صمت انتخابي في الجزائر وسط غموض يكتنف حظوظ المرشحين للرئاسة

  • 12/10/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت مهلة الصمت الانتخابي بالجزائر حيز التنفيذ،الاثنين، بعد ثلاثة أسابيع من حملة دعائية قادها المرشحون للانتخابات الرئاسية في ظروف صعبة واستثنائية، وبالموازاة مع ذلك انطلقت عملية الاقتراع في المناطق النائية لفائدة فئة البدو الرحل، بعد يومين من بداية العملية في المهجر، لكن في المقابل تصاعدت وتيرة الرفض للانتخابات، ويرجح ألا تجري في بعض المدن والمحافظات. ودخلت مديريات الحملة للمرشحين الخمسة للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة يوم الخميس القادم، في وضع اللمسات الأخيرة على طواقمها البشرية من تأطير وتنظيم التصويت ومراقبة مكاتب الاقتراع، وذلك بعد ركون المتنافسين إلى مهلة الصمت الانتخابي. وتعمد المتنافسون على كرسي الرئاسة، اختتام حملاتهم الدعائية بتجمعات شعبية مركزية في العاصمة أو في أماكن القواعد الشعبية لهم، للرمي بجميع الأوراق من أجل إقناع الناخب الجزائري بالتصويت لهم، وقبل ذلك المشاركة في الانتخابات، في ظل مؤشرات المقاطعة الكبيرة المحتملة للاستحقاق الرئاسي. وسجلت عملية الانتخاب في المهجر مشاركة متفاوتة بين مختلف العواصم والمدن الأوروبية والأميركية والعربية، لكنها كانت ضعيفة جدا في المجمل، حيث لم يتعدّ عدد المقترعين في إسبانيا ولندن وبراغ وبعض المدن الفرنسية عدد أصابع اليد، بينما اضطرت بعض القنصليات في أوروبا إلى غلق مقارها وإيقاف العملية تحت ضغط الرافضين لإجراء الانتخابات المذكورة. واضطرت الشرطة الفرنسية في عدة مدن كرامس ونانتير وباريس، إلى التدخل لتأمين العملة في مراكز الاقتراع، بعد وقوع مشادات بين الرافضين وبين بعض المصممين على الانتخاب، لاسيما بعد تسجيل عمليات اقتحام للمكاتب المخصصة. وفي ظل غياب مؤسسات سبر الآراء، والمراكز المختصة بدراسة توجهات الرأي العام، تبقى حظوظ المرشحين غامضة، لكن ظهور بعض بوادر التزوير التي أفصح عنها المرشح عبدالقادر بن قرينة، واضطرّ المرشح المستقل عبدالمجيد تبون، إلى تقديم شكوى لسلطة الانتخابات بشأنها، كما بدا أن هناك انحيازا لبعض الدوائر بعد إعلان قيادة حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، عن دعم المرشح عزالدين ميهوبي، ما رفع مؤشرات الأخير في الأنفاس الأخيرة للحملة الانتخابية، ووضعه في خانة مرشح السلطة. لكن الرجل القوي في السلطة وفي المؤسسة العسكرية الجنرال أحمد قايد صالح، شدد في سلسلة تصريحاته الأخيرة، على “حياد الجيش في الاستحقاق الانتخابي، وعدم وجود مرشح للعسكر”، ومع ذلك فإن الضمانات تبقى غير كافية، باعتراف المرشح علي بن فليس، الذي صرح في أحد تجمعاته الشعبية بأن “الانتخابات تفتقد للشروط المثالية”. وذهب قائد أركان الجيش، في تصريح أدلى به،الاثنين، إلى أن “الانتخابات الرئاسية المقبلة، تعد محطة بالغة الأهمية في مسار بناء دولة الحق والقانون، وهي التي سترسم معالم الدولة الجزائرية الجديدة التي لطالما تطلعت إليها أجيال الاستقلال.. جزائر بقيم نوفمبرية راسخة تجعل من مصلحة الوطن أسمى الغايات، ومن طموحات الشعب الجزائري إلى العيش الكريم في كنف الأمن والاستقرار أنبل الأهداف”. ودعا المتحدث، “كافة مكونات أفراد الجيش ومصالح الأمن، بضرورة التحلي بأعلى درجات اليقظة والجاهزية والسهر على التأمين الشامل لهذه الانتخابات، والتصدي بقوة القانون لكل من يحاول استهداف وتعكير صفو هذا اليوم الحاسم في مسيرة الجزائر”، في إشارة إلى ضغط الرافضين لإجراء الانتخابات المذكورة، من خلال سعيهم لإجهاض الاستحقاق برمته، كما حدث في أبريل ويوليو الماضيين. وحملت تصريحات قايد صالح الأخيرة، رسائل تهديد ضمنية للحراك الشعبي المتصاعد خلال هذا الأسبوع، من خلال احتجاجات وإضراب جزئي مسّ بشكل واضح العديد من الجامعات الجزائرية، كما يشهد عدد من المدن والمحافظات، خاصة في منطقة القبائل، إغلاقا كليا لإدارات تنظيم الانتخابات وإتلافا لوسائلها وأدواتها. وإن كان لا يوجد مانع قانوني في التشريع الجزائري، يحدد سقفا معينا من نسبة المشاركة في أي اقتراع لإكسابه صفة الشرعية من عدمها، فإن التوقعات تذهب إلى إفراز رئيس جزائري جديد الجمعة القادم، أو بعده بأسبوعين في حال المرور إلى دور ثان، لكن التوقعات نفسها تذهب إلى أن الرئيس القادم سيكون أضعف رئيس تعرفه الجزائر. وينتظر أن يشهد الاستحقاق مقاطعة تتجاوز المقاطعة المسجلة خلال الاستحقاقات الماضية، في ظل وجود قطاع عريض من الجزائريين في خانة الرافضين له، وفي ظل العجز التام للسلطة عن تنظيم العملية في منطقة القبائل، مما سيضعف نسبة المشاركة، ويضع الرئيس القادم في أزمة شرعية. وتعتبر محافظتا بجاية وتيزي وزو وأجزاء كبيرة من محافظات سطيف وبرج بوعريريج والبويرة والعاصمة، حيزا ديموغرافيا الأكثر تمردا على السلطة، وعدم إجراء الانتخابات فيه سيهز شرعية الرئيس الجديد حتما، ولو أن ناشطين في الحراك الشعبي، يشددون على ضرورة عدم الزج بالصراع السياسي بين السلطة والحراك في طابع جهوي، وجعل رفض الانتخابات مطلبا وطنيا شاملا.

مشاركة :