ما موقف مصر من تقارب محتمل بين قطر والجوار الخليجي؟

  • 12/12/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وسط إشارات التقارب المحتمل للخلاف الإقليمي بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى، يظل الموقف المصري موضع تساؤل بين المراقبين. فكيف استقبلت القاهرة تلك الإشارات وماذا ستفعل في أي مصالحة قريبة؟ دلالات عديدة ظهرت الشهر الماضي حول تقارب محتمل بين السعودية والإمارات والبحرين وقطر يشرح السفير رخا حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، في حديث لـDW عربية، طبيعة موقف القاهرة منذ أن بدأت إشارات التقارب المحتمل بين قطر مع دول الخليج. يقول حسن إن تلك الإشارات بدأت من الزيارة السرية لوزير الخارجية القطري إلى الرياض ثم بعد ذلك مشاركة السعودية والبحرين والإمارات في الدورة الرياضية (خليجي 24) التي أقيمت بالدوحة وما نتج عنه من فتح الطيران المباشر من السعودية إلى قطر وكذلك الحدود، وتزامن مع ذلك ضغط أمريكي على قطر والسعودية للتصالح لتوحيد الجبهات ضد إيران. وفي حزيران/ يونيو 2017، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر، متهمةً إياها بدعم وتمويل الإرهابيين، وهي تهمة نفتها الدوحة. لكن الشهر الماضي ظهرت دلالات على تقارب محتمل في العلاقات. رسائل قطرية غير مباشرة وأضاف حسن لـDW عربية، أنه في البداية "استقبلت مصر تلك الإشارات على مضض والإمارات تضامنت أيضا معها وظهر ذلك بلقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي عهد الإمارات محمد بن زايد"، مشيرا إلى أن وزير الخارجية القطري بعث برسالة غير مباشرة إلى مصر بعد تصريحه بأن قطر لا تدعم جماعة الإخوان. وفي خضم حديثه حول المحادثات مع السعودية، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في منتدى حوارات المتوسط لعام 2019 الذي عقد في روما يوم الجمعة (السادس من ديسمبر/كانون الأول 2019)، إن "الدعم القطري إلى مصر لم ينقطع حتى بعد فترة الرئيس محمد مرسي"، مؤكدا أنه "ليس للإخوان المسلمون وجود رسمي أو دعم في قطر". يتابع حسن، أن قطر تقصد أن الإخوان المتواجدين على أراضيها معهم جنسيات قطرية مثل الشيخ يوسف القرضاوي بينما مصر تقول إنه صدر ضدهم أحكام، متسائلا "هل رفض مصر لجماعة الإخوان المسلمين يحدد علاقاتنا السياسية بقطر؟ بالطبع لا. فهناك استثمارات قطرية لاتزال بالسوق المصري وكذلك الجالية المصرية بالدوحة تصل إلى 250 ألف عامل". كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في حزيران/ يونيو 2018، ضمن جلسة حوارية بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ، إن بلاده مع استقرار الدول الخليجية وبينها قطر لأن "المنطقة لا تحتمل عكس ذلك". التخلي عن الإخوان؟ بينما رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، جمال عبد الجواد، في حديثه لـDW عربية، أن موقف مصر أي مصالحة محتملة سيتوقف على مدى الاستجابة للشروط أو المطالب التي حددتها الدول الأربع في بداية الأزمة في مقدمتها قضية الإخوان المسلمين. وفي 22 من يونيو/حزيران 2017، عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر قائمة من 13 نقطة، وحددت لها مهلة عشرة أيام لتنفيذها، وكان من ضمن المطالب قطع علاقتها بالإخوان المسلمين وإغلاق قناة الجزيرة، والحد من علاقات قطر مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية على أرضها، إلا أن قطر قالت إن "اللائحة غير واقعية" وغير قابلة للتطبيق. وأوضح عبدالجواد، أن "جماعة الإخوان قضية تهم مصر في المقام الأول، لذا القاهرة تترقب رد فعل الدوحة وهل ستتخلى عن الإخوان المسلمين بالفعل أو تتوقف عن عدم استضافتهم وتوفير منبر إعلامي لهم مثل قناة الجزيرة". القاهرة تتهم قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها مصر منظمة إرهابية. لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية الدكتور سعيد صادق، ذهب إلى أن قطر لم تعد مؤثرة بشكل سلبي على النظام المصري مثلما كان الأمر عليه بعد ثورات الربيع العربي، موضحا أنه في موجة ثورات الربيع العربي الأولى كان ينظر إلى قطر كمحرك للاحتجاجات وكانت أدواتها الإعلامية من الجزيرة أقوى ومؤثرة بالشارع العربي ومن بينها مصر، لكن ذلك الدور لم تستطع فعله في الموجة الثانية من الثورات سواء في العراق ولبنان والجزائر وأيضا السودان وفقدت ثقلها في المنطقة. تقارب دون مصر؟ وأضاف صادق، في حديث لـDW عربية، أنه رغم الدعم القطري الكبير لجماعة الإخوان المسلمين في السنوات الماضية إلا أن النظام المصري لم يتأثر وبات أكثر قوة، لكن صادق أشار إلى أن مشكلة النظام المصري حاليا مع تركيا التي "تدعم قطر سياستها ورئيسها رجب طيب أردوغان الذي لا يعترف بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وله أجندة ضد مصر سواء في أزمة التنقيب على الغاز بالبحر المتوسط والملف الليبي. ونهاية تشرين الثاني/ نوفمبر وقعت تركيا مذكرتي تفاهم حول الحدود البحرية والتعاون الأمني مع حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا برئاسة السراج. الأمر الذي أثار غضب مصر حيث ذكرت في بيان "إن توقيع مذكرتيّ تفاهم في مجاليّ التعاون الأمني والمناطق البحرية وفقاً لما تم إعلانه، غير شرعي (...)". "تلك الاتفاقية الأمنية التي أبرمتها تركيا وحكومة الوفاق الليبية (الموالية للإخوان) ستعقد الأمور أكثر وتصعب من موقف مصر تجاه أي مصالحة محتملة باعتبار أن الدوحة تدعم أيضا حكومة الوفاق الليبية" يقول السفير رخا حسن. العلاقات بين تركيا وقطر توطدت بعد نشوب الأزمة الخليجية في يونيو/حزيران 2017. وحول موقف مصر إذا أقدمت الدول الخليجية على المصالحة مع قطر، رأى الدكتور جمال عبدالجواد، أن "الدول الخليجية لن تُقدِم على خطوة المصالحة دون القاهرة باعتبار أن مصالح السعودية والإمارات أقرب وأقوى لمصر من قطر". وأردف: "يبدو أن هناك موافقة مبدئية من الدول الأربع على التفاوض مع الدوحة لكن لا نزال في بداية الطريق وسيتم حل الملفات المعلقة أو بالأحرى الشروط التي قدمتها الدول الأربعة للتصالح مع قطر تدريجيا"، "حتى إذا ما لم تنخرط مصر في أي تصالح قريب مع قطر، ستعمل الدول الخليجية على إقناع مصر وتنفيذ مطالبها". فيما رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، "أظن أن أمر عودة العلاقات مع قطر سيعود للرئيس السيسي، وفي تقديري لا يزال التقارب بين الدوحة والقاهرة ممكنا". محمد مجدي

مشاركة :