مشروع النصف مليار جنيه إسترليني لجمع البرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابي في فريق واحد والفوز بلقب دوري أبطال أوروبا فشل حتى الآن، لكن في ظل جاهزية اللاعبين الآن هل يمكنهما المحاولة للمرة الأخيرة؟بعد فوز باريس سان جيرمان 3 - 1 على مونبلييه الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، في دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم السبت.، وقبل ذلك الفوز على نانت بهدفين مقابل لا شيء منتصف الأسبوع الماضي، كتبت صحيفة «لو باريزيان» الفرنسية: «المشروع الكبير لباريس سان جيرمان هو فكرة، وخيال قد نراه في أحلامنا، لكنه لا يتحول إلى واقع أبدا في المباريات».وقد يكون من الأفضل أن تقرأ هذه الكلمات بلغتها الأصلية (الفرنسية) لكي تشعر بمرارة الكلمات. ورغم أن باريس سان جيرمان يحقق نتائج إيجابية رائعة ويبدو وكأنه قد تحول لآلة لتحقيق الفوز تلو الآخر في الوقت الحالي، لكن ما زال هناك شعور بأن النادي لم ينجح في تحقيق أهدافه. وبعد الفوز على مونبلييه تصدر باريس سان جيرمان جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز بفارق 8 نقاط عن أقرب منافسيه، كما ضمن التأهل من دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا كأول لمجموعته.يضم الفريق كوكبة من اللاعبين الرائعين، للدرجة التي تجعل لاعبين كبيرين مثل ماورو إيكاردي وإيدنسون كافاني يجلسان على مقاعد البدلاء. كما يضم الفريق خط وسط صلبا للغاية بقيادة إدريسا غاي وماركو فيراتي، وهما اللاعبان اللذان يتميزان بدقة التمرير والقدرة على استخلاص الكرات من الفريق المنافس بشكل رائع.ورغم كل ذلك، لا يزال الفريق يعاني من خلل كبير. لقد مر عامان ونصف على بدء الحملة التي أطلقها النادي الباريسي للتعاقد مع اثنين من أفضل اللاعبين في عالم كرة القدم، حيث ضم الفريق الفرنسي المهاجم البرازيلي نيمار في أغسطس (آب) 2017 من برشلونة الإسباني مقابل 198 مليون جنيه إسترليني كأغلى لاعب في تاريخ كرة القدم. وبعد ذلك بثلاثة أسابيع أخرى، تبع باريس سان جيرمان هذه الصفقة بصفقة أخرى مدوية، عندما تعاقد مع النجم الفرنسي الصاعد بسرعة الصاروخ كيليان مبابي، في البداية على سبيل الإعارة، ثم الشراء النهائي.ورغم ذلك، لم يلعب نيمار ومبابي معا سوى مباراة واحدة فقط (نعم مباراة واحدة فقط) في الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا خلال عامين. فقد غاب نيمار عن مبارتي الذهاب والعودة أمام مانشستر يونايتد بسبب الإصابة العام الماضي. وقبل ذلك، لعب نيمار ومبابي معا في مباراة الذهاب ضد ريال مدريد، قبل أن يتعرض البرازيلي لإصابة جديدة ويغيب عن المباراة الحاسمة التي خسرها باريس سان جيرمان في فرنسا. وعندما ننتقل إلى الوقت الحالي سنكتشف أن عصر نيمار ومبابي في باريس سان جيرمان قد بات على وشك الانتهاء، أو يمكن وصفه بأنه «معلق بين السماء والأرض»، إن جاز التعبير.لقد سجل مبابي الهدف الأول لفريقه في مرمى نانت بشكل رائع، لكنه خرج من ملعب المباراة في الدقيقة 78 من عمر اللقاء وكانت علامات الحزن ظاهرة للغاية على وجهه وهو في طريقه للخروج. وبعد ذلك بقليل، أحرز نيمار الهدف الثاني من ركلة جزاء واحتفل بطريقة صاخبة باتجاه جماهير النادي التي كانت تطلق صافرات الاستهجان ضده، بسبب رغبته في إجبار النادي على التخلي عنه من أجل العودة إلى برشلونة مرة أخرى.وعلاوة على ذلك، كانت مباراة باريس سان جيرمان أمام نانت بمثابة لحظة مهمة أخرى، إذ أن هذه هي المرة الأولى التي يسجل فيها نيمار ومبابي في مباراة واحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث مرت عشرة أشهر كاملة لم يلعب خلالها النجمان معا سوى 120 دقيقة فقط! ويكفي أن نعرف أن اللاعبين حصلا معا على أجر بلغ 90 مليون جنيه إسترليني حتى تمكنا من التسجيل معا في نفس المباراة! كما أن إجمالي الرواتب التي حصلا عليها مع قيمة صفقتي انضمامها إلى النادي الباريسي بلغ 570 مليون جنيه إسترليني!ويعني هذا أن لدينا مشروعا بقيمة نصف مليار جنيه إسترليني كان الهدف منه هو مشاركة هذين اللاعبين في الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا. لكن في نهاية المطاف لم يلعب نيمار ومبابي معا سوى مباراة واحدة فقط في الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا على مدار عامين كاملين، وهي المباراة التي انتهت بهزيمة باريس سان جيرمان أمام ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في عام 2018. وغاب نيمار عن مباراة العودة في باريس بسبب إصابته في القدم، كما حرمته الإصابة من المشاركة في مبارتي الذهاب والعودة أمام مانشستر يونايتد الموسم الماضي.وكان من الممكن أن يكون هذا الموقف أكثر إثارة للإحباط لو ظهر اللاعبان بشكل سيئ عندما يلعبان سويا! لكن الحقيقة عكس ذلك، حيث يقدم اللاعبان مستويات مميزة للغاية عندما يلعبان سويا. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أنه خلال 46 مباراة لعبها مبابي ونيمار معا سجل باريس سان جيرمان 150 هدفاً، بما في ذلك 20 تمريرة حاسمة فيما بينهما. وكانت الفترة الأكثر إنتاجية فيما بينهما هي الفترة بين سبتمبر (أيلول) من العام الماضي ويناير (كانون الثاني) من العام الجاري، عندما سجلا معا في 10 مباريات.الفرنسي زين الدين زيدان مدرب ريال مدريد لم يتوقف أبدا عن إبداء إعجابه بمبابي وطالب أكثر من مرة بضرورة تعاقد الفريق الملكي الإسباني معه.ويدرك باريس سان جيرمان ومدير الرياضي البرازيلي ليوناردو أن انزعاجهم من تصريحات زيدان لا يقلل من حقيقة أن المهاجم الشاب لديه الرغبة أيضا في الانضمام لريال مدريد. ورد ليوناردو على زيدان بقوله: «بصراحة، الأمر مزعج، مزعج جدا، إنها ليست المرة الأولى التي يتحدثون فيها عن مبابي فهو لاعب يتبقى له عامان ونصف من عقد يربطه بنا. الحديث عن رغبة، عن حلم في كل مرة، يجب أن نتوقف عن هذا الأمر. ليس الوقت المناسب للتعرض له من الناحية الذهنية».لكن كلام ليوناردو لم يعجب زيدان الذي أصر على أن كل ما قام به هو نقل ما قاله اللاعب وصرح: «مبابي قال بنفسه إن حلمه اللعب في أحد الأيام بقميص ريال مدريد».كما أن مبابي يعتبر زيدان قدوة له ويقول في هذا الصدد: «لقد كان مثالي الأعلى طوال طفولتي، وكنت أريد دائما تقليده في أشياء كثيرة»، وكذلك كان معجبا بنجم ريال مدريد السابق كريستيانو رونالدو الذي دافع عن ألوان النادي الملكي من 2009 إلى 2018 قبل الانتقال إلى يوفنتوس الإيطالي والذي كان صوره تملأ جدران غرفة مبابي.وكان ريال مدريد قاب قوسين أو أدنى من التعاقد مع مبابي عام 2017 لدى رحيل الأخير عن موناكو لكنه قرر الانتقال إلى صفوف فريق العاصمة الفرنسية في صفقة جعلت منه ثاني أغلى لاعب في العالم بعد زميله البرازيلي نيمار.لكن ماذا عن عام 2020؟ لقد وضع باريس سان جيرمان سعرا ضخما للتخلي عن مبابي بحسب ما أشارت إليه تقارير في الصحف الإسبانية وهو 400 مليون يورو. بيد أن سان جيرمان يدرك تماما بأنه لا يوجد أي ناد يستطيع تسديد هذا المبلغ الذي يعتبر تقريبا ضعف ما دفعه سان جيرمان للتعاقد مع نيمار.لكن رغم كل ذلك يبدو أن مبابي سيكون في طريقه إلى ريال مدريد الصيف المقبل، بينما كان نيمار غائبا عن المباريات معظم الستة أشهر الماضية بسبب الإصابة. لكن في الوقت الحالي، أصبح كل منهما لائقا تماما، وبالتالي يتعين عليهما العمل بكل قوة خلال الفترة المقبلة من أجل تحقيق الهدف الأسمى للنادي وهو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. وهناك نقطتان واضحتان للغاية، الأولى هي أن مبابي يكون المهاجم الأكثر فعالية في العالم عندما يكون لائقا. والنقطة الثانية هي أن نيمار لاعب عالمي من طراز رفيع ويمتلك قدرات فنية مذهلة، وهو الأمر الذي يعني أن اللاعبين يكملان بعضهما البعض تماما. لكني السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى يستغل هذان النجمان قدراتهما الهائلة من أجل قيادة النادي للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا؟
مشاركة :