قد يفترق المحبون لكن حبهم يبقى عالقًا بقلوبهم، وذكرياتهم رافضة أن تترك مكانها في أذهانهم، قد يختلفون في تعريف الحب، ماهيته، إمكانية دوامه، لكنهم يتفقون على أوقات جمعتهم بعيدة كل البعد عن المنطق والواقع، حلقوا فيها بعيدًا، مستمتعين بأنفسهم ولو للحظات، حتى أنهم ما افترقوا التبس عليهم الواقع بالخيال، فما عادوا يفرقون إن كان ما عاشوه حب أم وهم.وفي فيلمه الأخير "قصة زواج"، يقدم المخرج نواه باومباخ، قصة حب يُكتب فصلها الأخير بالطلاق، "شارلي" يلعب دوره آدم درايفر، و"نيكول" تجسدها سكارليت جوهانسون، يرغبان في الطلاق بعد علاقة دامت قرابة عقد من الزمان، لكنهما لا يعرفان كيف ينهيان المسألة.يبدأ الفيلم بمونولوج طويل لكل من بطلي الفيلم، يتحدث فيه الاثنان عن الخصال المميزة لكل منهما، والتي جعلتهما يقعان في غرام بعضهما البعض، يحكي "شارلي" عن قدرة "نيكول" على التعامل مع الأمور العائلية وحسن اختيارها للهدايا وحبها للعب مع ابنهما "هنري"، أما "نيكول" فتعشق شجاعته وعدم تأثره بآراء الآخرين وبكاءه السريع في الأفلام، ويتفق الاثنان على حبهما للتنافس وعدم تقبلهما للهزيمة."أين ذهب الحب الذي جمعهما؟"، لا أحد يعرف، كيف وقعت نيكول في حب شارلي في اللحظة الأولى التي رأته فيها على المسرح، لتختار أن تترك عملها في هوليوود وتبدأ معه في مسرح نيويورك، فجأة أصبحت نيكول لا ترى في شارلي سوى تحكمه واعتداده بنفسه وأولوياته، لا يسألها عن رغباتها ولا يهتم بما تريده، أما هو فوجد معاها الحب والأمان الذي افتقده في طفولته التي امتلأت بالعنف، لكنه ومن دون سابق إنذار أصبح يرى أن علاقتهما بدأت سريعًا وقد كان أمامهما الوقت لتجربة الكثير قبل أن يقعان في فخ الالتزام الزوجي، لتضع الخيانة الزوجية نهاية للقصة.البعض يرى في الزواج استكمال للحب وتتويج له، وأخرون يرونه نهاية للحب حتى وإن طال سنوات سيضع الطلاق سطورها الأخيرة عاجلًا أم أجلًا، ما يعزز الرؤية الأخيرة هو انتشار حالات الطلاق، فأغلب الناس مرت بتجربة طلاق أو أكثر، صناع الفيلم نواه باومباخ، وسكارليت جوهانسون، ولورا درن التي جسدت شخصية المحامية نورا، مروا بتجارب طلاق بعضها مريرة ما جعلهم يساهمون بتجاربهم الشخصية في الفيلم الذي خرج بصورة واقعية لحد كبير.استشار المخرج نواه باومباخ العديد من المحامين، وعرض عليهم السيناريو الخاص بالفيلم، حتى يتأكد من خروج مشاهد الصراع بين الزوجين لإنهاء زواجهما بصورة قانونية على نحو صحيح، حتى أن شخصية نورا المحامية، مستوحاة من محامية حقيقية تولت الدفاع عن جوهانسون ودرن في قضايا طلاقهن.من المتوقع أن ينافس الفيلم، التي تنتجه منصة نتفليكس على العديد من جوائز الأوسكار، في فئات الإخراج وأحسن فيلم وحتى فئات التمثيل الرئيسية والمساعدة، فنجومه الثلاث جوهانسون ودرايفر ودرن قدموا أداءات مقنعة ومميزة على نحو بعيد، يبقى أن نتنظر هل ستحقق نتفليكس نجاحها الأكبر بالفوز بجائزة أفضل فيلم عن فيلم لم يكلفها أكثر من ١٨ مليون دولار.
مشاركة :