أخفق أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) في إبداء وحدة ظاهرية، أمس الأربعاء، في الذكرى السبعين لتأسيس المنظمة، في ظل خلافات خرجت إلى العلن بين الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، زادها انقساماً ظهور قادة بريطانيا وكندا وفرنسا وهولندا في تصوير فيديو تم تسجيله من دون علمهم خلال حفل استقبال في قصر بكنجهام في العاصمة البريطانية، وهم يسخرون من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ بسبب طول مؤتمره الصحفي، الذي سبق قمة حلف شمال الأطلسي، أمس، مما دفع ترامب إلى إلغاء مؤتمره الصحفي، الذي كان مقرراً في ختام قمة، وقالت صحيفة «اندبندت» البريطانية، إن رد فعل الرئيس الأمريكي كان غاضباً بعد الفيديو الساخر، وقرر العودة إلى واشنطن، بعد وصفه لرئيس الوزراء الكندي جستن ترودو ب«ذي الوجهين».وعلى الرغم من التوتر الواضح، فإن قادة الحلف أصدروا بياناً ختامياً مشتركاً أكدوا فيه «تضامنهم ووحدتهم» رغم الخلافات حول الإنفاق والاستراتيجية التي استبقت قمتهم. وجاء في البيان «كي نحافظ على الأمن؛ يجب أن نتطلع إلى المستقبل سوياً».وقال الزعماء: إن تحركات روسيا التي وصفوها ب«العدوانية» تهدد أمن منطقة أوروبا. وأضافوا في بيان صدر بعد قمة موجزة خارج لندن، إن النفوذ المتنامي للصين يقدم فرصاً وتحديات للحلف، دون أن يغفلوا التعهد «بتحرك أقوى» في مواجهة الإرهاب.واجتمع قادة حلف شمال الأطلسي في منتجع للجولف قرب لندن، أمس، في قمة تتسم بالحدة؛ بهدف رأب الصدع، ومعالجة الانقسامات حول قضايا الإنفاق والتهديدات المستقبلية، بما في ذلك الصين، ودور تركيا في الحلف.ومع استمرار التقلبات في مواقف الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون إزاءه، يسعى التحالف العسكري، الذي يضم تحت عباءته 29 دولة لإعادة ضخ الدماء في العروق مع احتفاله بالذكرى السبعين لتأسيسه في حقبة الحرب الباردة.وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للصحفيين، «بصراحة.. إن من الأهمية بمكان أن يظل الحلف متماسكاً»، في إشارة إلى الانقسامات حول التوغل التركي في شمال سوريا، على الرغم من اعتراض حلفاء أنقرة. وأضاف: «لكن ما يوحدنا أكثر بكثير مما يفرقنا».وأعلن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبيرغ، أن قمة لندن اتخذت قراراً لمواصلة الحوار مع روسيا، وأن هناك توافقاً على ضرورة إشراك الصين في اتفاقات الحد من انتشار الأسلحة. وقال ستولتنبيرغ، في مؤتمر صحفي عقده في ختام الاجتماعات: «متمسكون بسياسة الردع والدفاع القويين، مع استمرار الانفتاح على الحوار الشامل مع روسيا. نؤمن، أنا و«الناتو»، بالحوار مع روسيا؛ لأنها الجارة الأقرب والأكبر لنا، وهناك حاجة إليها؛ لكي تكون ثمة شفافية، ولمنع وقوع أي حوادث خطرة».وشدد ستولتنبيرغ على أن «الناتو» يحتاج إلى علاقات أفضل مع روسيا، إلا أنه أضاف: «اتخذنا قراراً لرفع جاهزية قواتنا لمواجهة التهديدات من أي جهة وفي أي وقت.كما ذكر الأمين العام ل«الناتو» أن دول الحلف اتفقت على ضرورة مشاركة الصين في الاتفاقات الخاصة بمنع انتشار الأسلحة. وقال في هذا السياق: «لأول مرة نظرت دول الناتو في تنامي قوة الصين، بما في ذلك التحديات والفرص والتداعيات بالنسبة للناتو الناجمة عن ذلك. وقررنا أن علينا حل هذه القضية بوحدة، كحلف. وندعو الصين إلى المشاركة في الاتفاقات حول الحد من انتشار الأسلحة مستقبلاً».وكشف ستولتنبرغ، أن الإنفاق الدفاعي للدول الأوروبية وكندا في الحلف سيصل بحلول عام 2024 إلى حدود 400 مليار دولار.وأعلن أن كل دول «الناتو»، ومن بينها تركيا، اتفقت على تبني الخطة الخاصة بضمان أمن دول منطقة البلطيق وبولندا.ووسط هذه الأجواء المحتقنة، سجلت كاميرات قصر باكنجهام الفيديو، مساء الثلاثاء، قبل القمة في واتفورد على مشارف لندن، ورصدته شبكة «سي بي سي» الكندية وبثته مع النص المكتوب لحديث القادة. ويُسمع في الفيديو صوت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وهو يسأل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «لهذا السبب تأخرت؟». ويتدخل رئيس الوزراء الكندي جستن ترودو ليقول: «لقد تأخر لأن المؤتمر الصحفي استغرق 40 دقيقة على الأقل». وجرى المؤتمر الصحفي الطويل في وقت سابق من الثلاثاء قبل اللقاء الثنائي بين ماكرون وترامب على هامش القمة. وفي الفيديو يبدو ماكرون وكأنه يروي فكاهة عن اللقاء، بينما كانت الأميرة البريطانية آن ورئيس الوزراء الهولندي يستمعون، إلا أن ماكرون كان يدير ظهره للكاميرا، ولم يكن من الممكن سماع ما قاله. وقال ترودو: «نعم نعم لقد أعلن، كان يجب أن تشاهدوا المفاجأة التي ظهرت على وجه فريقه».وكما فعل في اجتماع حلف شمال الأطلسي العام الماضي، تجاهل ترامب بروتوكول القمة العادي، واستغل ظهوره مع زعماء الحلفاء؛ للإجابة عن عشرات الأسئلة من وسائل الإعلام العالمية. (وكالات)
مشاركة :