديزني» كي تزيد من متعة المشاهدة، ومن تعلق الجمهور صغاراً وكباراً بالفيلم. ويزيد المخرجان جرعة المتعة عبر إدخال اللوحات الغنائية والاستعراضية، التي تمزج بين الرياح والنار والثلج والمياه، وجمال الطبيعة وأشجارها وألوان الخريف الرائعة، وقوة إلسا وملابسها البراقة. حتى المعارك التي تخوضها إلسا من جهة وآنا من جهة أخرى، فيها الكثير من التشويق والإبهار البصري.تصل إلسا إلى نهر ألتهالن السحري، وتتابع مطاردتها للقوى حتى تخضعها لها، وتصير الرياح والنار والماء صديقاتها ومساعداتها في الوصول إلى الحقيقة، حقيقة قوتها السحرية، وحقيقة تهديد مملكتها بالزوال. المفاجآت كثيرة ومتوالية في الفيلم، لن نكشف عنها كي لا نحرق متعة المشاهدة، وكل مرحلة تمر بها الشقيقتان، تؤكد حتمية النهاية المنطقية، حيث تتحد الشقيقتان لإنقاذ الحاضر والمستقبل، بعد اكتشافهما خطأ ارتكبه جدهما في الماضي، وتجد إلسا المكان الذي تنتمي حقيقة إليه، وتصبح فعلياً ملكة الثلج، وتستحق آنا بعد ما فعلته، أن تكون ملكة آرندال.آنا في هذا الفيلم أكثر نضجاً وحكمة من الجزء الأول. براءتها وملامحها الطفولية موجودة، لكنها تشعر بمسؤولية تجاه أختها ومملكتها وشعب آرندال. تلك الفتاة التي عرفناها شجاعة تحب المغامرات، تستخدم شجاعتها من أجل إنقاذ أختها، ولا تتوانى عن التضحية بنفسها. «التضحية» ميزة تجمع بين الشقيقتين، لتجعلهما «ديزني» نموذجاً للتفاني في سبيل إنقاذ الآخرين وإسعادهم، ونموذجاً في العلاقة المثالية بين الأخوات.«فروزن» حافظ على أبطاله الرئيسيين، كريستن بيل بدور «إلسا»، إدينا منزل «آنا»، جوش جاد «أولاف» وجوناثان جروف «كريستوف». إيراداته عالمياً قاربت ال 500 مليون دولار، ليتجاوز بذلك ما حققته أفلام الكرتون الشهيرة مثل «الملك الأسد». ولا شك أن كل هذا السحر الذي يتمتع به الفيلم والقائم عليه في قصته، يزيد من أهمية مشاهدته في الصالات وعلى شاشات كبرى مع المؤثرات الصوتية والبصرية، ولا شك أنه يضمن مواصلة عرضه لأسابيع متتالية في مختلف دول العالم. marlynsalloum@gmail.com
مشاركة :