محمد الهاشل: بنوكنا باتت أكثر استقراراً عمّا كانت عليه قبل عقد

  • 12/12/2019
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

أكد محافظ بنك الكويت المركزي، الدكتور محمد الهاشل، أن «بنوكنا باتت أكثر استقراراً عمّا كانت عليه قبل عقد من الزمن، وأن هناك أدلة على ذلك»، لافتاً إلى أن هناك توافقاً على أنها دخلت حقبة تراجع أسعار النفط من مركز قوة معززةً بالإصلاحات الرقابية التحوطية.تصريحات الهاشل جاءت خلال كلمته الافتتاحية للاجتماع السنوي الرابع عشر عالي المستوى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي نظمته لجنة بازل للرقابة المصرفية بالمشاركة مع معهد الاستقرار المالي وصندوق النقد العربي، في أبوظبي أمس، حيث أشار إلى أن أثر هبوط أسعار النفط في 2014 على البنوك الخليجية كان محدوداً رغم تفاوت درجة المتانة من دولة لأخرى.وسلط الهاشل في كلمته التي حملت عنوان «الرقابة والإشراف: أخطاء الماضي ومخاوف الحاضر»، الضوء على واقع الرقابة المصرفية والدروس التي تعلمها القطاع المصرفي من الأزمة المالية العالمية، وذلك من خلال محورين، أولهما يتعلق بواقع الرقابة وما وصلت إليه بعد سنوات من الإصلاحات الرقابية لمعالجة أوجه القصور التي كشفتها الأزمة المالية العالمية، والثاني هو هموم الرقابة والإشراف المستقبلية.وأوجز في المحور الأول، آثار الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن خسائر الأزمة - طبقاً لأبحاث بنك التسويات الدولي - بلغت ما نسبته 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فضلاً عن التكاليف الاجتماعية لارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الإنتاج.وأشاد بتحرك قادة العالم حينذاك لمواجهة العواقب والمخاطر التي أحاطت بالنظام المالي، واصفاً إياه بالتحرك الاستثنائي مقارنة بأوضاع اليوم التي يغلب عليها طابع تنامي الاتجاهات القومية والمشاحنات التجارية.  وقال إن للإشراف الفعال أهمية كبيرة في كشف المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي، إذ لا يمكن التنبؤ بكل المخاطر سلفاً، مشدداً على ضرورة أن تتسم الجهات الرقابية بالمرونة والسرعة لتصويب الأوضاع بما يتماشى مع الطبيعة المتغيرة للصناعة المصرفية واستجابةً للمخاطر الجديدة.التطورات التكنولوجيةوانتقل الهاشل بالحديث إلى المحور الثاني حيث قدم مثالين هما: المخاطر السيبرانية، والتغير المناخي، موضحاً أنه بالنسبة للمثال الأول، فإن التطورات التكنولوجية باتت تلقي بظلالها على جميع نواحي العمل المصرفي محدثة تحولاً في عمليات البنوك الداخلية وفي تعاملاتها مع العملاء، ومع تعاظم دور التكنولوجيا من دور مساعد إلى منصة أساسية لكل أنشطة البنوك، تلوح في الأفق احتمالات عالية لنشوء مخاطر جديدة عن أنماط التكنولوجيا واسعة الانتشار والمتشابكة. ونوه إلى أن أثر حدوث مثل هذه الاحتمالات على أرض الواقع لا يقتصر على الإخلال بالخدمات المالية الحيوية، بل يتعدى ذلك لتهديد متانة النظام المصرفي والثقة فيه، ولذلك بات ينظر إلى المخاطر السيبرانية على أنها مخاوف محورية. فعلى سبيل المثال، أشار استطلاع لبنك إنكلترا حول المخاطر النظامية للنصف الثاني من عام 2018 إلى المخاطر السيبرانية كثاني أكبر المخاطر، بعد المخاطر السياسية الناشئة عن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وشدد الهاشل على وجوب أن تنعكس المخاطر السيبرانية المتزايدة في المتطلبات الرأسمالية لدى البنوك لمواجهة المخاطر التشغيلية، كما رأى في تنامي الوعي بالمخاطر السيبرانية خطوة في الاتجاه الصحيح، لا سيما أن هذه المخاطر تعتبر عظيمة الأثر وإن كانت احتمالاتها منخفضة، مؤكداً أن الاعتماد على رأس المال فقط في مواجهة المخاطر السيبرانية لن يكون كافياً، إذ يتوجب على الجهات الرقابية ضمان تحسين البنوك لمتانتها التشغيلية عبر تعزيز قدرتها على الاستجابة للهجمات السيبرانية والتعافي منها. المخاطر المناخيةوفي سياق أثر الكوارث المناخية على الاقتصاد، بيّن أنه ينتج عنها نوعان من المخاطر، أحدهما مادي والآخر متعلق بالتحول الاقتصادي، حيث يشكل تزايد وتكرار الكوارث المناخية خطراً مادياً كبيراً يلحق الضرر بأصول وضمانات البنوك، كما يمكن للكوارث الطبيعية أن تضر بالبنية التحتية العامة فتؤثر على حياة الأفراد والنشاط الاقتصادي ككل.وفي ما يتعلق بخطر التحول الاقتصادي، أشار الهاشل إلى أن الخطر يكمن في الأثر الاقتصادي للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، حيث يمكن لعوامل مثل تطوير تكنولوجيا رفيقة بالبيئة وتغير الرأي والتوجه العام وإصدار القوانين الجديدة لضبط انبعاثات الكربون أن تُحدث نقلة في النشاط الاقتصادي نحو المشاريع الأقل إضرارا بالبيئة. وتبعا لذلك، يمكن لقيمة الأصول كثيفة الكربون أن تنخفض، وتواجه قطاعات النفط والغاز والفحم والخدمات العامة بشكل خاص هذا الخطر على المدى الطويل، إذ يمكن لمثل هذا التحول أن يخفض من قيمة أصولها ويهدد الوظائف فيها.وذكر أنه يتوجب على الجهات الرقابية للقطاع المالي تحديد السبيل الأمثل لوضع المخاطر المرتبطة بالمناخ في الاعتبار عند رسم سياساته التحوطية، قائلاً إنه سيتطلب هذا توسعة مصفوفة المخاطر لتشمل المخاطر المرتبطة بالمناخ بشكل صريح وتحسين أدوات التحليل المستخدمة لتقييم مدى الخطر الذي تشكله الكوارث المناخية على القطاع المالي. وفي نهاية الأمر، يكمن الحل في تزويد النظام الرقابي بأدوات جديدة تأخذ في الحسبان المخاطر المرتبطة بالمناخ من منظور شمولي بدلا من إضافة بند جديد إلى منظومة المخاطر. «المركزي» يعكف على خلق منصة للمخاطر السيبرانية قال المحافظ الهاشل، إن «المركزي» يعكف حالياً على خلق منصة متطورة للتبادل الفعال للمعلومات المتعلقة بالمخاطر السيبرانية، وهي منصة يمكن استخدامها لاحقاً على نطاق إقليمي.وبيّن ضرورة الاستفادة من توجيهات المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية ولجنة المدفوعات والبنية التحتية للسوق (CPMI-IOSCO) التي تهدف لتعزيز المتانة المعتمدة على التصميم، وتضمين النظام مواصفات أمان سليمة في أوائل مراحله، أي عند صياغة مفاهيمه، ما يساعد على التصدي للمخاطر السيبرانية المحتملة التي يمكن أن تنشأ عن استمرار البنوك في الاعتماد على إرثها التقني. أزمة 2008 أظهرت أن الخلل التنظيمي كان جلياً  عرج الهاشل على أوجه الاختلالات والقصور التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية 2008 بقوله: «لم يكن التعرف على هذه الاختلالات وأوجه القصور صعباً، فقد كان من الواضح عدم كفاية رأس المال وضعف جودته، وما زاد الأمر سوءاً غياب المصدات والتدابير الوقائية لاحتواء الرفع المالي المفرط. فيما استفادت البنوك الكبرى، التي حال حجمها دون سقوطها، من قوتها في السوق دون أن تتحمل كلفة المخاطر التي تسببت فيها للنظام برمته».وأضاف «لم تكن هناك تدابير خاصة بالسيولة، سواءً من حيث التمويل أو تغيرات السوق، وكانت الرؤية ضبابية بالنسبة لجهود احتواء المخاطر النظامية من حيث البعد الزمني أو الهيكلي»، وخلص في هذا الجانب إلى أن الخلل كان جليا في كل القواعد التنظيمية جملةً وتفصيلاً».وأكد أن من أوجه القصور التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية النظرة التي رأت في الإشراف المصرفي عملية تقوم على التحوط الجزئي وحده، إذ ساد الاعتقاد أن استقرار وحدات النظام المالي، كلٌ على حدة، كفيل باستقرار النظام ككل، ما أدى إلى تجاهل المخاطر النظامية الآخذة في التنامي.وقال الهاشل إن معالجة الأزمة فرضت متطلبات في شأن تكوين المصدات الرأسمالية التحوطية والمصدات المالية ضد التقلبات الاقتصادية، لمساعدة البنوك للمحافظة على هوامش إضافية في صورة مصدات رأسمالية والحد من المخاطر النظامية. وفي السياق ذاته، طُبق تدريجياً معيار الرفع المالي لدعم تطبيق «معيار كفاية رأس المال». أما بالنسبة للسيولة، بين أن تطبيق معياري نسبة تغطية السيولة وصافي نسبة التمويل المستقرعزز قدرة البنوك على مواجهة ضغوط السيولة، وزيادة استقرار هيكل التمويل، موضحاً أنه لمواجهة البعد الهيكلي من المخاطر النظامية، أضيفت متطلبات رأسمالية للبنوك ذات الأهمية النظامية، إلى جانب تعزيز خطط الإنعاش وتسوية الأوضاع وتحسين شبكات الأمان.

مشاركة :