شجعت السلطات المصرية مواطنيها على تجاوز أزمة رفع الدعم عن الوقود عبر فتح المجال نحو استغلال الغاز الطبيعي في محاولة منها لتقليص ضرر المواطنين من ارتفاع أسعار الطاقة خلال الخمس سنوات الأخيرة. وتحث الحكومة أصحاب المركبات على استخدام الغاز الطبيعي الأرخص والأكثر نظافة ووفرة لكبح انفلات أسعار الوقود بعد رفع الدعم عنها وارتفاع أسعارها. وكانت مصر قد حولت حوالي 300 ألف مركبة، أغلبها سيارات أجرة وحافلات ركاب صغيرة، إلى العمل بنظام الوقود المزدوج منذ منتصف تسعينات القرن الماضي. ويعد هذا الرقم ضئيلا مقارنة بعدد المركبات بالقاهرة والتي تبلغ نحو 11 مليون مركبة مرخصة، وفق أحدث البيانات والإحصائيات. وتسعى السلطات إلى مزيد تحفيز أصحاب المركبات على اتباع نفس النهج من خلال دعم أسعار تحويل المركبات إلى نظام الوقود المزدوج. كما تعمل على إبقاء سعر الغاز الطبيعي المضغوط المستخدم في تزويد السيارات منخفضا وبناء المزيد من محطات تزويد الغاز الطبيعي ومراكز تحويل السيارات. ونسبت رويترز إلى مسؤولين في وزارة البترول قولهما إن ”مصر شهدت تحويل نحو 32 ألف مركبة في السنة المالية الماضية. وأضافا أن ”القاهرة تستهدف أن يكون العدد خلال السنة المالية الحالية نحو 50 ألف مركبة وبلغ عدد المركبات التي حولتها مصر بين عامي 2015 و2016 حوالي 6000 مركبة، حيث سجلت تحويل ستة آلاف مركبة فقط في العام المالي 2015-2016. وقالت وزارة البترول في نوفمبر الماضي إنه جرى تحويل حوالي 17 ألف مركبة في الشهور الأربعة الأولى من السنة المالية الحالية. ويتزايد عدد السيارات الخاصة التي يجري تحويلها ما جعل السلطات تعول على ذلك لتخفيف ارتفاع أسعار البنزين. وأدى رفع دعم الوقود، إلى البحث عن بدائل تناسب القدرة الشرائية للمواطنين مع تقليل التلوث وخفض فاتورة استيراد الوقود السائل. وارتفعت أسعار الوقود وأسعار الطاقة إلى المستويات العالمية وذلك في إطار خطة إصلاح مدعومة من صندوق النقد الدولي انتهت هذا العام. ولم يشمل الترفيع أسعار الغاز الطبيعي التي حافظت على استقرارها مقارنة بالوقود السائل مما جعلها الخيار الأمثل بالنسبة إلى أصحاب السيارات. وتبلغ تكلفة المتر المكعب من الغاز الطبيعي المضغوط نحو 3.5 جنيه مصري (حوالي 0.22 دولار) وهو يعادل في طاقته لترا واحدا تقريبا من السولار الذي يبلغ سعره حوالي 0.42 دولار، أو لترا واحدا من البنزين 80 أوكتان وسعره نحو 0.40 دولار. وقال عبدالفتاح مصطفى فرحات رئيس شركة غازتك المصرية الدولية لتكنولوجيا الغاز إن “وزارة البترول حافظت على سعر مناسب بحيث أن سعر الغاز الطبيعي دائما يبقى (أقل) بنحو 50 بالمئة من البنزين البالغ نحو 80 بالمئة، ما أدى إلى إقبال السائقين على التحويل”. وأضاف فرحات أن نسبة السيارات الخاصة ارتفعت حاليا إلى 30 بالمئة من إجمالي المركبات التي يجري تحويلها. ودفعت طفرة إنتاج الغاز الطبيعي واكتشاف الحقل ظُهر العملاق منذ ثلاث سنوات الحكومة إلى تعزيز نشاط تحويل المركبات للعمل بالوقود المزدوج بعد تحقيقها لاكتفائها الذاتي منذ أواخر عام 2018. وقال أيمن شلبي مساعد نائب رئيس شركة إيجاس القابضة للغازات الطبيعية إن “اكتشاف حقل ظهر والوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي شجع الدولة على استغلاله كوقود محلي ونشر استخدامه بشكل أكبر”. وتهيمن شركتان تملكهما وزارة البترول، هما غازتك وكارجاس على نشاط تحويل السيارات للعمل بالوقود المزدوج في مصر حيث دخلت شركات خاصة وأجنبية السوق في السنوات القليلة الماضية. وقال فرحات إن غازتك تخطط لإنشاء 54 محطة للوقود السائل والغاز الطبيعي بالشراكة مع إيني الإيطالية العملاقة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بالإضافة إلى بناء المزيد من محطات الغاز الطبيعي للحافلات العامة. وتعمل في مصر حاليا حوالي 187 محطة لتزويد الغاز الطبيعي المضغوط و72 مركزا لتحويل السيارات. ولدى الحكومة أيضا “خطة قومية” لتحويل حافلات الركاب الصغيرة (الميني باص والميكروباص) التي يشيع استخدامها كوسيلة نقل رخيصة في جميع أنحاء مصر. وبموجب هذه الخطة، سيجري تحويل 142 ألف حافلة صغيرة واستبدال 88 ألف حافلة أخرى تعمل بالسولار ويزيد عمرها على 20 عاما بحافلات جديدة تعمل بالوقود المزدوج على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بينما سيجري بناء أكثر من 350 محطة لتزويد الغاز الطبيعي. وتتباين تقييمات أصحاب المركبات لنظام الوقود المزدوج حيث يثني البعض الوفر المادي الذي يحققه لكن البعض الآخر يرى أن الغاز الطبيعي يضعف المحركات ويقلل من مساحة حقيبة المركبات. وتخضع حاليا المركبات لعمليات فحص تقني قبل تحويلها للتأكد من صلاحيتها للعمل بنظام الوقود السائل والغاز الطبيعي. وحسب تصريحات المسؤولين فإن اسطوانات الغاز الطبيعي المضغوط التي يجري تزويد المركبات بها تأتي في أشكال وأحجام مختلفة للتقليل من تأثيرها على مساحة حقيبة السيارة. وتدعم الحكومة أسعار طاقم التحويل الذي يجري تركيبه في المركبات ويحوم سعره بين خمسة آلاف و7500 جنيه مصري (310-465 دولارا). وتوفر مجموعة من التسهيلات من قبيل برامج سداد بأقساط ذات فائدة ميسرة، وتشجع مصانع تجميع السيارات في مصر والمستوردين على تزويد السوق بمركبات مجهزة بنظام الوقود المزدوج.
مشاركة :