النظام العراقي يلعب ورقة التظاهرات المفتعلة لضرب الحراك الشعبي

  • 12/6/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اجتاحت ساحة التحرير في بغداد، حيث يتجمع المتظاهرون منذ مطلع أكتوبر الماضي، موجة بشرية حاشدة هتفت ضد الولايات المتحدة والسعودية منادية بسلمية الاحتجاج، ليتبيّن بعد حين أنها حركة مفتعلة وغير تلقائية أعدّت لها الفصائل المسلحة الموالية لإيران بعناية على مدى أيام واستخدمت في الحشد لها مبالغ ضخمة من المال، بهدف تشتيت المحتجين المطالبين بإسقاط النظام السياسي. وتدفّقت صباح الخميس موجة بشرية على ساحة التحرير ونفذت فيها عدة جولات وهي تهتف ضد واشنطن والرياض، قبل أن تنحسر تدريجيا وتختفي ليعود المتظاهرون المعتصمون إلى خيمهم ومواقع تجمّعهم. وقال نشطاء في الحراك الشعبي إنّهم حصلوا على معلومات مؤكدة تشير إلى أن ميليشيات موالية لإيران بينها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق دفعت بالآلاف من أنصارها إلى ساحة التحرير وطلبت منهم الهتاف باسم المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني للتشويش على حركة الاحتجاج. وقال شهود عيان إن مسؤولين في فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران أعدّوا سيارات للنقل الجماعي ووضعوا فيها المئات من الأشخاص من مدن النجف والكوت وكربلاء وأرسلوهم إلى بغداد لاحتلال ساحة التحرير وطرد المحتجين منها، لكن الخطة فشلت إذ صمد المتظاهرون في مواقعهم. واعتبر مراقب عراقي مواكب للحراك الشعبي عن عدم تفاجئه باتّباع معسكر الموالاة لإيران في العراق تكتيكا متّبعا من قبل النظام الإيراني لضرب حركات الاحتجاج، قائلا “كان من المتوقع أن تلجأ طهران والأحزاب الموالية لها إلى التصدي للتظاهرات بمختلف الطرق ما دامت قد اعتبرت ما يجري في العراق مسألة أمنية تتعلق بشأن إيراني. وهو افتراض استجابت له الأحزاب الحاكمة لأنه في النهاية يصب في حماية مصالحها”. وقال “لذلك تم التعامل مع مطالب المحتجين بقدر واضح من الاستعلاء، بحيث بدت الإجراءات بعد استقالة حكومة عادل عبدالمهدي كما لو أنها محاولة للسخرية من المحتجين ومطالبهم”. وأضاف “إذا ما كان العنف وصولا إلى القتل لم ينفع في تفريق صفوف المتظاهرين ولم يضعف زخم التظاهرات، فإن لإيران وأحزابها أساليب أخرى يمكن أن تعتمدها كأن تدفع إلى ساحات الاعتصام بمظاهرات مضادة مؤقتة وهو ما تفعله الآن قبل اللجوء إلى افتعال الصدامات التي ستجنّد لها أفرادا مأجورين من الميليشيات ومن حملة الأسلحة البيضاء، وقد يكون ذلك تمهيدا لإعلان حالة الطوارئ بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي قد يترأسها أحد زعماء الميليشيات”. وختم بالقول “في كل الأحوال فإنّ إمكانية إجراء مفاوضات مع المتظاهرين تبدو معدومة في ظل الإصرار الإيراني على بقاء التركيبة التي يتشكل منها النظام العراقي كما هي. وما لم يُعل المجتمع الدولي من صوته المدافع عن حق الشعب العراقي في المطالبة بحقوقه، فإنّ كل السيناريوهات ستكون إيرانية خالصة”. وقال نواب في تحالف سائرون الذي يرعاه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إن هتاف المتظاهرين التابعين للفصائل الموالية لإيران باسم السيستاني هدفه إيهام الشارع ووسائل الإعلام بأن هذه الحركة عراقية، مؤكدين أن معلوماتهم تشير إلى أن هذه الحركة إيرانية بامتياز. وحذّر النواب الصدريون من أن محاولة حلفاء إيران احتلال ساحة التحرير سيعني المزيد من الدماء، لأن المتظاهرين لن يتخلّوا عن الساحة. ولاحقا، سخر المتظاهرون المرابطون في المطعم التركي بساحة التحرير، الذي يطلقون عليه “جبل أحد”، من محاولة الفصائل احتلال موقع التظاهر الرئيسي في بغداد بالاعتماد على عناصر تتحرك بعد أن تقبض الأموال. وقال شهود عيان إن التظاهرة المدفوعة من الفصائل لم تصمد في التحرير سوى نحو ساعة واحدة، قبل أن تتفكك وتختفي مع شعاراتها، إذ عاد أصحابها إلى المواقع التي ترجلوا فيها ليستقلوا السيارات التي كانت بانتظارهم والعودة إلى المدن التي جاؤوا منها. وفيما كان أنصار الحشد الشعبي يحاولون احتلال ساحة التظاهر الرئيسية في بغداد، كانت الاحتجاجات في مدن الجنوب العراقي تأخذ زخما جديدا مع انضمام عائلات الضحايا والعشائر إلى التظاهرات للمطالبة بوقف العنف، بحسب ما أوردته وكالة فرانس برس. وفي الناصرية حيث أسفرت عمليات القمع، الأسبوع الماضي، عن مقتل نحو عشرين متظاهرا خلال ساعات، التحقت وفود عشائرية بالمتظاهرين المتجمهرين في وسط المدينة الجنوبية. وفي وسط مدينة الديوانية القريبة، تجمّع الآلاف من المحتجين مطالبين بالعدالة لضحايا عمليات القمع. كما تواصلت الاحتجاجات أيضا في النجف التي كانت قد شهدت مجزرة دامية بحق المحتجين، سقط فيها العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى. وتوقّعت مصادر من داخل الحراك الاحتجاجي أن تتنقل التظاهرات الحشدية المفتعلة خلال الأيام القادمة عبر مدن الجنوب المنتفضة واحدة تلو الأخرى نظرا إلى محدودية العدد المستخدم في تلك التظاهرات، وعدم قدرة منظّميها على الحشد لها بشكل متواز في عدّة أماكن. ويأتي ذلك، بالتزامن مع حراك سياسي في المنطقة الخضراء عالية التحصين داخل بغداد يستهدف التوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة الحكومة خلفا للمستقيل عادل عبدالمهدي، بشرط أن يضمن مصالح الأحزاب الكبيرة.

مشاركة :