عُقدت الجلسة العامّة الثانية من مؤتمر "فكر17" في الظهران بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، تحت عنوان "الثورة الصناعية الرابعة"، وشهدت الجلسة نقاشًا غنيًّا تناول تعميم تطبيقات الثورة الرقمية والتكنولوجية على مناحي الحياة كافّة عبر الروبوتات والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو والتكنولوجيا الحيوية، فضلًا عن الطباعة الثلاثية الأبعاد، والمركّبات المستقلّة وغيرها. أدار الجلسة الأمين العام السابق للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، وشارك فيها المدير التنفيذي لمركز الإسكوا للتكنولوجيا في لبنان الدكتور فؤاد مراد، والرئيس التنفيذي لمجموعة ستاليون للذكاء الاصطناعي في المملكة الأردنية الهاشمية سامر عبيدات، والمهندس هشام بوزكري مدير البحث في الوكالة المغربية للطاقة المستدامة، ورئيسة المنتدى الوطني عن الثورة الصناعية الرابعة في فلسطين الدكتورة ميسون إبراهيم، ورئيسة وحدة أبحاث العوز الصناعي في مستشفى الملك فيصل التخصّصي بالرياض الدكتورة مها المزيني.وأوضح الدكتور حمزة أنّ مؤسّسة الفكر العربي اختارت محور الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، استكمالًا لمبادراتها الهادفة إلى تعزيز الفكر العلمي والاستثمار المُجدي في الابتكار والتكنولوجيا، ومواكبة التوجّهات العالمية، وتحديد المسار العربي، وخلق البيئات المحفّزة للشباب العربي.من جهته أكّد الدكتور مراد أنّ الثورة الصناعية الرابعة هي دمج ما بين المعلومات العلمية والاقتصادية، وتمثّل الاندماج ما بين الاختصاصات، مشيرًا إلى أنّ وجود منافسة عالمية شرسة على الذكاء البشري، وليس على الروبوتات الصناعية، لافتًا إلى رؤية بعض التقنيّين الذين يحاولون الاستغناء عن العقل البشري في قياس الحالة الاجتماعية من خلال التطبيقات الإلكترونية، إذ إنّ جميع منتجات الثورة الصناعية الرابعة مُجبرة على التعامل مع العقل البشري، لمعرفة قوّة المنتجات والخدمات، وإمكانات استخدامها. وأكد أنّ التلاقي بين الاختصاصات هو أمرٌ إجباري، والعمل التكاملي بين العالم العربي إجباري أيضًا، إذ إنّ تحديات الثورة الصناعية الرابعة وخصوصًا في الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في عالمنا العربيّ بحاجة إلى عملٍ إقليمي.وعرّف عبيدات الذكاء الصناعي بأنّه قدرة الأنظمة الذكية على استخدام البيانات والتنبّؤ بالمستقبل، لافتًا إلى أنّ الذكاء الاصطناعي موجود منذ خمسين عامًا، لكنّه اليوم أصبح أكثر سهولة. وتوقّع بأن يضيف الذكاء الاصطناعي 15.7 ترليون دولار على اقتصاد العالم، وأن يضيف 320 مليار دولار في الشرق الأوسط.ورأت الدكتورة ميسون إبراهيم أنّ الثورة الصناعية هي ثورة التكنولوجيا التي بدأت منذ العام 1867 في أوروبا، ولفتت إلى أنّه يمكننا من خلال تطوّر الصناعات العالمية أن نتنبّأ بمجموعة من الفرص التي ستوفّرها هذه الحقبة، مثل فتح أسواقٍ جديدة ستدفع عجلة النموّ الاقتصادي، وتغيير النظام التعليمي لمواكبة احتياجات سوق العمل المستقبلي، وتوفير فرص عمل جديدة، وذلك على الرغم من التخوّف من اندثار وظائف عديدة، وتقليل تكاليف التجارة والنقل والاتصالات، ورفع مستوى الإنتاجية، وزيادة الدعم لأصحاب الأفكار الإبداعية لإنشاء شركاتهم الخاصّة، وإيجاد بدائل خضراء للطاقة، ممّا سيسهم في الحفاظ على البيئة والتقليل من مشاكل التغيّر المناخي، وتغيير نحو الأفضل في عالَم الزراعة وعالم الصناعات الغذائية ورفع كفاءة الخدمات الصحّية.ورأى بوزكري أنّ الثورة الصناعية الرابعة تختلف عن الثورات السابقة، فهي ثورة المعلومات، والمعلومة كنز لكنّه لا يستغلّ، وأيّ ثورة تحمل في داخلها إعادة ترتيب الأدوار والمساهمات، فقد كنّا مستهلكين للثورات السابقة، لكنّنا اليوم نستطيع أن نغيّر ونكون مساهمين في هذا التغيّر، كما أنّ ذخيرة هذه الثورة تكمن في الكفاءات والمعلومات، وما نراه اليوم هو استثمار قوي في التكوين، وهذا ما فعلته المملكة العربية السعودية في تكوين مجتمع مبني على الاقتصاد المعرفي، في حين نجد المهندسين في مجتمعات أخرى يسافرون إلى دول العالم ليكونوا ذخيرةَ في بناء مجتمعات غيرهم.وتطرّقت الدكتورة مها المزيني إلى القطاع الطبّي والطموح في الوصول إلى مرحلة التنبّؤ بالمرض قبل حدوثه، مشيرة إلى أنّ الوصول إلى هذه المرحلة يحتاج لوجود قاعدة بيانات. وأكّدت أنّ معظم دول العالم ما زالت بعيدة عن تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وخصوصًا النامية منها، لكن وعلى الرغم من التخوّفات، تمثّل الثورة الصناعية الرابعة الأمل للعديد من الدول والشعوب لتحسين المستوى المعيشي للأفراد، ورفع كفاءة الخدمات الصحّية والتعليمية وحماية البيئة وتحقيق المساواة الاجتماعية بين الجنسين، وتعزيز فرص العمل للمرأة والشباب ودفع عجلة الاقتصاد وتعزيز التنافسية، إنهّا الثورة الصناعية التي ستشكّل المستقبل الذي لا مفرّ منه، وعلينا جميعًا أن نستعدّ لهذا التغيّر الحتمي.
مشاركة :