جدّد رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني تشبث المملكة بالمعايير الدولية لمناهضة التعذيب، منوها بخطواتها المتقدمة في مجال حقوق الإنسان. وأكد العثماني على تعزيز الجهود في مجال مناهضة التعذيب، من خلال تحريك متابعات قضائية في حق منفذي القانون المتهمين بارتكاب أعمال عنف وتعذيب وسوء معاملة تجاه السجناء. جاء ذلك في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، التي خصصت لموضوع “السياسة العامة للحكومة في مجال حقوق الإنسان، التحديات والآفاق”، الثلاثاء، والتي تزامنت مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق 10 ديسمبر من كل سنة. ونظرا لارتباط مناهضة التعذيب بتطبيق المعايير الدولية لاحترام حقوق الإنسان، فقد أشار رئيس الحكومة إلى أن مجال حقوق الإنسان يعرف بين الفينة والأخرى بعض المشاكل والتجاوزات، مشددا على أن الوضع بعيد كل البعد عن كونه تراجعا، وذلك لمتانة المنظومة القانونية والتنظيمية المغربية والتي لا تسمح بتسجيل تراجعات. المرصد الوطني للسجون في تقريره السنوي يشدد على ضرورة الإسراع بإقرار الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ومراقبة أماكن الاحتجاز وتأتي تصريحات العثماني ردا على الانتقادات التي طالت الحكومة بخصوص تعاملها مع معتقلي حراك الريف، لينفيها ويؤكد التزام المملكة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. من جهتها أعلنت النيابة في المغرب، الثلاثاء، إصدارها دليلا إرشاديا حول “مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، وهو موجه للقضاة ولمختلف الفاعلين في مجال العدالة، بهدف توفير المعلومات الحقوقية والقانونية المتعلقة بمكافحة التعذيب، وتوضيح الإجراءات التي يتم اتباعها للبحث في ادعاءات التعذيب. وأوضح وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، في كلمة له بمناسبة إصدار هذا الدليل، أن “كل من يدعي وجود التعذيب لا يمكن لنا إلا أن نقول له إن القضاء وحده هو المخول للبحث في مدى صحة هذه المزاعم التي يمكن أن تكون صحيحة أو مغلوطة، ونرجو أن يوفق القضاء في تحمل مسؤوليته في ذلك”. بدوره نوّه عزيز أدماين، الخبير الحقوقي، بمجهود النيابة العامة في إصدار “دليل إرشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مكافحة التعذيب” واعتبره “خطوة إيجابية وجب تنزيلها على أرض الواقع”. ويذكر أن المغرب صادق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب في يناير 2012 وأودع وثائق التصديق بتاريخ 24 نوفمبر 2014، ليصبح المغرب الدولة السادسة والسبعين المصادقة على هذا البروتوكول. وتفعيلا للالتزامات التي يفرضها البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، استقبل المسؤولون المغاربة اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب، كما تم إنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار مهامه الحمائية. سعدالدين العثماني يؤكد على تعزيز الجهود في مجال مناهضة التعذيب، من خلال تحريك متابعات قضائية في حق منفذي القانون المتهمين بارتكاب أعمال عنف وفي هذا الصدد، أبرز مصطفى الرميد أن المغرب عمل على تعزيز أدوار الرقابة القضائية والإدارية على المؤسسات السجنية في بعديها الوقائي والحمائي، مشيرا إلى أنه بالرغم من الإكراهات المسجلة، ظلت أبواب هذه المؤسسات مفتوحة أمام زيارات مختلف الآليات الأممية لحقوق الإنسان كالمقرر الخاص المعني بالتعذيب واللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، كما أذنت المملكة لهذه اللجنة بنشر تقرير الزيارة واعتباره وثيقة عامة، وذلك في وقت ظلت العديد من الدول متحفظة ومترددة في رفع الطابع السري عن هذه التقارير. وتفاعلا مع موضوع الآلية، شدد المرصد الوطني للسجون في تقريره السنوي الذي تناول وضعية المؤسسات السجنية والسجينات والسجناء بالمغرب، على ضرورة الإسراع بإقرار الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ومراقبة أماكن الاحتجاز، وعلى ضرورة ملاءمة القوانين وخصوصا المنظومة الجنائية العادية أو العسكرية مع مقتضيات الدستور، ومع الاتفاقيات ذات الصلة ومع مقتضيات اتفاقية مناهضة التعذيب سواء من حيث التشريع أو تعريف التعذيب أو من حيث ممارسة السلطات لأدوارها ومهامها تجاه أية حالة من حالات التعذيب. وتتولى الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب معاينة ظروف ومعاملة السجناء وتقديم توصيات للسلطات تهم إجراء تغييرات هيكلية وقانونية وعملية من أجل الحد من خطر التعذيب وسوء المعاملة
مشاركة :