تقوى: رواية «فوبيا الوجوه» حكاية جزيرة ملعونة في قالب فلسفي كالعادة يتصدر الإبداع البحريني المشهد الأدبي بأقلام تطبع بصمة جلية أينما حطت متاعها الكتابي في ساحات الثقافة. ومؤخرا كانت القاصة البحرينية الشابة تقوى محمد جواد «22 عاما» على موعد مع فوز مشرف بالمركز الثاني في جائزة إسماعيل فهد إسماعيل للرواية القصيرة في دورتها الأولى، وذلك عن روايتها «فوبيا الوجوه». تقوى خريجة الفنون السينمائية من جامعة «MMU» الماليزية تحدثت لـ«الثقافي» عن تجربتها الروائية ومحطاتها الكتابية في لقاء. «كبرت مع الأدب» كيف بدأت درب العروج إلى عالم الكتابة؟ أعتقد أن هذا السؤال موجه إلى أمي بالمقام الأول إذ كانت تقول دائمًا أنني بدأت الكتابة في سن الثالثة، حينما كانت هي تكتب شعرًا، فتطلب مني مساعدتها بإيجاد كلمات على ذات وزن القافية، ثم تقول إني كنت أحفظ القصص عن ظهر قلب عندما كنتُ في الخامسة، وأتلوهم لنفسي على سريري قبل النوم، ثم حينما كبرت قامت أمي بجمع أشعاري ونصوصي في الابتدائية وأدخلتني في الإذاعة المدرسية كي أقرأ جديدها على الطالبات أسبوعيًا، هكذا كبرت مع الأدب وكبر معي مخزون سردي متنوع. ما هو رصيدك من الأعمال السردية؟ أستطيع القول إنني مارست عدة أنواع من الكتابة الأدبية، فقد بدأت بالشعر في الابتدائية، ثم الرواية في المدرسة الإعدادية، ثم تعلمت كتابة القصة القصيرة في المرحلة الثانوية، وبسبب شغفي بكتابة النصوص السينمائية والمسرحية توجهت إلى دراسة السينما في تعليمي الأكاديمي الجامعي، وبناءً على هذه الرحلة المتنوعة مع الأدب، فإن لدي مخزونا يفوق الأربعين قصة قصيرة، وقد شاركت العديد منها في مسابقات أدبية في البحرين وخارج البحرين مثل مسابقات بعض الجرائد المحلية للكتابة وقد فزت مرتين بالمركز الأول، علاوة على ذلك ظفرت بالفوز في مسابقة دار السكرية للقصص القصيرة في مصر ونُشرت قصص الفائزين من العالم العربي في كتاب. كما أنني قد كتبت حوالي 7 روايات أحتفظ بها منذ المرحلة الإعدادية لكن لم أنشر أيا منهن. وبالنسبة إلى الأعمال المسرحية والسينمائية فقد كتبت حوالي 5 مسرحيات وحوالي 6 أعمال سينمائية، والعديد من النصوص المدرجة تحت مجال الإعلانات عودة إلى الجذور. كيف تصفي نقطة تحولك من قاصة إلى روائية؟ أصفه بـ«العودة إلى الجذور» فشغفي بالرواية كان سابقًا لشغفي بالقصة القصيرة. أود القول إن التحول من نوع أدبي إلى آخر هو أمر شاق نسبيًا لكنه الطريق الوحيد لاكتشاف مدى اتصالك وإبداعك في مجالٍ ما. ماذا يمثل الفوز الأكبر لمسيرتك الأدبية؟ بداية لا تتبعها نقطة على السطر. أعتقد أن هذا العام بالنسبة إلي هو عام النجاحات فهذا ليس الفوز الأدبي والفني الأول منذ بداية السنة، لكنه كان الفوز الأكبر الذي زادني فخرًا وشغفًا، وخصوصًا لأنها مسابقة تحمل اسم الكاتب الكويتي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، وكما علمت فإن عدد المتنافسين كان ضخمًا فهي مسابقة على إطار العالم العربي، لذا أخذ التحكيم فترة لا تقل عن 3 أشهر. كما أنني ازددت سرورًا بعد معرفتي بأسماء المحكمين الذين أشرفوا على المسابقة وهم: ليلى العثمان، وإقبال العثيمين، والروائي سعود السنعوسي، إضافة إلى الناقد المصري الدكتور أيمن بكر. مخطوطة بثلاث كلمات متى بدأت كتابة رواية «فوبيا الوجوه»؟ عندما كان الجميع يسعى إلى تهنئتي في الساعة الثانية عشر تمامًا من عيد ميلادي الواحد والعشرين، كنت أنا أحتضن مخطوطة فوبيا. الوجوه التي تتكون من أقل من ثلاث كلمات ومجموعة رسوم. وأنهيت كتابتها تماما بعد عام وثلاثة أشهر. جزيرة ملعونة حدثينا عن روايتك. أستطيع القول إن روايتي هي عبارة عن حزمة تساؤلات فلسفية تشرح عن الإنسان والكون، وقد تمت إجابتها عن طريق الحدث لا الحرف. فوبيا الوجوه هي رواية تقص حكاية جزيرةٍ ملعونة، يحمل سكّانها وجوهًا ملساء كالصخر، لا تفاصيل فيها، فيرون الحياة بقلوبهم، ويشعرون بها بأرواحهم. يحمل سكّان الجزيرة أسماء ترتبط بألوان وجوههم المزدوجة، باستثناء حِنطية التي تمتلك لونًا واحدًا تكرهه وتحاول حنطية اكتشاف المكان من حولها، كي تبعد عنها رغبتها الدفينة بالهروب من الجزيرة التي لم يستطع كائنٌ بعد الهروبَ منها، وحينها تكتشف أسرارا كانت تنتظر طويلا لتعرفها. حكاية قادت القلم ما الظروف التي اكتنفتك خلال الاشتغال على روايتك الفائزة؟ كنت أكتب فوبيا الوجوه في كل مكان، لا يوقفني شيء، وحتى بينما كنت أعمل على مشروع تخرجي فإن ذلك لم يمنعني مطلقًا عن الكتابة لكنه أخّرني بعض الشيء وعلاوةً على ذلك فقد عرقلتني حبسة الكاتب التي لازمتني لأشهر، إذ لم أستطع الكتابة فاضطررت إلى التوقف لفترة كي أستطيع العودة إلى الكتابة بشكل أمثل. لكن أكثر ما عانيته في كتابة فوبيا الوجوه هو اختياري للكتابة في موضوعٍ خيالي ما يجعلني أعطي جهدًا مضاعفًا في شرح هذا العالم للقارئ بطريقة مفصلة، وكما أني عمدت لاختيار طريقة كتابة مختلفة عما كنت أفعل سابقًا فقد كنت أكتب بحواسي ومن دون إدراك. حرفيًا أستطيع القول بأن الحكاية هي من قادت قلمي ليكتبها لا العكس. فكرة وأسلوب مميز برأيك ما الذي امتاز به عملك ليتصدر الأعمال الأخرى المشاركة في المسابقة؟ أتوق إلى معرفة الجواب على هذا السؤال أيضا، لكن ربما يكون الجواب هو الفكرة والأسلوب السردي. رغبة سردية هل ينتهي قلم «تقوى» إلى السرد، أم أنه سيطرق أبوابا أدبية أخرى كالشعر؟ لقد وجدت نفسي في السرد وفي كتابة النصوص السينمائية، وهذان الشيئان هما ما أرغب في تكريس ما تبقى من حياتي في خدمتهما وبالنسبة إلى المشاريع المستقبلية، فأنا أنتظر أن تُنشر رواية فوبيا الوجوه وأما الآن فلا شيء يُذكر في خطتي في الوقت الحالي، لكن قد تطرق فكرة باب العقل في أي لحظة فتصير كتابًا.. من يدري؟ سطور خانقة ما كلمتك للقاص والروائي الشاب في البحرين؟ لكل نجاح بداية طويلة الأمد قد لا ترونها في نجاحات الآخرين، لكن هذا لا يعني أنها غير موجودة. ثم لا تخنقوا أقلامكم بين سطر وآخر، بل اخنقوا القراء بسطوركم.
مشاركة :