تحتضن الرياض في العاشر من ديسمبر القمة الأربعين لدول مجلس التعاون للخليج العربي في ظل ترجيحات بحصول تقدم في ملف المصالحة مع النظام القطري، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح عندما قال “إن قمة الرياض ستكون محطة مهمة جدا للمصالحة الخليجية”. ورغم التفاؤل الذي يسود الأوساط الخليجية، فإن الأمر لا يزال يحتاج إلى الكثير من التأني، حيث أن التقدم في الملف لا يعني تحقيق الأهداف المرجوة منه، نظرا لطبيعة الخلافات الحادة القائمة بين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وقطر منذ يونيو 2017. وتؤكد العديد من المصادر الخليجية أن ما لوحظ من تهدئة إعلامية ضد قطر قد لا يعني شيئا في ظل تواصل عدم الثقة في نظام الدوحة مهما تعددت الوعود التي أطلقها القطريون تحت طاولة المفاوضات السرية التي جرت في عواصم عدة. وكان مجلس التعاون الخليجي قد أعلن في بيان عن انعقاد الاجتماع في الرياض يوم 10 ديسمبر الجاري برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز على أن يسبقه بيوم اجتماع وزاري تحضيري. وأضاف البيان أن القمة ستدرس التطورات السياسية الإقليمية والدولية، والأوضاع الأمنية في المنطقة، وانعكاساتها على أمن واستقرار دول المجلس. وعبر الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني عن ثقته في أن تخرج القمة بقرارات بناءة تعزز وتعمق الترابط والتعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وترسّخ أركانه. وفي ديسمبر 2018 تقرر أن تنعقد القمة الخليجية الأربعون في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تنازلت عن تنظيمها لفائدة حليفتها المملكة العربية السعودية، بهدف فسح المجال أمام الرياض لتقود القمة في الاتجاه الذي تراه مناسبا. ويأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مصدر حكومي في العاصمة الأميركية واشنطن أن المصالحة الخليجية-الخليجية “بلغت مرحلة متقدمة”، وسط جهود تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من عامين. وقال المصدر في تصريحات صحافية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلف السفير الأميركي في الرياض الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، ودبلوماسيين آخرين في وزارة الخارجية ومسؤولين في البيت الأبيض “بتنسيق الأمور بعيدا عن الأضواء وفي شكل سرّي لتحقيق مصالحة خليجية-خليجية”. وبين الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله أن قطر قدمت عدة عروض ”سخية“ مقابل المصالحة، وأن جميعها قيد النقاش مع دول الرباعي العربي، لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن قطر عرضت مبادرة للحل ولكنها غير مكتملة، في الوقت الذي ترى فيه الدول التي تقاطعها أن الحل يجب أن يكون شاملا وملموسا. ومن جهة أخرى، اعتبر المهتمون بالشأن الخليجي أن مشاركة الإمارات والبحرين والسعودية في بطولة «خليجي 24» بالدوحة تعد بادرة لتصفية الأجواء، كما ورد في رسالة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر إلى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني والتي قال فيها “إن هذا التجمع الأخوي يمثل إحدى الخطوات المنشودة نحو الطريق الصحيح لإعادة اللحمة الخليجية لسابق عهدها وتعزيز وشائج وأواصر الأخوة”. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية قد كشفت أن وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن زار السعودية سرا في أكتوبر، والتقى كبار المسؤولين بالمملكة، لإنهاء المقاطعة. ووصفت الصحيفة الزيارة بـ”الجهد الأكثر جدية” منذ قرار الدول الأربع بمقاطعة قطر في يونيو 2017 ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تسمه، قوله إن الوزير القطري قدم عرضا “مفاجئا” للسعودية لإنهاء الحصار أثناء وجوده في الرياض، وهو أن “الدوحة مستعدة لقطع علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين”، معتبرا أن الخطوة “فرصة واعدة حتى الآن لإنهاء النزاع”. وتؤكد العديد من المصادر الخليجية أن العرض القطري لقطع العلاقات مع جماعة الإخوان غير كاف، لأنه لا يمكن التأكد من جديته، حيث أن الإخوان يتوزعون على دول عدة تأتي في مقدمتها تركيا الحليف الأقرب إلى قطر. ويشدد هؤلاء على أن مجرد الحديث عن استعداد قطر لقطع العلاقة مع الإخوان يعتبر تعويما للأزمة التي ترتبط بأبعاد أخرى منها تحالف الدوحة مع إيران وفتح أراضيها لقاعدة تركية وتعمدها الدخول في صدام مباشر مع مصالح الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بما يؤثر سلبا على أمنها القومي وعلاقاتها الدولية. وقال الصحافي والمحلل السياسي المصري عمادالدين أديب، إن الخلاف بين الدول المقاطعة لدولة قطر ليس خلافا مع قطر كدولة أو ككيان أو كشعب ولكن مع صانع القرار القطري بصفته عضوا مؤسسا لمجلس التعاون الخليجي وعضوا في جامعة الدول العربية. لكن في المقابل، يرى الكثير من المتابعين أن قطر مستعدة لتنفيذ المطلوب منها، ولكن دون أي حرج قد تتعرض له بعد أن كانت قد رفعت سقف تحدياتها للدول الأربع، خصوصا وأنها تراهن على إنجاح كأس العام 2020 الذي لن يتحقق دون تعاونها مع محيطها الجغرافي.
مشاركة :