الخرطوم: أحمد يونس لندن: مصطفى سري هدد الرئيس السوداني باستخدام البندقية ضد من قال إنهم «يريدون التخريب»، وتعهد بأن يكون العام الحالي عاما للسلام وللحسم و«قطع دابر التمرد وحملة السلاح، والعملاء الذين ينقلون المعلومات للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية». وقال البشير في خطاب جماهيري بولاية شمال كردفان بوسط السودان أثناء زيارته لها أمس، إنه يرحب بالراغبين في السلام الذي وعد بتحقيقه، وأضاف: «من يريد السلام وخدمة البلاد مرحبا به، ومن يريد التخريب بالبندقية سنلاقيه.. بالبندقية». وأكد أن «العام الحالي سيكون عام الحسم وقطع دابر المتمردين وحملة السلاح»، من الذين وصفهم بـ«المخربين وقطاع الطرق والعملاء»، مشيرا إلى أنهم هم الذين يعطون المعلومات لمحقق المحكمة الجنائية الدولية السابق لويس مورينو أوكامبو. وأشار البشير في خطابه الحماسي إلى ما سماه بـ«تباطؤ السفارة الأميركية» بشأن منحه تأشيرة دخول للمشاركة في أعمال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت بنيويورك أخيرا، وقال إنه كان يرغب في السفر تحديا لقرارات «المحكمة الجنائية الدولية»، التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه وبعض كبار المسؤولين في حكومته. وغادر البشير الخرطوم أمس إلى ولاية شمال كردفان في زيارة ليومين، يفتتح خلالها عددا من مشروعات التنمية بالولاية، وكان في استقباله والي الولاية. من جانبه، قال المتحدث باسم الجبهة الثورية أبو القاسم إمام الحاج لـ«الشرق الأوسط» إن «أحاديث البشير أصبحت تعبر عن هزيمته بعد الانتفاضة التي شهدتها مدن السودان المختلفة والتي طالبت بإسقاط نظامه»، وأضاف أن البشير يعاني من مشاكل داخل حزبه بعد أن تمرد قادة ظلوا معه لأكثر من 23 سنة. من جهته، قال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال لـ«الشرق الأوسط»، إن خطاب البشير ما زال تحريضيا لمزيد من قتل المدنيين العزل سواء في دارفور أو النيل الأزرق أو جنوب كردفان أو الخرطوم أو مدن أخرى، وأضاف أن «البشير بحديثه - في معية رفيقه المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية والي شمال كردفان أحمد هارون - يؤكد أنه ينوي تجييش ميليشياته لمواصلة جرائم القتل»، مشيرا إلى أن «البشير منذ عام 2003 لم يكن يوجه أسلحته نحو قوى المقاومة الثورية، وإنما ضد المدنيين العزل». واعتبر بلال أن الحديث عن المحكمة الجنائية الدولية غير قابل للمزايدة السياسية، وقال إن الجبهة الثورية تنظر إليها كـ«جهة عدلية مستقلة وليست سياسية»، وأضاف أن الخرطوم عليها أن تتعاون معها وتسلم المتهمين، وعلى رأسهم عمر البشير، ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، ووالي شمال كردفان أحمد هارون، إضافة إلى قائد ميليشيا الجنجويد علي محمد كوشيب.. مشددا على أن النظام السوداني تعاون مع مكتب التحقيقات الخاص بالمحكمة ولم يكن ذلك من قبل قوى المقاومة. وفي الخرطوم اشتعلت حرب أخرى داخل حزب المؤتمر الوطني الذي يترأسه البشير، بصدور توصيات من مكتبه القيادي بفصل كل من القيادي البارز في الحزب الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، ونائب الأمين العام للحركة الإسلامية وعضو قيادة الحزب الدكتور حسن رزق، والقيادي فضل الله أحمد عبد الله، في آخر تطور لحالة الاحتقان التي ظل يعيشها الحزب منذ الأحداث الاحتجاجية الأخيرة، وبروز المجموعة الإصلاحية التي تقدمت بمذكرة وقعها 31 من قادته وقدموها للرئيس البشير يطالبون فيها بإصلاحات سياسية وتنظيمية واقتصادية. وشكل البشير لجنة لمحاسبة المجموعة الإصلاحية التي تقدمت بالمذكرة برئاسة رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، وتبعا لتقرير اللجنة أوصى المكتب القيادي للحزب مجلس شوراه بفصل القادة الثلاثة، وبعقوبات تراوحت بين الفصل وتجميد العضوية لمدة سنة أو البراءة لآخرين. وقال رئيس لجنة محاسبة الإصلاحيين، أحمد إبراهيم الطاهر، في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس، إن تحقيقات لجنته توصلت إلى أن مذكرة مجموعة الـ31 ليست إصلاحية، وأن مضمونها أبعد ما يكون عن الإصلاح، ومطابق لما تطرحه المعارضة ويفضي لنفس النتائج التي ترجوها، و«يفضي إلى ما يتمناه العدو من ذهاب الريح وحصول الفشل ووقوع الهزيمة»، حسب عباراته. وأضاف أن حزبه لو سمح لهذه المجموعة بأن تتصرف كما تشاء من دون محاسبة فسينفرط عقد الحزب ويذهب كل عضو لشأنه، وأن «الحزب لن يترك حبل قيادته على غارب الفوضى وانحلال الموقف وميوعة القرار»، وأن أصحاب المذكرة أنشأوا حزبا موازيا للمؤتمر الوطني. وحسب الطاهر، فإن لجنته رأت أن المجموعة الإصلاحية خرقت النظام الداخلي للحزب، ومارست نشاطا يتعارض مع ذلك النظام مما يؤدي لفقدانهم ما سماه «شرف العضوية لـ(الوطني)». وأوضح الطاهر أن المجلس القيادي للحزب أوصى بفصل القياديين غازي صلاح الدين العتباني، وحسن رزق، وفضل الله أحمد عبد الله، وتجميد ستة من موقعي المذكرة لسنة كاملة، وأبرزهم أسامة توفيق والعميد صلاح الدين كرار. وبرأت اللجنة أربعة أبرزهم مهدي أكرت وإبراهيم بحر الدين لعدم كفاية الأدلة، ووجدت أن آخرين من بين المجموعة ليسوا أعضاء في الحزب، بينما أمهلت آخرين إلى حين عودتهم من الحج، وإكمال التحقيق معهم. من جهتها، عقدت المجموعة الإصلاحية اجتماعا أمس عقب صدور قرارات المكتب القيادي ضدها، تواصل لفترة طويلة، ولم يتسن الحصول على ما توصل إليه، إلا أن غازي صلاح الدين العتباني الذي يعد أول وأبرز الموقعين على المذكرة، بادر ونشر تعليقا في موقعه على «فيس بوك»، وصف فيه مؤسسات حزب المؤتمر الوطني وقيادته الحالية بأنها «تطلق أسوأ الأحكام».
مشاركة :