خبراء يحذرون من زيف "الإسلام السياسي" ومخاطره

  • 5/20/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ناقشت الندوة العلمية التي نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان السراب : الفكر المستنير في مواجهة الإرهاب قضية الإسلام السياسي والقوى والجماعات التي تمثله، من حيث توجُّهاتها، وأساليب عملها، ومواقفها، وتجاربها في الحكم وخارجه وجوانب الخطر الذي تمثله على أمن الدول والمجتمعات التي توجد فيها واستقرارها ووحدتها، وعلى الأمن العالميِّ بشكل عام، وحذر المحاضرون من خرافة الإسلام السياسي ومخاطره. وتناولت الندوة، التي أدارها الدكتور عبدالله الشيبة، الكثير من المحاور المهمَّة التي تعالج أبعاداً مختلفة لظاهرة الإسلام السياسي والجماعات الدينية السياسية، من خلال قراءة متعمِّقة في كتاب السراب. وأكد الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أنه في ظل التغيُّرات والصراعات وأحداث العنف والتطرف التي تشهدُها منطقتنا وأرجاء عديدة من العالم، تظهر أهم التحديات خلال المرحلة الحاليَّة في ظاهرة الإسلام السياسي، وما يرتبط بها من أفكار وأطروحات وجماعات وتيارات تتباين من حيث الأساليب والآليات والأولويات والهياكل التنظيمية، ولكنها تتفق حول المرامي والأهداف؛ لأنها تستقي من مَعِين واحد، وتشترك كلُّها في استغلال الدين الإسلاميِّ الحنيف لتحقيق أهداف سياسية، والتأويل المشوَّه لنصوص الشريعة السمحة لتبرير الممارسات الدمويَّة ومحاولات هدم المؤسسات والأوطان، وتأجيج الصراعات بين أصحاب الطوائف والمذاهب والأديان، إضافةً إلى رفع شعارات دينية زائفة للتأثير في مشاعر العامَّة وخداعهم؛ استغلالاً لما للدين من موقع محوريٍّ في عقول الشعوب العربية والإسلامية وقلوبها. خداع وتضليل وأضاف السويدي ما دفعني إلى تأليف كتاب السراب ثلاثة اعتبارات رئيسية أولها السعيُ إلى الكشف عن حقيقة الجماعات الدينية السياسية وخطورة أفكارها؛ لأنها برغم الفشل الذي لحق بها، سواءٌ في صفوف المعارضة، أو مواقع السلطة في دول عديدة، فإنها لاتزال تمضي في طريق الخداع وتسويق السراب والوهم، وتقديم نفسها على أنها الحلُّ على الرَّغم من أنها المشكلة الكبرى التي تواجه المجتمعات التي توجد فيها، والخطر الأشدُّ على أمنها ووحدتها واستقرارها. وأما الاعتبارُ الثاني فهو إيماني الراسخ بأن أحد أهمِّ أسئلة النهضة التي لاتزال معلَّقةً في منطقتنا العربية هو سؤال العلاقة بين الدين والسياسة، وهو السؤال نفسه الذي طرحته أوروبا على نفسها منذ قرون، ومثلت الإجابة عنه البداية الحقيقية لنهضتها وطيِّ عصور الظلام والتخلُّف التي راهنت عليها لسنوات طويلة؛ ولذلك فإن الفصل بين الدين والسياسة هو أحد الشروط الأساسية لتحقيق نهضة حضارية حقيقية في عالمينا العربيِّ والإسلاميِّ، وحان الوقت لتناول هذه القضية بشجاعة من دون مواربة؛ حيث خسرنا الكثير في المنطقة العربية بسبب اقترابنا الحذر والقلق من هذا الموضوع خلال السنوات الماضية، على الرَّغم من طرح كثير من رواد التنوير العرب له منذ القرن التاسع عشر. وأشار إلى أن الاعتبار الثالث، الذي وقف وراء تأليف كتاب السراب، هو أن خطر الإسلام السياسيِّ والجماعات المرتبطة به لا يهدِّد وحدة العديد من المجتمعات العربية والإسلامية وأمنها واستقرارها فقط، وإنما يشوِّه صورة الإسلام نفسه، ويقدِّم خدمة مجانية إلى أعدائه المتربِّصين به، الذين يريدون إلصاق تهم الإرهاب والتعصُّب والتخلف به، وهو بريءٌ من هذه التهم، بل إنه دين العلم والعقل والمنطق والتسامح والحوار وقبول الآخر، وهذه هي القيم السامية التي حققت الحضارة الإسلامية في ظلِّها أمجادها العلمية والسياسية والعسكرية كافةً لقرون طويلة. وهم وسراب وقال عملت في كتاب السراب على تأكيد أمور أساسية عدَّة أهمُّها أن الجماعات الدينية السياسية لا تعبِّر عن الإسلام، وإنما هي انحراف عن تعاليمه السمحة، وتهدِّد المسلمين أكثر من غيرهم، وأن هذه الجماعات قدمت الوهم والسراب إلى الشعوب في الماضي، ولاتزال تقدِّمه وتصر عليه؛ ولذلك وجبت المواجهة الفكرية الحاسمة لها، وهي المواجهة التي لا تقل أهمية عن المواجهة الأمنية أو العسكرية. تنظيم القواعد وتناول فضيلة الشيخ وسيم يوسف، خطيب وإمام جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، في ورقته إشكاليات الجماعات الإسلامية والسياسة، موضِّحاً أن للسياسة تاريخاً عريقاً منذ ما قبل الإسلام، إلا أن الإسلام جاء لينظِّم القواعد السياسية والأخلاقية والعسكرية بين الخَلْق، وجعل منظومة السياسة تقوم على أسس الحق والعدل، سواء كان المحكوم من أهل الإسلام، أو من غيره من الملل؛ لهذا كان لابدَّ أن يكون لكل مسلم مرجعية في السياسة الشرعية؛ ولأن الناس عزفت عن تعلّم دينها، حيث جهلت هذه السياسة الشرعية، واتجهت إلى العبادات الفقهية فقط؛ فأصبحت تحرص على الوضوء والصلاة والصيام والقيام، ونسيت أمور السياسة الشرعية التي ارتضاها الله عز وجلّ في دينه كما ارتضى أمور العبادات. وأضاف بهذا الجهل ظهرت الجماعات الإسلامية التي دخلت في السياسة، سواء كان ذلك بجهالة منها، أو بتحريف لأصول الدين، وانطلى ذلك على عامَّة المسلمين؛ بسبب جهلهم بأمور السياسة الشرعية، فظهر لنا من يستغلُّ الدين لتحقيق مصالح سياسية، ومن هؤلاء تنظيم داعش، وجماعة الإخوان المسلمين، وحزب الله اللبناني، كما أن هؤلاء جميعاً أدخلوا السياسة في دينهم بعيداً عن منهج النبوة، وفي ورقته ركّز يوسف على داعش وسياسته، كما أفاض في الحديث عمَّا سمّاه الإخوان المسلمون وسياسة الحرباء. الدراسات الاستشرافية وأما الدكتور عبدالحق عزوزي، الأستاذ الجامعي في العلاقات الدولية والعلوم فتحدث في ورقته التي جاءت بعنوان مستقبل التيارات السياسية الدينية: نظرة استشرافية انطلاقاً من خلاصات كتاب السراب، عن أهمية الدراسات الاستشرافية والمستقبلية التي تعد أداة مهمة في التخطيط ووضع البدائل والسيناريوهات؛ من أجل الوصول إلى رؤية أوضح للمسارات المستقبلية، وركز على موضوع التيارات السياسية الدينية، بناءً على النتائج التي وصل إليها كتاب السراب مطبِّقاً عليها تقنية السيناريوهات، وهي التقنية التي تدخل ضمن إطار الأدوات المنهجية الأكثر تداولاً في الدراسات المستقبلية. وقال عزوزي إن الفكرة المحورية للسيناريو هي طريقة تحليلية احتمالية تمكِّن من تتبُّع المسار العام لتطور الأحداث والظواهر، انطلاقاً من وضعها وحالتها الراهنة، وصولاً إلى رصد سلسلة من التوقعات المستقبليَّة لها، ومن ثم يمكن القول إن السيناريو هو عبارة عن لعبة فرضيات تمكِّن من فهم التحولات البنيوية التي قد يتخذها تطور نسق معين. ركائز النهضة وتناول الدكتور عمار علي حسن، الكاتب المصري المتخصِّص بعلم الاجتماع السياسي، الذي جاءت مشاركته تحت عنوان سرابهم وماؤنا: كيف نصنع تنويراً يحاصر الإرهاب؟، والتي خلص فيها إلى أن تحديث المجتمع اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ركيزة أساسية في النهضة وبناء التنوير وإشاعته، حيث أكد أن التطرف الديني والإرهاب ينموان، في الغالب الأعمِّ، إن وجدا بيئة اجتماعية مظلمة، بكل ما يعنيه الإظلام من معانٍ تنصرف إلى الفاقة والجهل والعزلة وضيق الانتماء وانحرافه بفعل التعصُّب الأعمى تارة، والاستهانة بكل فكرة وكل جماعة بشرية أو نزعة إنسانية خارج تحكمات التنظيم المتطرف وتعاليمه تارة أخرى. كما ينمو التطرف مع الشعور الدفين بالنقص والمهانة، سواء كان ذلك حقيقة أو زيفاً، وكذلك وجود هُوَّة واسعة بين الحكام والمحكومين، وظهور علامات لفشل الدولة أو ارتخائها. وحضر الندوة معالي الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، والشيخ فيصل بن صقر القاسمي، رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للصناعات الدوائية، وعدد من الدبلوماسيين والباحثين والمفكرين والصحفيين. أفكار مغلوطة تطرق الأستاذ ماجد بن وقيش، الباحث القانوني والسياسي الإماراتي في ورقة الإسلام السياسـي بين الواقع والخرافة، إلى أن الإسلام السياسـي ظهر منذ بدايات القرن العشـرين في مجتمعات عربية وإسلامية، وكان أول تجلياته الحديثة انطلاق جماعة الإخوان المسلمين في مصر، على يد مؤسسها حسن البنا، عام 1924، وتأثر فكر حسن البنا بمحي الدين الخطيب، وأبي الأعلى المودودي. وكل هؤلاء تأثروا بالإصلاحي الشيخ محمد عبده، ولكنهم حادوا عن فكره الأساسـي في الانفتاح على الغرب والاستفادة منه، وركزوا على محاربة الغرب ومناهضته، واتجهوا إلى تبني أفكار ابن تيمية. ضاحي خلفان: اللوم على الجماعات أم من يحتضنها؟ عبَّر معالي الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، في مداخلته عن امتنانه لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، على دعوته للندوة، وشكر الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، على كتابه السراب قائلاً إنه يتمنى أنْ يقرأ الكتاب من الغلاف إلى الغلاف. وأكد معالي الفريق ضاحي خلفان في المداخلة، أهمية التمييز بين الدين والسياسة. ووجه معالي الفريق ضاحي خلفان إلى المتحدثين سؤالاً عمّا إذا كان اللوم يقع فقط على الجماعات الإسلامية، أم أن وراءها أنظمة عربية ودولية تحتضن هذه الجماعات وتدعمها؟ أدوار وأجاب الشيخ وسيم يوسف عن السؤال من خلال تشبيهه دور الجماعات الإسلامية المخرّب بـمسجد الضرار الذي بناه اليهود زمن الرسول عليه الصلاة والسلام؛ من أجل ضرب الإسلام وضرب وحدته، وهو أغلب ما تفعله الجماعات الإسلامية اليوم، أي إن الدعم الخارجي لتشويه الإسلام، في رأي الشيخ يوسف، موجود منذ عصر الرسول الكريم عليه السلام. الإصلاح الشامل ومن جانبه الدكتور عبدالحق عزوزي أن الإصلاح الشامل هو الوسيلة الأفضل لمجابهة الدور التدميري للجماعات الدينية. أما الدكتور عمار علي حسن فأكد أن القداسة للدين وهذا مختلفٌ عن التديّن وعلوم الدين والتديين. ولفت الدكتور عمار إلى أن السلوك السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر كان ضد مطالب الحركة الوطنية أيام الاستعمار الإنجليزي لمصر، وضرب مثلاً آخر عن دعم الأميركان للجماعات الإسلامية في أفغانستان، وأضاف إن هناك كلاماً كثيراً عن دعم إقليمي لـداعش.

مشاركة :