"ممالك النار": الدراما تقرأ ما بين السطور ولا تدوّن التاريخ

  • 12/11/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يتناول المسلسل العربي الأضخم إنتاجيا في عام 2019 “ممالك النار” خلال 14 حلقة فقط، السنوات الأخيرة لدولة المماليك في مصر واجتياح السلطان العثماني سليم الأول للمنطقة العربية عامي 1516 و1517، واستبسال السلطان طومان باي في المقاومة حتى هزيمته وشنقه على باب زويلة في القاهرة. وقال المصري محمد سليمان عبدالمالك مؤلف المسلسل “كنت أتوقع منذ البداية وحتى قبل عرض المسلسل أن يثار حوله الجدل على مستويات متعددة، منها نقطة صحة الوقائع التاريخية ودقتها، لكن ما أؤكده هو أن العمل الدرامي التاريخي دوره ليس توثيق التاريخ بقدر ما هو محفّز على التفكير والبحث وإعادة قراءة الأحداث”. وأضاف “أرى أن حالة البحث التي انطلقت على الإنترنت وفي الكتب عن شخصيات المسلسل ووقائعه هي حالة إيجابية جدا، فالدراما التاريخية لا تدوّن التاريخ لأن هذا عمل المؤرخين، ودور الكاتب الدرامي هو قراءة التاريخ وفهم ما بين السطور ونقل هذه القراءة والرؤية إلى الجمهور من خلال عمله”. وتابع قائلا “ربما من إيجابيات المسلسل أيضا أنه بدّد الكثير من الهالات التي وضعت حول شخصيات أو أحداث بعينها في التاريخ، وبمرور السنين أصبحت واقعا لا يناقش. “ممالك النار” بدّد الكثير من هذه الهالات، خاصة في ما يتعلق بالدولة العثمانية، وهذا الفعل كان مؤلما للبعض فما كان منهم سوى مهاجمة العمل”. ورغم اعتقاده بأن العمل في حد ذاته كفيل بالرد على الانتقادات سواء بالتسييس ومسايرة بعض الصراعات الإقليمية أو حتى بالوقوع في أخطاء تاريخية، فقد حرص المؤلف على توضيح مصادر توثيق المسلسل بشكل عام. وقال “تحرّينا الدقة التامة في ما يتعلق بسرد الأحداث وكانت جميع الحلقات تعرض على مُراجع تاريخي مُتخصّص، هو الدكتور محمد صبري الدالي، لذلك أزعم أن الدقة التاريخية في “ممالك النار” تتجاوز 100 بالمئة”. وأضاف “اعتمدنا على مرجعين أساسيين في الكتابة، كتاب “بدائع الزهور في وقائع الدهور” للمؤرخ ابن إياس و”واقعة السلطان الغوري مع سليم العثماني” للمؤرخ ابن زنبل الرمال، اللذين كُتبا أثناء الاحتلال العثماني لمصر ومؤلفاهما كانا شاهدي عيان على الأحداث، إضافة إلى مراجع تركية وإنكليزية وعربية”. خلال مشواره قدّم محمد سليمان عبدالمالك حتى الآن ثلاثة أفلام سينمائية ونحو 10 مسلسلات تلفزيونية وستة مسلسلات إذاعية، لكن “ممالك النار” هو عمله التاريخي الأول. وقال “لديّ شغف كبير بالتاريخ وبهذه المرحلة التاريخية تحديدا، لكن تقديم مثل هذه الأعمال دائما ما كان يتعثّر بسبب الصعوبات الإنتاجية”. وأضاف “تلاقى هذا الشغف مع رغبة شركة الإنتاج الإماراتية جينوميديا التي كانت تبحث عن تقديم أول أعمالها الدرامية، وكانت تتطلّع إلى صنع عمل ضخم ومؤثر ومختلف عن السائد”. وقال عبدالمالك، إن المسلسل بداية من الإعداد والتحضير مرورا بالكتابة والتصوير وحتى مرحلة التجهيز الفني والمونتاج، استغرق عاما ونصف. وتشارك في بطولة المسلسل مجموعة كبيرة من الممثلين من جنسيات عربية مختلفة، من أبرزهم المصري خالد النبوي الذي أدى دور السلطان طومان باي والسوري رشيد عساف الذي أدى دور السلطان قانصوه الغوري ومواطنه محمود نصر الذي أدى دور السلطان العثماني سليم الأول. وقال عبدالمالك “هذا التنويع كان مقصودا لأن المسلسل يستهدف المشاهد في المنطقة العربية بشكل عام، حتى اللغة التي استخدمناها في الحوار هي الفصحى البسيطة حتى تتماشى مع الحقبة التاريخية وتكون كذلك سلسة لكافة المشاهدين”. وأضاف “استكمالا لهدف الوصول إلى عمل يحاكي الأعمال الدرامية العالمية اختارت شركة الإنتاج مخرجا بريطانيا، وهو بيتر ويبر، لقيادة العمل وأحاطته بمجموعة من المساعدين العرب لاكتساب الخبرة والتعلّم”. وجرى تصوير المسلسل في تونس مع الاستعانة بتقنية الغرافيك لبعض المدن، نظرا إلى تغيّر جغرافيتها حاليا أو تعذّر التصوير فيها بسبب الزحام أو صعوبة استصدار تراخيص التصوير. يعتبر محمد سليمان عبدالمالك أن مسلسل “ممالك النار” قدّم طفرة بمجال المسلسلات التاريخية، لكنه يظل مرحلة تحتاج إلى البناء عليها واستكمالها لتقديم رؤية ذاتية عن تاريخ المنطقة العربية تروى بلسان أهلها من خلال الدراما التي يتجاوز تأثيرها الحدود والزمن. وقال “المسلسل سلّط الضوء على حقبة من التاريخ مظلومة ومسكوت عنها. ما حدث في “ممالك النار”، هو أننا لأول مرة نروي تاريخ المنطقة من وجهة نظرنا كعرب، لكن في النهاية هو مشروع أتمنى أن تعقبه مشاريع كثيرة أخرى في هذا الاتجاه”. وأضاف “اتضح أن تأثير الدراما التلفزيونية كبير جدا، أكثر ممّا كنت أتوقع، والدليل هو حجم المشاهدة والجدل الذي أثير حول العمل، وبالتالي لا يجب ترك هذه المساحة خالية للغير لتقديم رؤيتهم عنّا بل نعمل على تقديم المزيد من هذه الأعمال برؤيتنا”. وتابع قائلا “الدراما، والدراما التاريخية تطوّرت كثيرا في العالم سواء على مستوى الكتابة أو التنفيذ، ونحن في “ممالك النار” استفدنا من هذا. وأعتقد أن تأثير 14 حلقة فاق ما فعلته مسلسلات أخرى بلغت 60 وربما 90 حلقة”. وعن إمكانية كتابة أو إنتاج جزء ثان من المسلسل قال محمد سليمان عبدالمالك، إن الأيام القادمة ربما هي التي ستحسم الأمر بعد اكتمال عرض الحلقات وتقييم رد الفعل ورأي الجمهور.

مشاركة :