يخطىء الرئيس التركي، رجب أردوغان في حساباته كثيرًا، وخلال السنوات الأخيرة قام بارتكاب أخطاءٍ قاتلة لم تدمر فقط حكمه وتنهي شعبيته داخل تركيا، ولكنها زعزعت الأرض تحت قدميه ولا نبالغ إذ نقول أن عرشه أصبح قاب قوسين أو أدني من الانهيار.وفي ليبيا وبعد اتفاقاته البحرية والأمنية، التي قام بها في غفلة من الزمن وعلى عجل مع فايز السراج رئيس وزرء ليبيا، ويتصور انها إتفاقات بحرية وأمنية ستنقذه في صراعه في شرق المتوسط وتعمل له دخانًا كثيفا داخل تركيا يغطي على الاحتجاجات المتصاعدة ضد حكمه. أخطا رجب أردوغان خطأ فادحا. فالسراج رئيس مجلس وزراء ليبيا، ووفقا لاتفاق الصخيرات ليس مخولًا له عقد اتفاقات سياسية باسم ليبيا على هذا النطاق.إذن أردوغان وقع مع شخصية سياسية، لا تمتلك كل القرار في ليبيا.ثانيا: الاتفاقات البحرية والامنية التي تم عقدها مع فايز السراج ولم يكشف عنها حتى الآن، أججت الصراع في شرق المتوسط ولم تطفىء نيرانه. بل العكس تماما فإن مصر واليونان وقبرص وغيرهم أصبحوا على قناعة تامة بأنه لابد من مواجهة سياسات أردوغان العدائية بكل قوة. فأردوغان لا يريد فقط تأمين حصة تركيا في غاز المتوسط، إن كان لها من الأساس حصة ولكنه يريد نهب الطاقة كلها والاستيلاء على مقدرات غيره.أزمة أردوغان في تحركاته، انه يخطوا وفق ذهنه أنه خليفة المسلمين أو أنه سيعيد التاريخ الغابر ومجد أجداده العثمانيين، ولا يتصور أنه بسياساته الراهنة هذه قد يهدم تركيا فوق رؤوس أصحابها. في نفس الوقت، فإن إعلان مصر ودول حوض المتوسط رفضهم اتفاقات وتفاهمات أردوغان في ليبيا وجه لها ضربة نافذة. كما أن اعلان الاتحاد الاوروبي عدم اعتداده باتفاقيات تركيا مع ليبيا، وتأكيده أنه لا قيمة قانونية لها نسف شرعيتها تماما. فالاتحاد الاوروبي يقول لأردوغان: اشرب اتفاقاتك مع السراج.. لا محل لها ولا تُلزم أحد.ووسط هذا كله هناك نقاط لابد من وضعها على الحروف في موضوع التدخل التركي في ليبيا في مقدمتها: العائد الذي سيعود على ليبيا جراء هذا التدخل التركي فيها، وببساطة شديدة فإن ليبيا ستنجرف الى مزيد من الإرهاب والفوضى والميليشيات، اذا أصر السراج على اتفاقاته مع أردوغان واذا لم تهب قيادات ليبيا الى إعلان التبرؤ التام منها، ومواجهتها بكل حسم للوجود التركي على أراضيها..حسبة أردوغان في ليبيا فاشلة، وتحركاته تأتي بناءًا على أوهام ورؤى ناقصة ودموية.
مشاركة :