في اليوم العالمي لحقوق الانسان: تجدد المطالبات بإطلاق سراح محبوسين احتياطيا في مصر

  • 12/11/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محامون وأهالي نشطاء سياسيين مصريين محبوسين على ذمة قضايا تتعلق بتكدير أمن البلاد، أبرزها الانتماء لجماعة محظورة أو نشر أخبار كاذبة، بإطلاق سراحهم بعد فترات من الحبس الاحتياطي تجاوزت العامين دون محاكمة، منتقدين ظروف حبسهم والتعقيدات التي تتخلها محاولات زيارتهم. يأتي ذلك تزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وكانت السلطات المصرية قد أفرجت علي مدار الأسبوع الماضي عن بضع مئات ممن شاركوا في تظاهرات نادرة ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، كما أمرت النيابة بإخلاء سبيل نائب رئيس حزب مصر القوية محمد القصاص، وسط مطالبات حقوقية بإخلاء سبيل المزيد من النشطاء المحبوسين. ولجأ أهالي بعض النشطاء المحبوسين إلى مواقع التواصل الاجتماعي لبث شكاواهم ومناشداتهم، منتقدين استمرار حبس ذويهم، في ظل عدم تحرك جاد نحو تغيير أوضاعهم. وبثت زوجة الناشط المصري شادي الغزالي حرب تسجيلا مصورا مؤثرا على فيسبوك تسرد فيه ما تعانيه وأبنائها بسبب حبس زوجها منذ ما أكثر من عام ونصف بتهمة نشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي للبلاد، والانضمام لجماعة أسست خلافا لأحكام القانون والدستور. وشكت الطبيبة فاطمة مراد في المقطع المصور مما تعانيه أسرة شادي وألاف الأسر الآخرى، "بلا ذنب سوى أنهم أحبوا بلدهم"، متسائلة: "من يتخيل أن يستمر الوضع هكذا، هل هناك عاقل يظن أن الحياة ستستمر هكذا للبلد عموما أو للمعتقلين وأسرهم، من يتخيل أن الموضوع سهل أو هزار للمعتقلين وأسرهم". وأخذت تطرح عدة أسئلة: "من كتب علينا هذه العيشة؟ ... هل تظن أن لن يصل إليك أحد؟ ولو كلنا صامتون فربنا فوق الجميع، خاصة مع دعوات المظلومين... سيدفع الثمن كل من اشترك في جريمة تجريف البلد وبيعها وتجويعها وتجهيلها وإمراضها وإفقارها "."قهر وضيق"Image caption شادي الغزالي حرب وقالت مراد لبي بي سي إنها سجلت هذا المقطع المصور بشكل عفوي كونها تشعر بضيق وضغط شديدين وهي غير متأكدة من جدواه، مضيفة "ليس سجن شادي فقط هو سبب تسجيل هذا الفيديو ولكن لإحساسي بالقهر بشكل عام من كل شيء يحدث حولي، والمناخ العام في مصر". وألقي القبض على شادي، وهو أستاذ في كلية الطب وناشط سياسي ارتبط اسمه بثورة يناير وانضم لحزب الدستور الذي أسسه محمد البرادعي لفترة، في مايو 2018، بسبب تحوله لمعارضة السيسي بعدما كان مؤيدا لمظاهرات 30 يونيو 2013 التي انتهت بعزل محمد مرسي، الرئيس الراحل المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وتوضح زوجة شادي لبي بي سي أنها تدور بسيارتها في الشوارع حتى تهدأ بعد زيارته، قائلة: "أكثر ما أرهقني وجعلني أنفجر كانت نصيحة الناس لي بأن أسكت حتى لا يؤذى شادي. أشعر بالرعب لأني العائل الوحيد لأولادي بعده، ولكن من حقي أن أعبر عن ألمي ووجعي. قد أكون تطرقت لأمور سياسية، ولكني كنت أريد فقط أن أصرخ وأقول ما أشعر به". وتابعت أنها تعيش بين الأمل والقلق بعد بث الفيديو، مطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين. واستطردت قائلة: "سترد الجهات الرسمية أنه ليس هناك معتقلين وأقول لهم إن الحبس الاحتياطي هو اعتقال مقنن. ودليلي أن السؤال الأول الذي يقابلني في زيارة شادي في السجن: هو جنائي أم سياسي؟". وأخلت المحكمة سبيل شادي قبل أشهر، غير أن نيابة أمن الدولة العليا استأنفت ضد القرار، وقبلت المحكمة استئناقها أوعادت حبسه. وطالب أسامة الغزالي حرب، وهو عم شادي، الرئيس السيسي بإطلاق سراحه في لقاء متلفز الشهر الماضي ومن في مثل حالته، قائلا إنه لم يكن أبدا عضوا بجماعة الإخوان وكل تهمته أنه معارض. وأسامة الغزالي حرب هو أستاذ علوم سياسية عينه السيسي قبل سنوات لترؤوس لجنة للعفو الرئاسي تختص بنظر حالات الحبس للنشطاء، وترفع قوائم للرئيس وجهات الأمن تمهيدا لإصدار قرارات بالعفو عنهم.مطالبات وأمل مصدر الصورةFacebook وتقول لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري إن هناك نحو ما بين 25 إلى 30 ألفاً محبوسين احتياطياً في مصر، بينما تقول منظمات حقوقية من بينها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقديراتها إن هناك أكثر من 60 ألف سجين سياسي في البلاد. وقبل أيام، طالبت الزهراء محمود حسين، وهي ابنه صحفي الجزيرة محمود حسين، النائب العام بتفسير لحبس أبيها لما يقرب من ثلاث سنوات احتياطيا. وكتبت حسين على صفحتها على فيسبوك: "أوشكنا على إتمام ثلاث سنوات من القهر، حبس احتياطي تعسفي وأمر محكمة بإخلاء سبيل ثم إعادة الحبس قبل العودة للمنزل. رحلاتنا لسجن طرة أصبحت روتين مرير، والسبب إيه؟ قولي (قل لي) يا سيادة النائب العام؟". وسمحت السلطات مؤخرا لحسين، الذي نفى بشكل متكرر اتهامات وجهتها له النيابة بالمشاركة في مخطط لإثارة الفوضى في مصر عن طريق بث أخبار كاذبة، بالخروج لتشييع جثمان والده المتوفى. وأفرجت نيابة أمن الدولة العليا خلال الأيام العشرة الماضية عن نحو 700 ممن ألقي القبض عليهم إثر مظاهرات نادرة ومحدودة ضد السيسي في ميدان التحرير وعدة مناطق آخرى في أنحاء البلاد. وسمح تعديل لقانون "الإجراءات الجنائية" أدخل عام 2013 بأن يتجاوز الحبس الاحتياطي العامين، على أن يجدد الحبس للمتهم كل 45 يوما، وهو ما أثار انتقادات حقوقية واسعة. وبدأ نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام حملة افتراضية لإرسال رسائل تضامنية عبر البريد للمحبوسين في السجون المصرية، ونشروا العناوين البريدية لبعض السجون المصرية. وقال بعض من شاركوا في الحملة إنها تهدف إلى التعريف بأحوال السجناء وأنهم ليسوا بمفردهم وأن حريتهم أولوية.الحبس الاحتياطي "عقوبة" مصدر الصورةEPA ويقول نجاد البرعي، المحامي والحقوقي، إن الحبس الاحتياطي تحول منذ أربع سنوات ليصبح عقوبة في حد ذاته وليس حرصا على صالح التحقيق أو حماية للقضايا من التلاعب في الأدلة أو التأثير على الشهود. ويوضح البرعي لبي بي سي أن القانون في السابق، قبل التعديلات التي أجراها الرئيس السابق عدلي منصور، يضع سقفا زمنيا لا يتجاوز العامين، غير أن التعديل استبدل ذلك ليلغي السقف الزمني، وهو ما يعد استبدالا لقرارات الاعتقال الإداري التي كانت تصدر في عهد (الرئيس السابق) مبارك، بحبس احتياطي يخضع لسلطة النيابة. وطالب البرعي بأن يجرى تعديل تشريعي يسمح بالاستئناف على فترة الحجز الاحتياطي، وتعديلات إجرائية تسمح بمعاملة المحبوس احتياطيا بشكل مختلف عن المحكوم عليه، مشددا في الوقت نفسه على أهمية استخدام بدائل للحبس الاحتياطي مثل المنع من السفر أو دفع كفالة أو غير ذلك. ويقول البرعي: "الحبس الاحتياطي الآن يستخدم للانتقام السياسي، وهو التفاف واضح. أغلب المحبوسين إذا خضعوا للمحاكمة سوف يحصلون على البراءة ولكن ما يحدث هو حبسهم لشهور وسنوات دون محاكمة". وحذر المحامي الحقوقي من أن استخدام "أدوات العدالة للانتقام من المعارضين سوف يؤدي إلى انهيار منهج العدالة، فليس من العقل أن يستمر التحقيق لسنوات"."خطوات إيجابية" ومؤخرا اتخذت النيابة العامة قرارات وصفها محامون بالإيجابية، من بينها متابعة أحوال السجون وأقسام الشرطة وإخلاء سبيل بعض المحبوسين احتياطيا أو استبدال الحبس بتدابير احترازية. وأمر النائب العام في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي بـإخلاء سبيل الأطفال والطلاب والنساء والشيوخ من المتظاهرين ممن لم يثبت ارتباطهم بدعوات الجماعات، موضحا في بيان رسمي آنذاك أن قرارا يأتي "التماسا للرأفة"، وهو ما اعتبره كثيرون توجها محمودا للنائب العام الذي تولى عمله قبل نحو شهرين فقط. ويوضح البرعي أن النائب العام قام بخطوات تمنح بعضا من الأمل، بأنها ستلتزم بتطبيق القانون، من أبرزها الإفراج عن العديد من النشطاء من بينهم محمد القصاص وبدون أي تدابير احترازية. ويقول البرعي: أطلب من النائب العام تشكيل لجنة من محاميي العموم تقوم بمراجعة قضايا نيابة أمن الدولة العليا بالتحديد، بحيث تقدم أوراق من كان ضده دليل إلى المحاكمة، ويُخلى سبيل من لا يوجد ضده أي دليل و"نغلق هذا الملف الذي يسئ إلى العدالة في مصر". وطالب خالد علي المحامي الحقوقي قبل نحو شهر السلطات المصرية بإخلاء سبيل كل المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي، وإنهاء التدابير الاحترازية في كل هذه القضايا التي لم يُتهم أصحابها بالقتل أو التفجير أو التخريب والإتلاف أو حمل الأسلحة والمتفجرات كما دعا إلى إطلاق كل من تجاوز مدة حبسه الاحتياطي أو تدابيره الاحترازية سنتين، أيا كانت تهمته لبلوغه، فيما سماه آنذاك مبادرة لحل أزمة السجون المصرية، في ظل تصاعد الانتقادات الدولية للنظام المصري حول ملف حقوق الإنسان وتقول السلطات المصرية إن النيابة العامة والجهاز القضائي مستقلون، وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان الثلاثاء بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان إن مصر "ستواصل السعي لبناء دولة ديمقراطية حديثة، تتأسس على قيم المواطنة احتكاماً إلى سيادة القانون، وقضاء شامخ ومستقل يضمن المساواة في الحقوق والحريات والواجبات العامة وعدم التمييز".

مشاركة :