إطلاق المصرف الرقمي (إلى) إنجاز بحريني جديد في مجال التكنولوجيا المالية

  • 12/5/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تنبع أهمية التكنولوجيا المالية من أنها تساهم في تجاوز أساليب التمويل القديمة وتعقيداتها الإدارية، فعند البدء بعمل تجاري مثلا، يقتضي توجه المستثمر نحو البنك المحلي الخاص وتقديم طلب الحصول على قرض وتعبئة نماذج ورقية، وإرفاق مزيد من المستمسكات الثبوتية وغيرها، علاوة على ضياع وقت غير قليل بالانتظار، بينما يتم ذلك عبر منتجات التكنولوجيا المالية والعميل جالس في مكتبه، وبأقل وقت ممكن، وبدقة عالية، فقد صممت التكنولوجيا المالية حلولا للمشاكل المالية المتعلقة بالمستثمرين خارج الأنظمة المالية التقليدية المعتمدة، فأصبح التمويل باستخدام التكنولوجيا المالية عملاً جماعيًا، فمثلا الدفع عبر الهاتف المحمول، لا يستغرق إلا وقتا بسيطا ودون تعقيدات إدارية أو مستلزمات ورقية. كذلك يسرت بقية خدمات تحويل الأموال للشركات الصغيرة وقبول المدفوعات وهي بالتالي تسهل عمليات الاستثمار وبدء الأعمال التجارية. لذا نجد ان دول العالم تتسابق مع الزمن بغية اعتماد التكنولوجيا المالية وجذب وتوطين شركاتها الناشئة، خاصة بعد ان تعافى العالم من أسوأ تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008م، بحيث أصبحت إحدى أهم القضايا التي تشغل المجتمع المالي والمصرفي العالمي سواء من حيث المنافع التي توفّرها، أو بالنسبة للمخاطر التي تنتج عنها، فلم تعد التكنولوجيا المالية مجرد أساليب تقنية لتطوير الأداء المالي والمصرفي، كخيار تقني بين خيارات أخرى تملك الدول والقطاع المالي والمصرفي الحرية في اعتمادها من عدمه، بل أصبحت ضرورة لا مناص منها لاستمرار وجود ونمو القطاع المالي والمصرفي، وعنصرا مهمًّا من عناصر البيئة التنافسية التي تواجهها. ولا تختلف مملكة البحرين في ذلك، إلا أن هذا الاهتمام بالتكنولوجيا المالية هو ليس وليد التطورات الإقليمية والعالمية المتسارعة فحسب، بل انه امتداد طبيعي لمسيرة عمرها قرن من الزمن حينما تأسس أول بنك بمملكة البحرين، فضلا عن اهتمام قيادتها الحكيمة بإرساء قاعدة تشريعية وبيئة جاذبة للمصارف والمؤسسات المالية تتميز بالريادة والنمو المتواصل، فأتى إشهار خليج البحرين للتكنولوجيا المالية باعتباره القاعدة المؤسسية للانطلاق نحو توطين التكنولوجيا المالية، في إطار حرص البحرين على ترسيخ مكانتها المرموقة كمركز مالي إقليمي ودولي يتميز بالديناميكية والتطور المتواصل، ومواكبة أحدث تقنيات التكنولوجيا المالية العالمية، وتعميم تجارب التحول إلى الاقتصاد الرقمي وما يتبعه من تعزيز لمفهوم الشمول المالي، وإيجاد البيئة التنظيمية الداعمة للابتكار في قطاع الخدمات المالية، ولعب مصرف البحرين المركزي دورا حيويا في توفير البيئة التنظيمية والتشريعية لانطلاق التكنولوجيا المالية بالتعاون مع شركات التكنولوجيا المالية وبتنسيق وتكامل في الأدوار مع مجلس التنمية الاقتصادية، لأجل تحقيق الريادة إقليميا والتنافسية عالميا، انفاذا للرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030, ويأتي اطلاق المصرف الرقمي (إلى) إنجاز بحريني جديد في مجال التكنولوجيا المالية وكثمرة للبيئة الحافزة التي تشهدها المملكة. فبعد ان أطلق بنك ABC أول موظفة رقمية «فاطمة» في المنطقة، على هامش انعقاد منتدى فينتك الثالث لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، الذي عقد في البحرين بتاريخ 21/فبراير/ 2019, صرح الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك ABC، د. خالد كعوان بأن البنك يخضع للتحول الرقمي عبر تحديث منصاته وفتح فرص عمل جديدة في آن واحد، عادا التحول الرقمي للبنك ركيزة استراتيجية لتحقيق النمو في المستقبل. مؤكدًا أن التحول الرقمي والابتكار التقني والذكاء الاصطناعي من أهم المجالات التي يركز عليها بنك ABC، وقال نشهد اتجاهات تقنية على مستوى القطاع ستحدث تحولاً جذريًا في العمل المصرفي خلال سنتين أو ثلاث، ونريد ان نتفوق في هذا المجال. وبما يتيح لعملائنا من الأفراد والشركات وسائل جديدة للتحكم بأموالهم، تتكامل مع الجوانب الأخرى لحياتهم أكثر من أي وقت مضى. وقبل ان ينتهي العام تحقق الوعد وظهرت نتائج التطوير التقني التي شهدها البنك، فقد احتفل بنك ABC يوم 24/ نوفمبر/2019 بإطلاقه البنك «إلى» كخطوة أولى في مجال الخدمات المصرفية الرقمية عبر الهاتف المحمول فقط، حيث تبدأ هذه الخدمة في البحرين وتنطلق لاحقا إلى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أوضح ذلك الرئيس التنفيذي للبنك. يوفر البنك الآلي عبر الموبايل عددا كبيرا من الخدمات المصرفية، منها: اشتراك رقمي بالكامل خلال دقائق، إصدار بطاقة خصم افتراضية للمستخدمين فورَ الاشتراك، والتي يمكنهم استخدامها من إجراء العمليات عبر الإنترنت. كما يوفر خيارات تغذية مرنة تشمل دمج التطبيق ضمن قناة الدفع الرائدة في الدولة، وحسابات متعددة بالعملات الأجنبية يمكن ربطها ببطاقة واحدة. ويمكن للمستخدمين تحويل الأموال بين هذه الحسابات دون القلق من زيادة الرسوم. ويوفر أيضا حسابات جارية بفائدة، دون حدٍ أدنى أو قيود، وتُحسب يوميًا وتدفَع شهريًا. ويتيح مزايا تحكّم كاملة بالبطاقة من داخل التطبيق، بما في ذلك تحديد/إعادة تحديد كلمة السر، وتجميد/إلغاء البطاقة الضائعة، والإيقاف وإعادة الطلب الفوري في حالة فقدان أو سرقة البطاقات. علاوة على ان مساعدة العملاء الرقمية المدعّمة بالحمض النووي الرقمي «فاطمة» ستكون موجودة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتُبقي العملاء والمجتمع عموما على إطّلاعٍ بخدمات بنك «إلى»، وستتمكن من الإجابة على أسئلة العملاء على مدار الساعة عبر الموقع الإلكتروني لبنك «إلى». وختاما نقول ان هذا الإنجاز التقني الجديد يعكس مدى الاهتمام الذي توليه قياد البلاد الحكيمة بالتطورات العالمية المعاصرة في القطاع المالي والمصرفي والاستثماري باعتبارها جزءا من رسالتها الحضارية الاقتصادية والمالية المعاصرة، فمثلما هي رائدة المصرفية في المنطقة، ومنها المصرفية الإسلامية على وجه الخصوص، ومنبع تأصيلها المعاصر، فكرا وممارسة، وقاعدة بنيتها التحتية المؤسسية والتشريعية الداعمة، فأنها ستكون بعون الله وتوفيقه، قاعدة البنية التنظيمية والتشريعية الإقليمية للتكنولوجيا المالية. أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :