ها هو الموعد يتجدد من مهرجان الفنون الإسلامية، في دورته الثانية والعشرين، الذي افتتح في متحف الشارقة للفنون، وهو من أبرز المهرجانات التي تسلط الضوء على عراقة الفنون الإسلامية. تعود بدايات هذه الفنون التي تعكس هوية وأصالة الروح الإسلامية، إلى بدايات القرن السابع، مروراً بفترة العصور الوسطى، وانتشارها بكثافة في منطقة تمتد من إسبانيا إلى الهند، والمغرب، ومصر، وسوريا، وإيران، وآسيا الوسطى، وتركيا. وحين نتحدث عن الفنون الإسلامية، فإنما نتحدث عن أنواع لا حصر لها من هذه الفنون، بما تعكسه من جماليات التأمل، واكتشاف الأسرار العميقة في الكون والحياة، سواء كانت فنوناً أدبية كتابية، أو تشكيلية، ومنحوتات، وزخارف، وخزفيات، ونسيج، والتي تعكس في نهاية المطاف حيوية الفنون الإسلامية، وعمقها التعبيري كلغة فنية عالمية. في عهود الإسلام المختلفة، انتشرت هذه الفنون، وجسدت مفاهيم الحضارة الإسلامية التي تقوم على التوحيد، فأبدع الفنان المسلم في الشكل والأسلوب والمضمون، ما عكس استيعابه كافة فنون العالم، وبالتأكيد من دون خروجه عن القواعد والمبادئ الناظمة للسلوك الإنساني، في ضوء مرجعيته الدينية والروحية. كانت الفنون التطبيقية من خزف، وزجاج، ونسيج، وزخرفة، تعبر عن حاجات الإنسان الحياتية، وقد اضطلعت هذه الأشكال الفنية بدور طليعي أبدع خلالها الفنانون المسلمون تحفاً خزفية آية في الجمال وذلك منذ القرن الثالث الهجري، مروراً بتطور هذه الأشكال، في القرن السادس الهجري، التي برزت كنوع فريد من أنواع الفن الإسلامي في بيوت الخلافة الإسلامية وما تلاها. وحين نتحدث عن الفنون الإسلامية، فلا بد من ذكر العمارة، ومنجزها في العصور الإسلامية المختلفة، ولا بد من ذكر جماليات الخط العربي وتشكيلاته الساحرة. والخط العربي، عند الفنان المسلم، يعتبر من أكثر أنواع الفنون تميزاً وانتشاراً، منذ بدايات ظهوره كالخط المكي والكوفي والرقعة، والنسخ، وخط الثلث، والإجازة، والديواني، وخط الطغراء، والخط المغربي. واليوم، نحن مع دورة جديدة من المهرجان، وتجارب متنوعة من كافة دول العالم، تشمل المنحوتات، والأشكال والزخارف، والصور المرئية، كما تستكشف جمال الطبيعة، وتختبر كافة تجارب ومدارس الفن العالمي، في تجسيدها لثقافة ووعي وحساسية الفن والتلقي، كما تختبر قوة التكنولوجيا في استلهام فكرة الوجود، عبر مختلف الزوايا وعبر الكتلة أو المنظور، في حركة الشكل، وفي ظهوره واختفائه، وفي رؤية الفنان الحاذق، المتأمل، الباحث عن الكلية المتفردة في الروح وفي الوجود. هنا تلتقي الفنون وتستكشف عناصر العمل الإبداعي في الفن الإسلامي، حيث الإبداع فريد في رؤاه وتجلياته وإشعاعاته، وفريد في طروحاته التعبيرية والمجازية، وفي أشكاله البصرية التي تعبر عن فكرة التوحيد، في انسجامها مع فكرة الجمال المطلق، الذي يدرك تجليات الروح في الوجود. المحرر الثقافي
مشاركة :