أشرف مدير شؤون الأداء داخل فريق «جي بي بوكسينغ»، والذي تولى كذلك تدريب بطل العالم السابق للوزن الثقيل، على تغييرات كبرى جرى إدخالها بمجالي مباريات الملاكمة للرجال والسيدات على مدار الأعوام الـ10 الماضية.وأثناء حضور روب مكراكين اجتماعاً كان من بين العناصر التي تناولها أنتوني جوشوا ومواجهته المرتقبة أمام آندري رويز جونيور والمقرر إجراؤه في بلدة الدرعية السعودية القريبة من العاصمة الرياض في 7 ديسمبر (كانون الأول)، أتيح لنا وقت كاف للتجول عبر أرجاء مصنع الأحلام في شيفيلد والذي كان مكراكين البطل الأول له خلف الكواليس على مدار السنوات الـ10 الماضية.عندما عرضت هذه الوظيفة على مكراكين للمرة الأولى، كان أفضل ما يشتهر به كونه مدرب الملاكم كارل فروش. واليوم، تتسلط الأضواء بشدة على فروش لدوره في تدريب جوشوا. ويعتبر الأسلوب الذي نجح من خلاله في مزج العالمين المتناقضين المرتبطين بالملاكمين الهواة والآخرين المحترفين، على نحو عاد بالنفع على جميع الملاكمين الذين يتولى مسؤولية تدريبهم، واحداً من السمات المبهرة في قصته والتي تصل أفقاً جديداً الآن. وناهيك عن الذكرى الـ10 لانضمامه إلى شيفيلد، حيث يتولى إدارة برنامج ناجح للغاية داخل المعهد الإنجليزي للرياضة، يواجه مكراكين اليوم اختباراً حاسماً داخل محيط غير مألوف - المملكة العربية السعودية - في خضم محاولة جوشوا استعادة ألقاب رابطة الملاكمة العالمية (دبليو بي إيه) والاتحاد الدولي للملاكمة (آي بي إف) ومنظمة الملاكمة العالمية (دبليو بي أو) للوزن الثقيل التي خسرها على نحو صادم أمام رويز في نيويورك خلال الصيف.خلال حديثه، بدا مكراكين شديد التواضع على نحو لم يمكنه من الحديث عن إنجازاته مع «جي بي بوكسينغ». وعليه، رأينا من المفيد أثناء لقائنا عددا من الملاكمين الذين يتولى تدريبهم حالياً داخل صالة الألعاب الرياضية المبهرة ومنشآت التدريب الملحقة بها، مراجعة بعض الإحصاءات. خلال السنوات العشر الأخيرة، فاز ملاكمو «جي بي بوكسينغ» الرجال بـ52 ميدالية من 14 منافسة كبرى. وقبل أن يتولى مكراكين مسؤولية تدريب الفريق، من 2000 حتى 2008، فاز أفضل ملاكمي البلاد من الهواة بـ12 ميدالية فقط في 13 بطولة كبرى. ولم يكن هناك برنامج ملاكمة للسيدات حتى عام 2020، لكن منذ ذلك الحين، فاز رجال وسيدات «جي بي بوكسينغ» بـ81 ميدالية كبرى فيما بينهم.وفي ظل قيادة مكراكين، فاز «جي بي بوكسينغ» بثماني ميداليات أولمبية في دورة لندن 2012 وريو 2016، ويكافئ ذلك عدد الميداليات التي حصدها الفريق على مدار الدورات الأولمبية الثماني السابقة، من موسكو 1980 حتى بكين 2008.ومن بين الملاكمين الذين أسهم مكراكين في تدريبهم داخل شيفيلد، أبطال عالميون وأسماء من أفضل 10 ملاكمين على مستوى العالم في مستويات احترافية مختلفة ـ بما في ذلك جوشوا وجوش تايلور وكالوم سميث ولوك كامبل ونيكولا آدامز وصولاً إلى تشارلي إدواردو وخالد يافعي وجو جويس ودانييل دوبوا ولورانس أوكولي.وبعد انتهاء اجتماعه حول المواجهة المرتقبة في السعودية، تحدث مكراكين على مدار 45 دقيقة بحماس حول العقد الذي قضاه في هذا العمل وإعادة المباراة أمام رويز. جدير بالذكر أن ديريك ماب، رئيس «جي بي بوكسينغ» آنذاك، طلب منه تولي مسؤولية نخبة الملاكمين الهواة على مستوى البلاد. وعن ذلك، قال مكراكين: «كان ديريك رجل أعمال جادا وكان أول شيء قاله: ما الذي تحتاجه من أجل الملاكمين؟ أي شيء يحتاجه الملاكمون، سنوفره. كانت هذه استراتيجيته باختصار ونجحت على نحو رائع للغاية. وبالفعل، جرت إدارة العمل بصورة جيدة وسمحوا لي بالعمل مع الفريق هنا ومع المدربين وأفراد فريق الدعم. والواضح أن سياستهم قامت على فكرة أن الأولوية الأولى للملاكمين، وتمكنا من جانبنا من التوافق مع ذلك».وأضاف بلكنة برمنغهام المميزة التي يتحدث بها «دائماً ما أخبر الملاكمين الذين أشرف على تدريبهم أن مستوى تفوقهم يقاس بإنجازهم في آخر بطولة خضوها ـ وكانت آخر البطولات العالمية في روسيا (الشهر الماضي)». وأوضح أن «فريق الرجال فاز بثلاث ميداليات نالها بات مكورماك وبيتر مكغريل وبين ويتيكر ـ وجميعهم ملاكمون متميزون. وكان فريزر كلارك على وشك الفوز هو الآخر بميدالية بعد فوزه على الملاكم الروسي وبلوغه دور قبل النهائي ـ لكن الجانب الروسي استأنف النتيجة وصدرت النتيجة النهائية لصالح الملاكم صاحب الأرض. ولدينا لاعبان أو ثلاثة خرجوا من دور ربع النهائي على يد ملاكمين حازوا ميداليات ذهبية، لكن تظل الحقيقة أن فريقنا قوي وصامد. من جهته، يتمتع بيتر بخبرة خمس سنوات على المستوى العالمي، بينما يتمتع بات بخبرة تبلغ نحو سبع سنوات ولدى فريزر خبرة 10 سنوات. وكان لهذا الأمر أهمية كبيرة عندما سافرنا لروسيا، وبلغت أعداد الجماهير نحو 6 آلاف شخص، ليلة الجمعة، وكانت الجماهير القادمة من أوزبكستان تقرع الطبول. وحظي كل ملاكم منهم بألف مشجع، بينما سار ملاكمونا بمفردهم نحو الحلبة ولم تكن وراءهم جماهير. وأرى أن هذه البطولة شهدت إنجازات حقيقية للملاكمة في المملكة المتحدة».وفي سياق متصل، أعرب مكراكين عن اعتقاده بأن «فريق السيدات كان مبهراً، وفازت لورين برايس بميدالية ذهبية، بينما نالت كل من كاريس أرتنغستال وديمي جيد رزستان ميدالية فضية. في الواقع، اعتقدنا أن كاريس ستفوز في دور قبل النهائي أمام الحاصلة على الميدالية الذهبية. أما لورين، فقد لعبت الملاكمة في وزن 75 كيلوغراماً، بينما تزن 69 كيلوغراماً فقط. وقد نجحت بفضل سرعتها، كما أنها ملاكمة شجاعة للغاية وتبدو في نصف حجم منافسيها. وتميزت بعض منافساتها ـ مثل الملاكمة الهولندية نوشكا فونتين التي فازت عليها في النهائي ـ بقوة بدنية كبيرة للغاية. وبصورة مجملة، قدمت لورين أداءً جيداً للغاية ونعول عليها كثيراً في بطولة طوكيو».وشرح مكراكين أنه «نجحنا في إعداد جيل قوي من الملاكمين، ويدركون جميعهم أن بمقدورهم اقتناص ميداليات أولمبية إذا ما سارت الأمور على النحو المأمول. في الواقع، يملك هذا الفريق قوة وعمقاً ربما لم نكن نحظى بهما في ريو. منذ أربع سنوات، كنا نحظى في صفوف الفريق بالقوة البدنية لجو جويس وجوش بواتسي وخبرة نيكي آدامز ـ إلا أننا كنا نفتقر حينها إلى عنصرين أو ثلاثة مقارنة بهذه المجموعة من الملاكمين المهرة».جدير بالذكر في هذا الصدد أن نمو ملاكمة السيدات تحت قيادة مكراكين كان مذهلاً. ولدى سؤاله حول ما إذا كانت السيدات بحاجة لأسلوب تدريب مختلف عن الرجال، فكر مكراكين ملياً قبل أن يجيب «بداخل الملاكمات السيدات رغبة دائمة في تحقيق المزيد. معظم الرجال يطلعون على خطة العمل ويتماشون معها، لكن النساء يطرحن أسئلة ذكية، فهن يرغبن في معرفة السبب وراء فعل هذا أو ذاك، وما الذي سيجري معهن. لذلك، يطرحن الكثير من الأسئلة».وأشاد مكراكين في حديثه على نحو خاص بالتأثير الإيجابي لآدامز الحاصلة على ميداليتين أولمبيتين ذهبيتين، والتي أعلنت لتوها اعتزال الملاكمة الاحترافية. وقال عنها: «بمجرد أن شاهدت أسلوب الملاكمة الذي تنتهجه في جولة واحدة فقط، علمت أنها ملاكمة متميزة».
مشاركة :