الخرطوم: عماد حسن أصدرت محكمة سودانية أمس السبت، حكماً على الرئيس المخلوع عمر البشير بالسجن عامين ومصادرة الأموال التي وجدت بمقر إقامته في قضية الإثراء الحرام وحيازة نقد أجنبي بطريقة غير مشروعة. وصدر الحكم بحق البشير في جلسة شهدت إجراءات أمنية مشددة، وطرد أنصار المتهم ومحاموه من قاعة المحكمة بعد هرج وهتافات دفعت القاضي إلى الأمر بإخراجهم من القاعة. وقال القاضي الصادق عبد الرحمن، إن البشير تجاوز السبعين من العمر؛ لذا فإن المحكمة تقضي بحكم مخفف. وبحسب نصوص القوانين المعمول بها في البلاد، فإن أقصى عقوبة في التهمتين اللتين يحاكم فيهما البشير تبلغ ما بين 3 إلى 10 سنوات، لكن القاضي أصدر حكمه نظراً لتجاوز البشير سن ال70. وحكم القاضي بإيداع البشير لعامين في الإصلاح الاجتماعي. وأشار إلى أن المتهم تجاوز السبعين من العمر ولا يمكن معاقبته بالسجن في هذه المواد، وإنما يتم تغريبه أو نفيه من البلاد، إلا أن مواجهته اتهامات في قضايا أخرى لا تتيح هذه العقوبة، فضلاً عن أن كل البلاد تأثرت بجنايته فلا يمكن تغريبه داخل السودان. وأمر القاضي تبعاً لذلك بتخفيف العقوبة إلى السجن عامين في الإصلاح الإداري، وتحتم مواجهته بلاغات أخرى إبقاءه في سجن كوبر. ودانت المحكمة البشير حسب المادة 21 من القانون الجنائي لعام 1991، المعدل سنة 2015، بالتعامل بالنقد الأجنبي، وبحسب المادتين 6 و7 من قانون الثراء الحرام والمشبوه لعام 1989. واتهم البشير بالحصول على أموال من مصادر أجنبية واستخدامها بطريقة غير قانونية. وكانت قوات نظامية دهمت مقر إقامة البشير بعد عزله بأيام ووجدت في أحد المكاتب الملحقة بمقر إقامته مبلغ 7 ملايين يورو، و350 ألف دولار، و5 مليارات جنيه سوداني. ووصف محامو البشير المحاكمة بأنها «سياسية»، بعدما تلا قاضي المحكمة حيثيات القضية وذكر اسم مجدي محجوب الذي أعدمته حكومة الإنقاذ عام 1989 بتهمة حيازة نقد أجنبي، إلى جانب سوابق قضائية أخرى لتأسيس الحكم. وعلق تجمع المهنيين السودانيين على الحكم قائلاً: «إن التهم المصوبة إلى الرجل لا تعدو أن تكون غيضاً من فيض فساده وبداية لا أكثر لجرد الحساب». وأضاف في بيان أن «هذا الحكم يمثل إدانة سياسية وأخلاقية للمخلوع ونظامه، وتكشف حيثيات المحكمة عن جانب من سوء إدارة الدولة والمال العام، لكنه قطعاً ليس نهاية المطاف». في الأثناء، سير أنصار النظام السابق تظاهرة تزامناً مع جلسة النطق بالحكم على الرئيس المخلوع، أطلق عليها «الزحف الأخضر»، لتسليم مذكرة للمجلس السيادي في الخرطوم، مطالبة بإلغاء قانون تفكيك نظام الإنقاذ ورافضة لسياسة الحكومة الانتقالية. ورددوا خلال مسيرتهم هتافات مناهضة للحكومة الانتقالية. وبالمقابل، خرجت في نواحٍ مختلفة من العاصمة الخرطوم، تظاهرات لأنصار ثورة ديسمبر المجيدة تطالب بالقصاص للشهداء، ومحاكمة رموز الإنقاذ في جرائم الفساد. إلى ذلك، أعلنت السلطة الانتقالية حل مجالس النقابات والاتحادات المهنية التي أنشئت في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي أطاحه الجيش في أبريل الماضي تحت ضغط الشارع. وقال بيان صدر عن الفريق الركن ياسر عبد الرحمن العطا، رئيس لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال التي شكلها المجلس السيادي، إن القرار يقضي «بحل المكاتب التنفيذية ومجالس النقابات والاتحادات المهنية». كما ينص على «حجز العقارات المسجلة بأسماء النقابات والاتحادات المهنية وحجز الآليات والسيارات ووسائل النقل المسجلة» باسمها. وتعتبر السلطات هذه النقابات مؤيدة للرئيس السابق الذي سيصدر حكم عليه السبت في قضية فساد. ونُشرت قوات أمنية كبيرة صباح السبت، في شوارع الخرطوم، استعداداً لصدور الحكم.
مشاركة :