مَنْ يملك المال العام؟ | مقالات

  • 5/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتحدث الناس كثيرا عن المال العام من حيث الحفاظ عليه وعدم نهبه والعبث فيه، بينما لو سألت هؤلاء ما المقصود بالمال العام فإن الإجابة لن تكون واحدة، ومع ذلك سيظل التساؤل واجباً مشروعاً عن مفهوم المال العام، وما حدوده ونطاقه وآلية التصرف فيه؟ وما الأشياء التي توصف بأنها المال العام ولا توصف غيرها بها؟ إن المال العام عامة يعني تلك المبالغ المالية التي بيد الحكومة كجهة مؤتمنة تصرفها على التنمية من أجل تقدم الدولة وازدهارها في إطار أن يكون الإنفاق مقيداً بضوابط ونظم تحاسب الحكومة على آلية التعامل معه ووفق أسس ترشيد الإنفاق، ووضع التشريعات التي تحمي الأموال من السرقة والهدر. فالمال العام هو مال الشعب الذي لا يدخل في التملك الفردي، وإنما لمصلحة العموم ومنافعهم من خلال تطبيق المساواة بين الناس في الانتفاع بهذه الأموال العامة. هذه المقدمة للتعريف بالمال العام تدعو إلى الانتباه للتحديات التي تواجه الحكومة في تعاملها مع المال، ومحاسبة كل مقصر أو مختلس بالطريقة القانونية، وحماية المال العام في ظل الرقابة والقانون والأخلاق. نقول ذلك بعد أن أصبحت الحكومة تهدد نفسها بأنها ستحاسب المقصرين في الأجهزة التابعة لها في حال الإخلال بالمال العام، فكما يلاحظ في غالبية السرقات والهدر للمال العام أنها تتم من المسؤولين الحكوميين، وتسجل في تقارير ديوان المحاسبة، ولكثرة التعديات على المال العام وأشكالها أصبحت ظاهرة مقلقة للناس، هذا في الوقت الذي تكرر فيه الحكومة أهمية الحفاظ على المال العام، وإحالة كل مخالف إلى القضاء. أما الحديث في طـــبيعة التعـــديات عـــلى المــال العام فــهو شأن آخر يحتاج إلى بحث فـــي الدوافع والنتائج، فالتعديات على المال العام تحدث بشكل مكشوف، وفي جرأة عالية تــــتسم بعدم الخوف من العـــقـــوبة، وبــفـــقــــدان الأخلاق، والإساءة للـــوطن والنــاس، وهناك أمثلة لهذه الـــــتعديات منـــها «الداو كيمكل»، وسرقة أموال التأمينات الاجتماعية، واختلاسات في استثمارات لندن، وتهريب الديزل وقبـــض أثــمانه، والتحويلات المالية لبعض أعضاء مجلس الأمة، واختلاسات مالية من البنوك، وتجاوزات مالية حول عقود أبرمتها «هالبيرتون» مع شركات كويتية لتزويد الجيش الأميركي في العراق بالمحروقات، وهدر أكثر من (120) شركة الأموال من قبل مجالس إداراتها والدخول في استثمارات غير مدروسة، وغيرها الكثير والكثير غير المعروف، وكما يقال المخفي أعظم. هناك تساؤلات عديدة تدور في أذهان الكثيرين منها، لماذا العبث بالمال العام في دولة حباها الله بالثروة، وأصبح الناس في غنى عن مد اليد على المال العام؟! هل هي أزمة أخلاقية أم نظرة سوداوية لمجتمع يتكاثر الطامعون فيه والصراع عليه؟ وهل إشكالية التعدي على المال العام تعود إلى ضعف الرقابة وعدم تطبيق القانون؟ لا شك أن حماية المال العام من العبث تقع على الحكومة والمجلس النيابي، فلا بد من مواجهة جادة للواقع المختل من خلال سن التشريعات، وإيجاد النظم الضابطة والمتابعة الدقيقة والمستمرة. فما يحدث حاليا من سرقات على المكشوف يوحي بأن المال العام ليس من الصعب التطاول عليه، واختلاس ما يمكن اختلاسه، والأدهى في ذلك سهولة هروب المختلس للمال العام، وعدم اكتشاف جريمته إلا بعد هروبه خارج البلاد بعد هدر وسرقة الملايين التي لا تعرف الحكومة عنها شيئا إلا بعد فوات الأوان. yaqub44@hotmail.com

مشاركة :