أعلنت وزارة الخارجية الصينية يوم 2 ديسمبر الجاري عن فرض عقوبات على بعض المنظمات غير الحكومية الأمريكية التي تصرفت بشكل سيء في الشغب الذي يجتاح هونغ كونغ من جراء تعديل قانون تسليم المجرمين الهاربين، وتشمل كل من المؤسسة الوطنية للديمقراطية والجمعية الديمقراطية الوطنية للشؤون الدولية والمعهد الجمهوري الدولي ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) ومنظمة فريدم هاوس. وأكدت الرئيسة التنفيذية لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة كاري لام يوم 3 ديسمبر الجاري، أن حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة سوف تتعاون وتتابع وفق متطلبات الحكومة المركزية فيما ما يخص الشؤون الخارجية. فلماذا تفرض الصين عقوبات على تلك المنظمات الأمريكية غير الحكومية؟ ماذا فعلت هذه المنظمات في هونغ كونغ؟ ماذا فعلت في بلدان أخرى؟ شهدت جورجيا وغيرها من ثلاث بلدان رابطة الدول المستقلة تغيير في النظام بعد عام 2003. كما اجتاح " الربيع العربي" تونس ومصر ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأخرى بعد عام 2010. وفي عام 2014، اندلعت النزاعات والانقلابات الدموية في أوكرانيا. وكانت هونغ كونغ قد شهدت حادثة “احتلال المركز" في سبتمبر 2014، ووقعت "أعمال شغب في مونغ كوك" في يونيو 2016، لتهب بعدها عاصفة تعديل قانون تسليم المجرمين الهاربين التي تشهدها هونغ كونغ من يونيو من هذا العام إلى الوقت الحاضر. وإن لكل هذه الحوادث قانون، وتبدو سطحيا أن مجموعة من أعضاء المعارضة الداخلية نفذت "سياسات الشارع"، ثم حصلت على دعم "الرأي العام"، وانتشرت أخيرًا حركة اجتماعية تخريبية واسعة النطاق. لكن، عند التوصل الى حالة التأمل والتعمق في جوهر ما سبق ذكره نكتشف أن القوة الدافعة الحقيقية وراء ذلك هي القوة الغربية. وفي هذه الحرب غير المرئية، باتت بعض المنظمات غير الحكومية الدولية التي تسمى المنظمات غير الحكومية أهم الناقل، والمؤسسة الوطنية للديمقراطية أكبر قوة. وتزعم المؤسسة الوطنية للديمقراطية بالولايات المتحدة الأمريكية بأنها منظمة غير حكومية، ولكن تم تأسيسها بالفعل من قبل إدارة ريغان في عام 1983. وهي تستخدم للقيام بأنشطة سياسية وحرب نفسية التي لا يلاءم تنفيذها من قبل الحكومة مباشرة، ويأتي أكثر من 80٪ من تمويلها من الحكومة والكونغرس. كما للمؤسسة علاقة وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حتى أنها تعرف باسم "وكالة الاستخبارات المركزية الثانية". وقبل وبعد الاضطرابات في هونغ كونغ، استثمرت المؤسسة الوطنية للديمقراطية 86 مليون دولار على الأقل في منظمات معارضة مختلفة في هونغ كونغ. بالإضافة إلى الاستثمار المباشر للأموال، لدى المؤسسة الوطنية الأمريكية للديمقراطية مهمة رئيسية أيضًا، وهي تحديد وتدريب الوكلاء الأمريكيين في هونغ كونغ، وكانوا هذه المرة بمثابة قادة "الفوضى". يعد إصدار "تقارير الأبحاث" و "نتائج المسح" طريقة شائعة تستخدمها هذه المنظمات غير الحكومية. وأن هيومن رايتس ووتش التي تأسست عام 1978 تتقن ذلك. حيث لطالما تدخلت هذه المنظمة في قضايا التبت وشينجيانغ والمناطق العرقية الحدودية، ودعمت بعض عناصر "استقلال شينجيانغ" و "استقلال التبت". كما شوهد أعضاء المنظمة خلال أعمال العنف الأخيرة في هونغ كونغ. لماذا تصبح هذه المنظمات غير الحكومية أفضل دافع لثورة الألوان في الدول الغربية؟ تمتلك هذه المنظمات غير الحكومية وسائل وخصائص مرنة للغاية في البلدان المستهدفة لها: فهي مفتوحة ومخفية على حد سواء، وتتصرف بشكل مباشر ومتسلل. تعتبر الإيديولوجيا فكرا داخليا يعمل على توجيه الفرد. أولا، غالبًا ما تستخدم بعض المنظمات غير الحكومية الغربية البحث العلمي والبحث الاجتماعي ذريعة لتشجيع تغيير فكر الافراد المستهدفين. على سبيل المثال، ترغب هذه المنظمات غير الحكومية في دراسة مواضيع "الديمقراطية والحرية"، "قضايا حقوق الإنسان"، "التصويت والانتخابات"، "العصيان المدني"، "الحركة غير العنيفة"، و "الشرعية السياسية". ومن خلال هذه الدراسات، تصدر هذه المنظمات غير الحكومية باستمرار تقارير بحثية لها مواقف ثابتة، وتلخص الأسباب الجذرية للمشاكل في المجتمع المستهدف على أنها "انعدام الديمقراطية"، وتلخص طرق حل المشكلات في "الديمقراطية"، وتعمل على عقد العديد من الندوات والمنتديات، دورات تدريبية، والتي تؤثر بشكل رئيسي على قادة الرأي ووسائل الإعلام، وأخيرا تؤثر على الجمهور. ثانياً، الدعم المالي هو الطريقة الأكثر مباشرة لممارسة مثل هذه المنظمات غير الحكومية. وتحتاج الحركات الاجتماعية إلى تعبئة الموارد المختلفة، واستخدام الموارد يتطلب إنفاق الأموال. وعادة ما تقدم بعض المنظمات غير الحكومية الغربية الأموال إلى وكلاء مختارين، ومنظمات غير حكومية محلية، ووسائط إعلامية، وجامعات، ومنظمات طلابية، وحتى مشاريع حكومية على أساس "التمويل" و "التبرع" و "العلاقات العامة". أخيرًا، يعد التدريب على الاستراتيجية والمهارات أيضًا خطوة أساسية أثناء مرحلة التخمر ومرحلة الاطلاق. وفي ظل الوضع الذي تشهده هونغ كونغ في الأشهر الأخيرة، فإن حركة المتظاهرين العنيفين منظمون للغاية واستراتيجيون وفنيون. في الواقع، هذه المنظمة هي نتيجة لسنوات من التدريب. أقرت روسيا كدولة مستهدفة لهجمات المنظمات غير الحكومية الغربية قانون المنظمات غير الحكومية في عام 2012، وفي عام 2015 أصدرت قانون " المنظمات غير المرحب بها". في عام 2016، أصدرت الصين قانون "جمهورية الصين الشعبية بشأن إدارة أنشطة المنظمات غير الحكومية في الخارج." والمؤسف حقا، هو غياب قانون مماثل في هونغ كونغ، مما أدى إلى ترك فضاء لهذه المنظمات غير الحكومية والقدرة على لعب دور فظيع في العواصف.
مشاركة :