دبي: إيمان عبدالله آل علي: انطلقت، أمس، في دبي أعمال «قمة الشرق الأوسط للتواصل الاجتماعي في الرعاية الصحية»، التي تنظمها على مدار يومين «مايو كلينك» العالمية، بالشراكة مع «جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية»، و«المستشفى الأمريكي» دبي، بمشاركة وحضور محلي وعربي وعالمي؛ لمناقشة مجموعة من الموضوعات المتعلقة بتحديد أفضل سبل الاستفادة من الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي في تعزيز خدمات الرعاية الصحية، ورسم أطر عامة ترصد كيفية التوظيف الإيجابي لتلك الوسائل وتجنب سلبياتها.ويشمل جدول أعمال القمة المقامة في مقر «جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية» في مدينة دبي الطبية خلال يومي التاسع والعاشر من ديسمبر/كانون الأول، جلسات مكثفة سيتحدث فيها خبراء ومختصون من الإمارات، والسعودية، وأيرلندا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة الأمريكية، في إطار سعي إمارة دبي لتبوؤ مكانة رائدة في مجال الرعاية الصحية، واكتشاف الحلول التي من شأنها توفير أفضل أشكال الدعم للمستفيدين منها سواء داخل دولة الإمارات أو المنطقة والعالم؛ وذلك باستقطاب الفعاليات والخبرات المتميزة القادرة على تقديم قيمة مضافة في هذا المجال.وأكد الدكتور عامر أحمد شريف، مدير «جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية» أن الجامعة تعمل على مضافرة جهودها مع أكبر وأكفأ المؤسسات الطبية والعلاجية، وكذلك الجهات الأكاديمية العالمية المتخصصة في مجال الرعاية الصحية، بما يخدم في تبادل الخبرات، والتعرف إلى التجارب العالمية الرائدة في هذا المجال البالغ الأهمية، الذي توليه دبي ودولة الإمارات عموماً جل اهتمامها. التواصل والاحترافية وخلال أولى جلسات اليوم الأول للقمة، تحدث الدكتور فارس تميمي، المدير الطبي لشبكة «مايو كلينك للتواصل الاجتماعي»، حول العلاقة بين الاحترافية والتواصل الاجتماعي، وقدم عرضاً مفصلاً حاول من خلاله تلخيص فرص تطوير ونشر محتوى لمنصات التواصل يتمتع بقيمة مضافة للمستفيدين من خدمات الرعاية الطبية، والسبيل لتبني السلوك الاحترافي السليم في توظيف منصات التواصل في هذا المجال؛ من خلال التعريف بالالتزامات تجاه الشركاء، والمفاهيم العامة التي تعين على تحقيق الاحترافية.وفي مقدمة العرض، طرح د. تميمي مجموعة من الأرقام لتوضيح مدى انتشار منصات التواصل في دولة الإمارات، وقال: إنه وفقاً للإحصاءات حتى يناير/كانون الثاني 2019، فإن عدد سكان الإمارات وصل إلى نحو /9.61/ مليون نسمة في حين وصل عدد حسابات الهاتف النقال إلى /19.23/ مليون اشتراك أي ما يزيد على 200% من عدد السكان، في حين وصل عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في الدولة إلى /9.52/ مليون مستخدم، فيما سجل عدد الحسابات على منصات التواصل في دولة الإمارات الرقم ذاته، وبنسبة انتشار تقدر بحوالي 99%، وهي الأعلى عالمياً، فيما يقدر عدد مستخدمي منصات التواصل عبر الهاتف النقال بنحو /8.8/ مليون مستخدم، موضحاً: إن متوسط الوقت المستهلك على منصات التواصل من قبل المستخدمين في الدولة يراوح حول معدل 3 ساعات يومياً، فيما شكل الشباب والشابات ضمن المرحلة العمرية ما بين 25 إلى 34 عاماً النسبة الأكبر من جمهور منصات التواصل في دولة الإمارات.وقال: إنه مع انتشار منصات التواصل، وُجد أن 72% من مستخدمي شبكة الإنترنت يبحثون عن معلومات متعلقة بالصحة، فيما يتعلق بالأمراض الشائعة، وسبل علاجها، فضلاً عن البحث عن أطباء أو مؤسسات تقدم خدمات العلاج والرعاية الصحية.ونوه إلى أن هناك عدداً كبيراً من الأطباء حول العالم يعزفون عن التواجد على منصات التواصل وتقديم المعلومات من خلالها لعدة اعتبارات وهواجس؛ من بينها: خشية المطاردة القضائية، وعدم وجود مردود مادي نظير تقديم تلك المعلومات، وخصوصية المعلومات الطبية. خطة عمل كما تحدث خلال القمة الدكتور أنور الحمادي، استشاري الأمراض الجلدية، والأستاذ المشارك في كلية الطب بالجامعة؛ حيث أكد خلال محاضرته أن الطبيب لابد أن يكون له خطة واستراتيجية للوصول للأسلوب النموذجي في توظيف تواجده على منصات التواصل الاجتماعي بأسلوب مهني ناجح، مؤكداً أن تواجد الطبيب على منصات التواصل وتقديم النصح لمتابعيه لا يمكن أن يمثل مشكلة تحد من عدد مراجعيه في العيادة.واستعرض خبرته مع منصات التواصل الاجتماعي التي وصفها بأنها بدأت منذ حوالي 8 سنوات مع إطلاق صفحته على موقع «تويتر»، مؤكداً أن شبكات التواصل شهدت على مدار العقد الماضي العديد من التطورات والتحديات، لاسيما فيما يتعلق بارتباطها بمجال الطب والرعاية الصحية، ومنها على سبيل المثال خصوصية المعلومات الخاصة بالمرضى، منوهاً إلى أن منصات التواصل الاجتماعي لها تأثيرها القوي على المجتمع؛ إذ يبقى من الملائم الاستفادة من هذا التأثير في تثقيف المجتمع حول الأمراض الأكثر شيوعاً، وسبل تجنب الإصابة بها ومتطلبات علاجها.وحول تأثير تواجد الطبيب على منصات التواصل، قال الدكتور الحمادي: إن هذا التواجد يفيد طرفي التواصل سواء الطبيب أو المريض؛ حيث إنه يقوي العلاقة ويوطد الثقة في الطبيب، مع زيادة معرفة المريض به عبر ما ينشره من معلومات ونصائح، كما أن تواجد الطبيب على تلك المنصات يعد مفيداً له على المستوى المهني؛ حيث يتعرف من خلال ردود أفعال متابعيه إلى رأيهم في الأدوات والحلول والتكنولوجيا والعلاجات التي يستخدمها الطبيب لعلاج المرضى، معرباً عن رأيه في أن تواجد الطبيب على منصات التواصل لا يجب أن ينصب فقط على الجانب المهني؛ لكن من المفيد أن يكون مصحوباً بإبراز الجانب الشخصي للطبيب وفي حدود، بما يساعد على كسر جمود المحتوى الطبي على تلك الصفحات.ومن الفوائد التي ذكرها الدكتور الحمادي لتواجد الطبيب على منصات التواصل الاجتماعي، الدفاع عن المهنة، مشيراً إلى أن تخصص الأمراض الجلدية بالذات صار محل انتهاك واضح من قبل دخلاء على المجال من المدّعين ومروجي المنتجات المقلدة، وكذلك العلاجات غير المختبرة علمياً. الضوابط التنظيمية للإعلانات الطبية خُصصت جلسة لمناقشة التشريعات والضوابط التنظيمية المتعلقة بالصحة، تحدث فيها: الدكتور أمين حسين الأميري، الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، والدكتور مروان محمد الملا، المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في هيئة الصحة بدبي، وهديل حجر، مدير إدارة التراخيص الطبية في القطاع التنظيمي لسلطة مدينة دبي الطبية. وتطرقت الجلسة لمجموعة من النقاط المهمة المرتبطة بالجوانب التنظيمية والتشريعية ذات الصلة بخدمات الرعاية الصحية، من خلال تناول التجربة الإماراتية الرائدة في هذا المجال، لاسيما مجال الإعلان عن الخدمات والمنتجات الطبية في الدولة والجهود التي تقوم عليها وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع هيئات الصحة، لوضع الأطر الواضحة المنظمة لهذا وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية. وخلال الجلسة، أكد الدكتور أمين الأميري، أن دولة الإمارات كانت سباقة في مجال إصدار التشريعات والأطر القانونية المتعلقة بإيجاد ضوابط تحكم مجال الإعلانات المتعلقة بمجال الخدمات والمنتجات الصحية، حيث كانت دولة الإمارات الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إصدار قرار اتحادي بهذا الشأن، وهو قرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2017 بشأن الإعلانات الصحية، والذي يهدف إلى مراقبة إعلانات المنتجات الطبية للتأكد من كونها غير مضللة، وأن المنتجات المقصود الترويج لها آمنة ولا تؤثر في الصحة العامة. وحذّر من خطورة اتباع كل ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي من معلومات طبية أو صحية سواء أكان مصدرها أشخاص يتمتعون بوجود قوي على تلك المنصات بأعداد كبيرة من المتابعين، أو ممارسين لمهنة الطب، حيث يجب أولاً التأكد من مدى مصداقية تلك المعلومة وكذلك مصداقية الشخص أو الجهة التي قامت بنشرها. دليل إرشادي تناول الدكتور مروان محمد الملا، المدير التنفيذي لقطاع التنظيم الصحي في هيئة الصحة بدبي، اتساع نطاق منصات التواصل الاجتماعي وانتشارها بين أفراد المجتمع، وهو ما يراه ميزة مهمة يمكن الاستفادة منها في نشر الوعي الصحي فيما بينهم، مشيراً إلى أن الإعلان عن المنتجات والخدمات الطبية عبر تلك المنصات يحتاج إلى أطر تنظمه لحماية المستخدم النهائي. وقال إن هيئة الصحة في دبي بادرت إلى إصدار دليل إرشادي حول محتوى الإعلانات الطبية على منصات التواصل الاجتماعي في شهر سبتمبر الماضي، في أول دليل من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وروعي فيه أفضل الممارسات وأرقى المعايير العالمية. أهمية التوعية تحدثت هديل حجر، مدير إدارة التراخيص الطبية، في القطاع التنظيمي لسلطة مدينة دبي الطبية، حول تجربة السلطة ودورها في مجال وضع وتنفيذ الأطر التنظيمية لمجال الدعاية والإعلان للمنتجات والخدمات الطبية، لاسيما عبر منصات التواصل الاجتماعي. ولفتت إلى أهمية رفع مستوى وعي المجتمع بهذا الخصوص، بين الشباب والجيل الجديد الذي يشكل الجمهور الأكبر لمنصات التواصل الاجتماعي حول العالم، علاوة على ضرورة انتباه أفراد المجتمع لما يمكنهم تصديقه والأخذ به من معلومات أو إعلانات صحية على منصات التواصل، وما يجب عليهم إغفاله، حيث يبقى من الضروري التأكد من مصدر المعلومة ومدى صدقيتها. تأثير منصات التواصل الاجتماعي ناقشت قمة الشرق الأوسط للتواصل الاجتماعي في الرعاية الصحية طيفاً واسعاً من الموضوعات في أول أيامها، بمشاركة العديد من الخبراء والمختصين من داخل وخارج الدولة، وتضمنت محاضرة قدمها الدكتور ديفيد جريسون من معهد i3 للابتكار والتطوير، التابع لمجلس مقاطعة وايتيماتا للصحة في نيوزيلندا، حول المعلومات الأساسية التي لابد من إلمام المجتمع الطبي بها بشأن استخدام منصات التواصل الاجتماعي في مجال تخصصهم. وبدأ د. جريسون العرض التقديمي باستعراض الأثر الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي في مواجهة الأزمات، مستشهداً بقيمة تلك المنصات التي وضحت جلية في التعاطي مع تبعات الهجوم الإرهابي وإطلاق النار ضمن هجومين استهدفا مصلين في مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش، وراح ضحية ذلك الهجوم عشرات القتلى، حيث كانت منصات التواصل فعالة في التعبير عن التعاطف مع أهالي وذوي الضحايا والتنديد بالحادث الإرهابي الأسوأ من نوعه في تاريخ نيوزيلندا. وتحدث د. جريسون عن العدد الكبير لمستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في دولة الإمارات العربية المتحدة بما يعادل 99% من سكان الدولة، ما يشكل فرصة كبيرة لتوظيف هذا الانتشار الأكبر من نوعه في العالم في مجال الرعاية الصحية. وتناول في حديثه خمس نقاط أساسية هي: الاستراتيجية، والقيمة، والخصوصية، والأحكام والتشريعات، والحدود الاحترافية لمهنة الطب.
مشاركة :