انطلقت صباح أمس، أعمال قمة المستقبل الرقمي التي تنظمها هيئة أبوظبي الرقمية بالتعاون مع «ميسي فرانكفورت الشرق الأوسط»، وتناقش على مدار يومين الفرص والتحديات لتمكين حكومة المستقبل في ظل التحول الرقمي، وأكد مشاركون أن دولة الإمارات العربية المتحدة، بما لديها من إمكانات وبنية تحتية إلكترونية وكوادر بشرية، تقود التحول الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج. وتستعرض القمة التي يشارك فيها أكثر من 1500 شخص، من بينهم وزراء وصناع سياسات وخبراء دوليون، قضايا التحول الرقمي في منظومة العمل بالقطاعين الحكومي والخاص، المدفوعة بأحدث ابتكارات الثورة الصناعية الرابعة، والتعرف على الفرص المحتملة التي توفرها التقنيات الناشئة لمختلف القطاعات في المستقبل. التحول الرقمي ورفاه المجتمعات وقال الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة: «إن التحول الرقمي هو أمر يتحدث عنه الجميع الآن وعن تحدياته وأهميته في ضمان الرفاه والخدمات الأفضل للمجتمعات»، مضيفاً أن «دولة الإمارات تعمل على بناء أمة ذكية لتقود في المستقبل وفق رؤيتها للذكاء الاصطناعي 2021 والتي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث إن التحول الرقمي أمر مؤكد، وينتشر بعد أن بدأ ببطء خلال العقود الماضية، إلا أنه الآن ينتشر على قطاع واسع في مجالات الأعمال». وأضاف أن التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والأمن الإلكتروني من الأدوات المهمة، إضافة إلى إطلاق أول جامعة للذكاء الاصطناعي تحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مشيراً إلى أن حكومة دولة الإمارات أعلنت منذ عامين إطلاق استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي كأول مشروع لإنجاز أهداف الإمارات 2071، فضلاً عن استراتيجية إماراتية للثورة الصناعية الرابعة تعكس رؤية القيادة الرشيدة. الانطلاق للمستقبل وقال معالي أحمد بن علي الصايغ وزير الدولة رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي المالي العالمي: «إن مشاركة الجهات الحكومية في القمة، تعكس أن هناك تحولاً في المستقبل يحمل معنى الاستثمار والتمكين للكوادر والنقاش في أفكار جديدة وبناء حلول، وهدف آخر هو الثقة والتعاون، ودمج قيمنا ومبادئنا لتمكين موظفينا من العمل في صناعة الخدمات المالية، وذلك عبر الحوار مع العملاء لزيادة الثقة، وتعديل نمط فكر العاملين تجاه التغيير، حيث إن العالم يتغير بسرعة الضوء، ويجب أن نتمكن من اتخاذ قرارات محسوبة ليس فقط للاختراع، ولكن للحصول على خطوة جيدة تجاه المستقبل». وأضاف: «إن السؤال: ليس هل التغيير قادم؟ ولكن: هل نحن مستعدون للتغيير؟»، لافتاً إلى أن «الإمارات تتخذ خطوات عدة نحو التحول الرقمي، فيما ستكون دول مجلس التعاون الخليجي البوابة التي يستفيد منها ثلاثة مليارات شخص، حيث وضعت الإمارات خططاً للاستمرار، والتأكد من أن القوانين تحمي الأفكار المستقبلية، وتجذب رواد الأعمال الموهوبين، وتدعم النظام البيئي لبناء مالي ندعمه، وتبني نهجاً مبنياً على الثقة لهذا النظام المالي». وأشار إلى أن «أحد أمثلة التحول الرقمي تتجسد في شركة أدنوك بالتعاون مع الشركات العالمية والتي تقوم بتدشين أول منصة للتعامل في خام النفط، وذلك في 2020، وستكون أول منصة بالتعاون مع شركات بترول عالمية في أبوظبي، وسيكون ذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». أول محكمة رقمية بالعالم ولفت إلى أن الإمارات تقوم بتطوير أول قاعة محكمة رقمية في العالم، وستكون هذه القاعة «المنصة» موحدة للإجراءات والخدمات الحكومية لمخاطبة الجهات الحكومية، ويجب على الجهات ألا تعاني ضياع الوقت، حيث إن التجار ورواد الأعمال يحتاجون إلى إنجاز الإجراءات والفصل في المنازعات التجارية دون هدر الوقت. وأوضح أن هذه البداية في التحول الرقمي بسوق أبوظبي العالمي وخلال أقل من شهر سندخل عام 2020، وهذه المرحلة الجديدة من الدخول للعصر الرقمي، والمؤتمر اليوم سيطرح أفكاراً جديدة في مختلف المجالات البيئية والصحية، مؤكداً أن جهود حكومة أبوظبي اليوم لدعم الابتكار تتجسد في برامج «غداً 21» والتي تضم مجموعة من المبادرات بقيمة 50 مليار درهم في إطار المسرعات الحكومية للتطوير والاستدامة لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل 95% من المنشآت في دولة الإمارات العربية المتحدة. الاحتياج للذكاء الاصطناعي وطرح عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي تساؤلاً في كلمته عن احتياج المستقبل للذكاء الاصطناعي، قائلاً: «العالم الآن يتطلب أن نكون جزءاً من التكنولوجيا التي تبرز الآن، وهي رؤية بعيدة النظر لمقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين قال: (إن من ليس له ماضٍ ليس له مستقبل)، داعياً إلى التطلع للمستقبل». وأضاف أنه «منذ انطلاق التكنولوجيا في أربعينيات القرن الماضي، ودولة الإمارات تتطلع لأن تصبح دولة رائدة عالمياً في مجالات التحول الرقمي ولدينا 200 جنسية، وهؤلاء يمنحون الإمارات التنوع، وهو عامل مهم جداً في العمليات الرقمية، إضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بالتقنيات والذكاء الاصطناعي». منافع محتملة إلى ذلك، أوضحت الدكتورة روضة السعدي المدير العام لهيئة أبوظبي الرقمية أن قمة المستقبل الرقمي تعتبر الأولى من نوعها التي تنظمها هيئة أبوظبي الرقمية، حيث تمثل القمة منصة مثالية لبحث مختلف الأبعاد والجوانب المتعلقة بالتحول الرقمي، والتعرف على دوره في تمكين حكومة المستقبل. وأشارت السعدي إلى أن القمة تميزت بمشاركة 70 متحدثاً دولياً، وأكثر من 33 شركة من كبريات الشركات العالمية الرائدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم، لافتة إلى أن الحضور الكثيف للقمة الذي تجاوز أكثر من 1500 مشارك، من ضمنهم وزراء وخبراء دوليون وصناع سياسات وشباب، يعكس مكانة أبوظبي كمركز إقليمي للابتكار والتحول الرقمي، وريادتها وقدرتها على استقطاب الكفاءات المتميزة في هذا المجال. إحباط 90 محاولة اختراق إلكتروني إلى ذلك، قال محمد غياث المدير التنفيذي لقطاع الأمن الرقمي بهيئة أبوظبي الرقمية: «إن (الهيئة) تعاملت مع بعض محاولات القرصنة الفردية التي كانت تسعى لاختراق حسابات بعض الخدمات والمؤسسات على منصات التواصل الاجتماعي أو الحسابات البنكية والتي بلغ عددها نحو 90 محاولة اختراق لمواقع إلكترونية حكومية أو بعض الخدمات، لكن هذه المحاولات يتم رصدها والتصدي لها ومعالجتها تلقائياً عن طريق الأنظمة الدفاعية والوقائية لـ(الهيئة)». وأضاف رداً على سؤال لـ«الاتحاد»، خلال لقاء مع الصحفيين على هامش جلسات قمة المستقبل الرقمي، أمس: «بطبيعة الحال، قد تتعرض بعض المعاملات الحكومية الرقمية في دول بالعالم لهجمات إلكترونية منظمة، سواءً من دول أخرى أو من أفراد، وهو أمر لم تشهده دولة الإمارات وأبوظبي تحديداً، إذ لم نتعرض لأي نوع من هذه الهجمات المنظمة». وأشار إلى أن هناك «برنامجاً شاملاً لتحديث البنى التحتية الرقمية والتقنيات الدفاعية لجميع المنصات الخدمية الحكومية في أبوظبي، سيتم إطلاقه بنهاية 2021، لكن من دون شك هناك الكثير من المعوقات التي تواجه عملية التحول الرقمي للخدمات الحكومية في أي دولة بالعالم، هذه المعوقات تعتمد على المستخدم والمجتمع، والأنظمة والتقنيات المستخدمة في التحول، ونحن في الإمارات لدينا البنى التحتية التكنولوجية التي يمكنها التغلب على أي معوقات للتحول من قبل الحكومة». وأوضح غياث أن فعاليات القمة شملت محاضرات لأربعة محاور رئيسة، اختص الأول بتقنيات التحول الرقمي، واستعرض الثاني أهم تجارب المتعاملين والمستخدمين للتحول الرقمي، وتحدث الثالث عن البيانات الرقمية وسبل إدارتها، فيما اختص المحور الرابع بأمن المعلومات، وركزت كذلك على دور الحكومة فيما يتعلق بأمان جودة الخدمات، وأمن وأمان البنية المعلوماتية التحتية، بجانب تجارب المتعاملين. وأشار إلى أن هيئة أبوظبي الرقمية تعمل على تنفيذ برنامج طموح لحكومة أبوظبي، بتحويل كل الخدمات الحكومية والتي يتجاوز عددها 1300 خدمة، إلى خدمات رقمية بنهاية عام 2021، وجمعها على منصة تفاعلية واحدة مشتركة هي منصة «تم»، منوهاً بأنه لتحقيق هذا البرنامج، تعمل «الهيئة» على ثلاث مراحل، الأولى تحويل الخدمات الجماهيرية إلى خدمات رقمية، ثم توحيد البنى التحتية لهذه الخدمات، وأخيراً جمع كافة المنصات الذكية لهذه الخدمات تحت منصة واحدة تخدم المتعاملين بسهولة ويسر وأمن. ولفت غياث إلى أن منصة «تم» للخدمات الحكومية الذكية، تجمع نحو 180 خدمة، موضحاً أن التحول الرقمي لا يصلح مع كل الخدمات الحكومية المقدمة للجماهير، خاصة أن هناك خدمات تتطلب الحضور الشخصي لطالبيها، وهذا أمر قائم في كافة الدول الرائدة في مجال التحول الرقمي، لاعتبارات تتعلق بأمور فنية وسياسات عامة مرتبطة بنوعية الخدمة المقدمة ومدى صلاحيتها للتحول الرقمي. حضور بارز شهد أول أيام القمة في نسختها الأولى حضور كل من معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، ومعالي عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي، ومعالي أحمد بن علي الصايغ وزير دولة ورئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي، ومعالي جوري لويك وزير الدفاع الإستوني ممثلاً الحضور الحكومي الدولي، ومعالي علي راشد الكتبي عضو مجلس تنفيذي إمارة أبوظبي رئيس دائرة الإسناد الحكومي، بالإضافة إلى ممثلي العديد من الجهات الحكومية المحلية والاتحادية، ومشاركة نخبة من الخبراء والمستشارين ورواد الأعمال من كبريات المؤسسات العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي وتقنيات المستقبل، حيث سلطوا الضوء على التقنيات المبتكرة، وناقشوا أهم المستجدات ضمن المحاور الرئيسة للتحول الرقمي، وهي البيانات والأمن السيبراني وتجربة المتعاملين في الخدمات الحكومية، بالإضافة إلى أحدث الحلول التقنية المبتكرة. جلسات ومناقشات شارك في الجلسات الحوارية خلال أول أيام القمة، أمس، نخبة من المسؤولين والمتحدثين الدوليين، وتتناول أجندة القمة أربعة مسارات رئيسية تشمل «مستقبل البيانات-Data Next»، و«مستقبل الأمن الرقمي -Cyber Next» و«مستقبل التكنولوجيا-Technology Next»، و«ومستقبل التجربة الخدمية في القطاع الحكومي-GX Next»، وترتكز على دراسة جميع الموضوعات ذات الصلة، بدءاً من تكامل الكيانات الحكومية وتوفير خدمات المتعاملين عبر قنوات رقمية متكاملة، إلى تأمين البنية التحتية الرقمية، مروراً بتحليل البيانات الضخمة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي. وتتضمن فعاليات اليوم الثاني جلسة نقاشية تضم نخبة من كبار المسؤولين، تمكن الشباب من الانخراط في نقاشات مع القادة والخبراء حول المعرفة الرقمية وتطوير القدرات التنافسية في مجال استخدام التكنولوجيا، فضلاً عن التعرف على أبرز تطورات مستقبل قطاع التحوّل الرقمي. كما يقام على هامش القمة معرض تكنولوجي يضم أكثر من 33 من كبريات الشركات العالمية في مجال التقنية، تعرض أحدث الحلول المبتكرة لتمكين الهيئات والشركات من دعم جهود التحول الرقمي.
مشاركة :