بغداد - وكالات: دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، أمس، إلى تشكيل حكومة جديدة بعيداً عن التدخّل الخارجي. جاء ذلك في بيان تلاه عنه ممثله عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء جنوبي البلاد، نقلته وكالة «الأناضول». وقال الكربلائي: «نأمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة وأعضائها ضمن المدة الدستورية ووفقاً لما يتطلع إليه المواطنون بعيداً عن أي تدخّل خارجي، علماً أن المرجعية الدينية ليست طرفاً في أي حديث بهذا الشأن ولا دور لها فيه بأيّ شكل من الأشكال». ووافق البرلمان العراقي، الأحد الماضي، على استقالة حكومة عادل عبد المهدي على خلفية دعوة السيستاني للبرلمان بإعادة النظر في مساندتها، وضغط الاحتجاجات الشعبيّة وأعمال العنف التي تخللتها منذ مطلع أكتوبر الماضي. وبشأن الاحتجاجات، قال ممثل السيستاني: إن «الحراك الشعبي إذا اتسع مداه يكون وسيلة فاعلة للضغط على من بيدهم السلطة، ولكن الشرط الأساس لذلك هو عدم انجراره إلى أعمال العنف والفوضى والتخريب». وقال إن المحافظة على سلمية الاحتجاجات مسؤولية تضامنية بين قوات الأمن والمتظاهرين على حد سواء. وحثّ الجميع على «مساندة القوات الأمنية واحترامها، وتعزيز معنوياتها، وتشجيعها على القيام بدورها في حفظ الأمن والاستقرار على الوجه المطلوب، لتفادي الفوضى والإخلال بالنظام العام». وتابع الكربلائي في تلاوته لبيان السيستاني: «إننا إذ ندين - مرة أخرى - كل ما وقع خلال الأيام السابقة من سفك للدماء البريئة والإضرار بالممتلكات الخاصة والمؤسسات العامة، ندعو جميع المتضرّرين إلى سلوك السبل القانونيّة في المطالبة بحقوقهم». كما دعا الأجهزة القضائية إلى «محاسبة ومعاقبة كل من اقترف عملاً إجرامياً - من أي طرف كان - وفق ما يحدّده القانون». وحذر السيستاني من «الذين يتربصون بالبلد ويسعون لاستغلال الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح لتحقيق أهداف معينة تنال من المصالح العليا للشعب العراقي ولا تنسجم مع قيمه الأصيلة». ميدانياً توافد آلاف المحتجين من مختلف المدن العراقية منذ ساعات الصباح الأولى أمس، لساحة التحرير وسط بغداد، للمشاركة في تظاهرات واسعة، لرفض إقرار البرلمان قانوني المفوضية والانتخابات، في إجراءات يصفها المتظاهرون ب»الترقيعية»، وكذلك حراك القوى السياسية من أجل اختيار رئيس وزراء جديد. ويأتي هذا وسط تخوّف من إثارة «متظاهري المليشيات والأحزاب»، وهو الاسم الذي أطلق، على مئات اقتحموا ساحة التحرير وسط بغداد، يحملون صوراً لزعماء دينيين وشعارات سياسية مختلفة، وهتافات ذات بعد طائفي، لمشاكل بعد يوم شهد اعتداءات بالطعن من قبل هؤلاء على متظاهرين، بينهم ثلاث فتيات. ولم يقتصر توافد المتظاهرين على ساحة التحرير، إذ شهدت ساحات الخلاني والطيران والوثبة تجمعات للآلاف الذين حضروا للمشاركة في التظاهرات، وسط تشديد القوات العراقية إجراءاتها الأمنيّة في العاصمة، في ظل دعوات أطلقها ناشطون لمشاركة أبناء محافظات الوسط والجنوب التي تعرضت للقمع الحكومي بتظاهرة الجمعة في بغداد. وفي ذي قار جنوباً، واصل المتظاهرون تجمعهم على جسر الحضارات في مدينة الناصرية، رافضين محاولات الأحزاب والمليشيات اقتحام ساحات الاحتجاج، كما يستمرّ الاعتصام الكبير في ساحة الحبوبي بالمدينة ذاتها. ويصرّ المحتجون هناك على ضرورة محاسبة قتلة أبناء المدينة من المتظاهرين بشكل عاجل، وقبل تنفيذ بقية المطالب. كما شهدت ساحات التظاهر في النجف وكربلاء والمثنى وميسان وبابل وواسط احتجاجات، ناشدت المرجعية الدينية في النجف بضرورة مواصلة ضغطها على القوى السياسية من أجل تنفيذ مطالب المُحتجين. ومن أبرز المطالب التي ركز عليها المتظاهرون، قيام البرلمان بحل نفسه وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة بإشراف مباشر من قبل الأمم المتحدة. وقال الناشط حامد السيد، في منشور على صفحته في «فيسبوك»، إنّ «متظاهري بغداد والجنوب سيتظاهرون في بغداد لرفض خريطة الطريق التي يحاول تجار الحروب فرضها على حساب خريطة الطريق التي تتمسك بها المرجعية الدينية بالنجف»، مبيناً أنّ احتجاجات الجمعة ستشهد ارتفاعاً. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن آلافاً من مؤيدي الحشد الشعبي دخلوا أمس الأول بشكل مفاجئ ساحة التحرير، التي تعتصم فيها أعداد كبيرة من المتظاهرين. وأضافت الوكالة إن هؤلاء لم يكونوا مسلحين، وكان بعضهم يحمل العصي، وتابعت إنهم قاموا «باستعراض قوة» في الساحة من دون أن يدخلوا في مواجهة مع المعتصمين داخلها. وقال عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان بالعراق علي البياتي، إن مجموع الضحايا في المظاهرات منذ انطلاقتها بلغ 460 قتيلاً وأكثر من عشرين ألف مصاب. وأضاف إن عدد المعتقلين بلغ 2650 معتقلاً، أطلق سراح أغلبهم، غير أن حوالي 160 ما زالوا رهن الاعتقال.
مشاركة :