مرور مائة عام على تأسيس شرطة البحرين مناسبة جليلة تستحق الاحتفال والاحتفاء والتوقف عندها مطولا. ومهما قيل أو كتب في هذه المناسبة، يظل هناك الكثير مما يجب أن يقال عن رجال الشرطة وتاريخهم الطويل ودورهم الوطني. الشعار الذي تم اختياره للاحتفالية جاء معبرا فعلا. نعني شعار «شرطة البحرين.. ولاء وتضحية».. الشعار يعبر أفضل تعبير عن جوهر رسالة الشرطة ودورها الوطني الذي لعبته منذ نشأتها حتى اليوم.. جوهر رسالتها ودورها هو الولاء للوطن وللقيادة، والدفاع عن الوطن والشعب والقيادة، وتقديم التضحيات من أجل ذلك. قبل كل شيء هذا الاحتفال بمئوية الشرطة هي مناسبة لتذكر الرواد الأوائل الذين حملوا على عاتقهم مهمة التأسيس في البدايات وفي ظروف غاية في الصعوبة، ثم بعد ذلك تولوا مهمة تطوير جهاز الشرطة والارتقاء بعمله، وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسيمة. وقد كان جميلا جدا أن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في الكلمة التي ألقاها جلالته في احتفالية الشرطة كان حريصا أشد الحرص على أن يوجه التحية والتقدير إلى هؤلاء الرواد الأوائل ويعبر عن الشكر والعرفان لهم بكلمات معبرة ومؤثرة. جلالته اعتبر أن هؤلاء الرواد «أسسوا لنا البحرين الحديثة، وجعلوا الأمن والاستقرار ركيزة لنماء الوطن، معربين عن اعتزازنا بهذه المناسبة وما تحمله من دلالات تاريخية، ومعانٍ سامية، تتضمن الشكر والتقدير: للبُناة الأوائل، الذين قدموا نموذجا صادقا في البذل والعطاء. ومن حق الوطن أن يفتخر بأبنائه، ويستذكر مواقفهم، فالمواطنون المخلصون تفخر بهم الأجيال، ويخلدهم التاريخ بأحرف من نور». أيضا، كان الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية حريصا في كلمته على أن يوجه التحية والتقدير إلى هؤلاء الرواد، وقال: «إن ذكرى مرور مائة عامٍ على تأسيس شرطة البحرين؛ هي استنهاض لذاكرة الوطن، وعزائم الرجال، وهمم المخلصين الأوائل؛ الذين حملوا رسالة الحق، ورسالة العمل الأمني بكل تفانٍ وإخلاص؛ ليستحضروا لنا أمجاد حضارةٍ خالدة، ومسيرة أمنيّةٍ مباركة؛ لتظل على الدوام إرثا أصيلاً للأجيال القادمة». ان كان هذا هو فضل الرواد المؤسسين لشرطة البحرين، فإن أجيالا من رجال الشرطة ومن قادتها تعاقبوا على أداء مهامهم الوطنية عبر قرن من الزمن. وكلهم يستحقون التقدير والعرفان. غير أن تحية إجلال وتقدير خاصة يجب أن نوجهها في هذه المناسبة إلى شهداء الشرطة منذ نشأتها حتى اليوم. هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم وهم يؤدون مهامهم الوطنية ودفاعا عن الوطن وحماية له. هؤلاء لا يمكن لأي كلمات أن توفيهم حقهم. الحديث عن الدور الوطني الذي لعبته شرطة البحرين عبر تاريخها يحتاج إلى صفحات طوال، لكن يكفي أن نقول إن الوطن وأبناءه جيلا بعد جيل مدينون لرجال الشرطة بما تمتعت البحرين به عبر تاريخها من أمن واستقرار. ورجال الشرطة حين حموا أمن واستقرار الوطن، فإنهم بهذا لعبوا الدور الأكبر والأساسي فيما حققته البحرين عبر هذا القرن من الزمان من إنجازات كبيرة تاريخية في مجال التنمية والتحديث في كل المجالات. القاعدة هنا معروفة.. لا تنمية ولا تقدم ولا تحديث من دون أمن واستقرار. وهذا بالضبط هو الفضل الأكبر لرجال الشرطة عبر مائة عام كاملة. وإذا كان رجال الشرطة قد لعبوا هذا الدور طوال الوقت منذ مائة عام، فقد كان دورهم تاريخيا مشهودا بالذات مع انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك وتوفير أسس النجاح له. التاريخ لن ينسى هنا لرجال الشرطة الدور الوطني الذي لعبوه حين تعرضت البلاد لمؤامرة 2011 التي كانت تهدف إلى إغراق البلاد في الفوضى والدمار. رجال الشرطة بنجاحهم المشهود في مواجهة المؤامرة وفي حفظ أمن واستقرار البلاد في أصعب وأدق الظروف، حموا الوطن، وحموا المشروع الإصلاحي وتجربة البحرين في التنمية والتحديث والإصلاح. تحية لكل رجال شرطة البحرين وقادتها في هذه المناسبة الوطنية.. مرور مائة عام على التأسيس.
مشاركة :