أكد محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل ضرورة أن تختتم الصناعة المالية الإسلامية مرحلة النشأة الأولى وتستهل انطلاقتها للعالمية ما يستدعي منها اتباع ثلاثة مسارات متزامنة هي سد الثغرات والبناء على المبادئ والابتكار والإبداع. وفي كلمة له خلال افتتاح مؤتمر شورى الفقهي الثامن اليوم بالكويت بمشاركة دولية من أبرز علماء الشريعة وخبراء الصناعة المالية الإسلامية والمجامع الفقهية والمجالس الشرعية، أشار الهاشل الى أهم التحديات والصعوبات أمام الصناعة المالية الإسلامية إضافة الى بعض الملاحظات التي رصدت في هذا القطاع من بينها أن «ثمانية علماء يشغلون مناصب في 30 هيئة شرعية مختلفة فضلا عن أن هناك ثلاثة علماء يشغل كل منهم عضوية سبعين هيئة شرعية على الصعيد العالمي». وأكد أهمية تعزيز استقلال الرقابة الشرعية ومهنيتها والتسامي بأعمال التدقيق الشرعي عن المصالح التجارية، مضيفا «نلمس من الترابط بين كيانات الرقابة الشرعية ما يزيد مخاطر تشابك المصالح وتعارضها ما قد يودي بالمصداقية ويأتي على الثقة في المالية الاسلامية». وقال إنه بإمكان (المالية الإسلامية) في حال قامت على مبادئها توفير ربع الوظائف المطلوبة عالميا خلال عقد ونصف العقد، معتبرا ان محاكاة المنتجات التقليدية مقاربة خاطئة تحجم دور (المالية الاسلامية) وتحد من قدرتها على الابتكار. وفيما يخص المسارات الواجب على (المالية الاسلامية) اتباعها قدم الهاشل في المسار الأول (سد الثغرات) والتي من أهمهما نقص العلماء وضعف الحوكمة وتركز المنتجات، مشيرا الى أن الثغرة الكبرى هي ندرة العلماء الذين يجمعون بين التمكن من الفقه والإحاطة بالعمل المصرفي والمالية.وعن الثغرة الثالثة قال إن التركز الشديد على منتجي المرابحة والإجارة يفوت كثيرا من الفرص لاسيما أن الكثير من الأصول المعروضة للمرابحة هي سلع استهلاكية مستوردة لا تسهم في التنمية الاقتصادية الحقيقية. وبالنسبة للمسار المتعلق بالانطلاق من المبادئ أكد أن مبادئ المالية الإسلامية تحظى بقبول عالمي لدورها في التنمية الاقتصادية المستدامة وارتباطها بأصول حقيقية ومشاركتها الأرباح والخسائر، موضحا أنه بعد عقود من العمل لم يتعد نصيب (المالية الإسلامية) 2 في المئة من المالية العالمية. وطالب باعتماد (المالية الاسلامية) منظورا شاملا يضع الانسان في مركز الاهتمام ويرى في قضايا ارتفاع البطالة وتاخر البحث العلمي وانخفاض مستوى التعليم وتلوث المناخ «مفاسد» يتعين دفعها ويرى في تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات المنتجة وتمويل المشاريع الصغيرة وتبني التقنيات مصالح يتوجب جلبها.وشدد على ان محاكاة المنتجات التقليدية هي مقاربة خاطئة في اساسها تحجم دور (المالية الإسلامية) وتحد قدرتها على الابتكار.واشار الى انه فيما يتعلق بمسار الابتكار والإبداع فان العالم يشهد اليوم عصر الثورة الصناعية الرابعة وهي فرصة للمؤسسات التي تدرك حجم التحولات وتحسن التعاطي معها وهي في ذات الوقت خطر وجودي على المؤسسات الجامدة ضيقة الافق. ولفت الهاشل الى دور (المركزي) واسهاماته في دعم (المالية الاسلامية) محليا وعالميا اذ تبلغ البنوك الاسلامية نصف القطاع عددا وتقترب من النصف حجما بعد ان سمح بتحول البنوك التقليدية التي ترغب في العملِ المصرفي الاسلامي وتحقق ذلك بالفعل لبنكين كويتيين ما انعكس بالايجاب على قطاعات أخرى. ولفت الى إصدار (المركزي) تعليمات لحوكمة الرقابة الشرعية تعد الأفضل على مستوى العالم ما رسخ متانة القطاع المصرفي الاسلامي المحلي وعزز سلامته المالية واستقراره، مشيرا الى تقديم (المركزي) طلبا لمجلس الامة لتعديل قانون البنك تمهيدا لانشاء هيئة رقابة شرعية مركزية لديه. كما أكد حرص (المركزي) على بناء القدرات وتأهيلها للعمل في (المالية الاسلامية) إذ يتواصل مع الجامعات لحثها على تطوير المناهج لتخريج المؤهلين للعمل في هذه الصناعة كما استحدث شهادة معتبرة في مجال التدقيق الشرعي ملزمة لجميع من يتصدى لهذه المهمة.
مشاركة :