رحّبت أسواق المال العالمية أمس الجمعة بالفوز الكبير الذي حققه المحافظون في الانتخابات التشريعية في بريطانيا، الذي يفترض أن يسمح بحسم كل القضايا العالقة المرتبطة ببريكست. وفيما انتعشت كافة المؤشرات الأوروبية والآسيوية محققة مستويات قياسية جديدة مع تقارير تؤكد قرب توصل الولايات المتحدة الأمريكية والصين لاتفاق تجاري جزئي، خالفت المؤشرات الأمريكية باقي الأسواق عند الفتح مع تكذيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقرير «وول ستريت جورنال» حول صفقة التجارة بين واشنطن وبكين، قبل أن ترتد للمنطقة الخضراء في وقت لاحق، ثم سرعان ما تأرجحت لتنزلق مرة أخرى للمنطقة الحمراء. في بورصة نيويورك، ارتدت الأسهم للمنطقة الخضراء بمستويات قياسية تاريخية جديدة، أمس الجمعة مع بدء المؤتمر الصحفي الصيني حول المفاوضات التجارية الأمريكية، حيث قال المسؤولون إن كلا الجانبين توصلوا إلى اتفاق بشأن نص المرحلة الأولى من الصفقة التجارية، قبل أن تعود مجددا للخسائر في وقت لاحق. والخطوة التالية هي أن يمر كلا الجانبين بخطوات قانونية ويحددان وقتًا لتوقيع الصفقة، وقال المسؤولون الصينيون أيضا إن التعريفات الجمركية ستُلغى على مراحل. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر أمريكية قولها إن واشنطن ستعلق بعض الرسوم الجمركية على السلع الصينية وتخفض أخرى في مقابل شراء بكين مزيداً من السلع الزراعية الأمريكية. وقال مصدر أحيط علماً بوضع المفاوضات الثنائية إن الولايات المتحدة ستعلق رسوماً على سلع صينية قيمتها 160 مليار دولار من المتوقع أن تدخل حيز التطبيق غداً الأحد وتخفض رسوماً أخرى قائمة. في المقابل، ستوافق بكين على شراء سلع زراعية أمريكية قيمتها 50 مليار دولار في 2020، يما يعادل مثلي ما اشترته في 2017، أي قبل اندلاع النزاع التجاري، حسبما قاله مصدران مقيمان في الولايات المتحدة أحيطا علماً بسير المحادثات. ومن المقرر بدء تطبيق رسوم صينية جديدة على السلع الأمريكية في الساعة 0401 بتوقيت جرينتش يوم الأحد في حين تسري الرسوم الأمريكية على السلع الصينية من الساعة 0501 بتوقيت جرينتش، وسيتعين على الجانبين أن يصدرا إعلانات رسمية لتأجيل تلك الرسوم أو إلغائها. كان مصدران مطلعان على المفاوضات قالا في وقت سابق إن واشنطن عرضت تقليص الرسوم القائمة على البضائع الصينية 50%، وتعليق الرسوم الجديدة المقررة يوم الأحد من أجل التوصل إلى اتفاق «مرحلة 1» الذي ظهرت أولى بشائره في أكتوبر/ تشرين الأول. وقال مسؤول في مجتمع الأعمال الأمريكي في بكين إنه ينظر إلى كل ذلك باعتباره أقرب إلى «عرض نهائي» وافق عليه ترامب لكن بكين لم تؤكده بعد، وواصل بعض المحللين أيضاً التشكيك في قدرة الصين على زيادة مشتريات السلع الزراعية تلك الزيادة الحادة. وعلى سبيل المثال، تراجع الطلب على فول الصويا - وهو منتج أمريكي رئيسي يُستخدم في صناعة العلف - تراجعاً حاداً بعد تفشي وباء حمى الخنازير الإفريقية في الصين، وهم يقولون إن هذا التراجع يزيد أيضاً صعوبة تنفيذ زيادة كبيرة في مشتريات الذرة. وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس الجمعة رداً على سؤال عن اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة إنها ملتزمة بحل القضايا لكن الاتفاق يجب أن يعود بالنفع على الطرفين، حيث أدلت المتحدثة هوا تشون ينغ بتلك التصريحات خلال إيجاز صحفي يومي. «وول ستريت» تتأرجح في أسواق المال العالمية، تأرجحت مؤشرات «وول ستريت» بين الارتفاع القياسي، والانخفاض الكبير، وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 100 نقطة ، أو 0.3 ٪، وهبط مؤشر «إس آند بي»، و»ناسداك» بنسبة 0.3 ٪ و 0.12 ٪ على التوالي. وفي القارة العجوز، سجلت بورصة باريس أعلى مستويات منذ بداية العام، وبلغ المؤشر «كاك 40» أعلى مستوياته لهذا العام، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1,44% ليصل إلى 5968,86 نقطة مقترباً من ستة آلاف نقطة التي لم يتمكن من تجاوزها منذ تموز/يوليو 2007، وكذلك اقترب مؤشر «داكس» في بورصة فرانكفورت من رقمه القياسي التاريخي (13559 نقطة) وسجّل عند الافتتاح ارتفاعاً بنسبة 1,22% إلى 13383,26، وبعد أن فتحت بورصة لندن على تراجع إثر تباطؤها بسبب ارتفاع سعر الجنيه الاسترليني، سرعان ما سجل مؤشرها الأساسي «فتسي-100» ارتفاعاً بلغ 0,61% في المبادلات الأولى، أما المؤشر «فتسي-250» الذي يمثل الاقتصاد البريطاني بشكل أوسع، فقد ارتفع 4,5 بالمئة في تعبير عن تفاؤل السوق بشأن بريكست، والتوجه نفسه سجل في بورصة ميلانو التي فتحت على ارتفاع نسبته 1,38% بينما تقدم مؤشر «إيبيكس» في مدريد و«آ اي اكس» في امستردام 1,52% و0,94% على التوالي. ويعود هذا الارتياح في الأسواق إلى فوز المحافظين البريطانيين بالاغلبية في الانتخابات التشريعية ما يسمح بترجيح احتمال تنفيذ بريكست منظّم. ضباب بريكست يتبدد قال مايكل هيوسن المحلل في مجموعة «سي ام سي ماركيتس» إنه «بعد ثلاثة أعوام من التأخير والتقلبات والمعارك الشرسة، بدأ ضباب بريكست يتبدد مع الفوز الواسع للحكومة المحافظة الحالية»، لكن الخبيرة الاقتصادية المستقلة فيرونيك ريش فلوريس رأت أن «التقلبات لم تنته وفي الواقع ملحمة بريكست بدأت الآن بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء»، مشيرة إلى أن «فترة طويلة من المفاوضات حول الاتفاق التجاري الذي سيحدد العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي» ستبدأ الآن. وكانت الأسواق الآسيوية مهدت لهذا الموقف، إذ أغلقت بورصة طوكيو على ارتفاع نسبته 2,55% بينما سجلت بورصتا شنغهاي ارتفاعاً نسبته 1,78% وشينزن 1,48%، في حين أغلق مؤشر هانغ سينغ لبورصة هونغ كونغ في أجواء من الأمل الكبير، على ارتفاع نسبته 2,57%. (وكالات)
مشاركة :