بدأت معركة الرمادي في ديسمبر 2013 عندما اوقفت القوات العراقية النائب في البرلمان احمد العلواني واشتبكت مع عشائر الدليم والجميلات والبو عيسى والزوبة، وانضم عشرات الآلاف من شرطة الانبار الى التنظيمات التي حملت راية قتال القوات العراقية، ما اشعل النار التي اوصلت الى انعدام الثقة بين محافظة الانبار وسكانها وعشائر المنطقة من جهة، وبين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من جهة اخرى، وهو ما أدى الى ايجاد بيئة حاضنة قوية لـ «الدولة الاسلامية في العراق» التي اصبحت لاحقا تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). تضاف إلى انعدام الثقة، قلة الخبرة وانعدام العقيدة القتالية المطلوبة لمجابهة مجاهدي «داعش» العقائديين. ولهذا، وبعد انكسار القوى العراقية في الموصل، جرى الاعلان عن تشكيل «الحشد الشعبي» العقائدي الذي استعاد ديالى وجرف الصخر وآمرلي وطوز خرماتو، الى ان وصل الى تكريت في محافظة صلاح الدين ودخل المدينة. إلا ان دخول «الحشد»، اشعل حرباً اعلامية غربية ضد المكون الاساسي المسيطر على «الحشد» وأذكى هذه النار، العداء لإيران بالدرجة الاولى ورغبة الولايات المتحدة بتقسيم العراق الى دويلات، فتوقفت قوات «الحشد» داخل تكريت في انتظار اطفاء النار الطائفية، ورضي العالم بقذائف الطائرات الاميركية على معاقل «داعش» في تكريت بدل قذائف «الحشد» لتدمر حمم القصف المدينة وتهجر مئات الالاف من ابنائها الى بغداد وجنوب العراق بحثاً عن ملجأ آمن. ملحمة تكريت هذه تتكرر في الرمادي، اذ تؤكد مصادر عسكرية ان «الحشد يعد العدة لدخول الرمادي قبل بداية رمضان المقبل، وهو مستعد لاستعادة المدينة في اقل من 60 يوماً بعدما تطلب استيلاء داعش عليها نحو 600 يوم»، الا ان المشكلة الاساسية نفسها، وهي على النحو الاتي: اولاً: «الحشد» يتبع سياسة عسكرية تتطلب القصف التمهيدي لخفض الخسائر البشرية وهذا سيتسبب بدمار كبير للممتلكات واماكن تحصن التنظيم. ثانياً: الدمار سيحل بمدينة سنّية اخرى يعتقد التنظيم انه سيُترك فيها ليضمَّها الى «دولته»، ما سيؤخّر عودة الاهالي الذين ستتضرّر ممتلكاتهم وارزاقهم. ثالثاً: عودة الاهالي لن تكون سهلة لان حال الانبار هي حال تكريت وتتمثل في ايجاد قوى محلية موالية لبغداد، تستطيع ان تمنع اعادة تغلغل هؤلاء في المجتمع من جديد. رابعاً: الحاجة الى ان تطمئن الحكومة المركزية بانها ستسلّح القوى الامنية في الانبار وان هذه القوى لن تنضم بأسلحتها من جديد الى «داعش»، خصوصاً ان واشنطن لا تخفي رغبتها بضم الانبار الى دويلة سنية لتحاكي اخرى كردية وثالثة شيعية. خامساً: الرئيس باراك اوباما شدد على عدم رضاه عن تدخل «الحشد» في المناطق السنّية، ما مكّن «داعش» من التمدد الى عاصمة الانبار، وتالياً فان الرمادي اصبحت بمثابة كيس الرمل في حلبة صراعات متعددة يدفع ثمنها اهل السنّة في العراق على يد من يدّعي الحرب والقتال لحمايتهم، ويعطي المثل ليس فقط بالتسبب بالخسائر المادية والبشرية لاهل تكريت والرمادي (والحبل على الجرّار) بل اول من يقتل 500 من ابناء العشائر الذين رفضوا سلطة التنظيم.
مشاركة :