خرافات وشائعات حول فوائد وأضرار حمية "الصوم المتقطع"

  • 12/15/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح الصوم المتقطع نظاما غذائيا شائعا، يتبعه الكثيرون في العالم لإنقاص الوزن الزائد والمحافظة على صحة أجسادهم، ولكن بالرغم من الفوائد الصحية لهذا النظام، فإن البعض من الخبراء يرون أنه ليس أكثر أهمية من الأنظمة الغذائية المعتادة والمعتمدة. ومن أشهر هذه الأنظمة “الصوم بالتناوب”، مثل حمية 1:1 أو 1:6 أو 2:5، وتعني أن يتناول من يتبعها ما يريد في عدد محدد من الأيام وبعد ذلك يتبنى نظاما غذائيا صارما في بقية الأيام الأخرى المعينة. ويهدف هذا النوع من الحميات إلى إحداث تراجع كبير في السعرات الحرارية، ومن شأن ذلك أن يؤثر على العديد من أجهزة الجسم التي تقوم بالعمليات الحيوية، أو ما يعرف علميا باسم عملية الأيض. وهناك أدلة علمية كثيرة تؤكد على أن التقليل من السعرات الحرارية في جسم الإنسان له العديد من الفوائد صحية على المدى البعيد، وقد يشمل بالإضافة إلى ذلك تحسين الحالة المزاجية، وتحسين جودة النوم. وقد توصلت دراسات حديثة إلى أن أشكالا مختلفة من الحميات التي تقوم على الصوم المتقطع، يمكن أن يكون لها تأثير قوي وفعال على جسد الإنسان، فهي تؤدي إلى طيف واسع من التغيرات، على مستوى الخلايا، وبإمكانها أيضا أن تؤثر على العديد من أجهزة الجسم التي تقوم بالعمليات الحيوية، مثل تغذية الدماغ، وطريقة تعامل الجسم مع الضغوط. وبينما لا تستبعد الأدلة العلمية التأثير الذي قد يحدثه الصيام الوقتي على الأداء في العمل، مثل الشعور القوي باليقظة وتحسن المزاج، فإن دراسات معملية أخرى ترجع السبب في ذلك إلى التغيرات الكيميائية الحيوية في الدماغ. ويرجح الخبراء أن الناس يختبرون شعورا أكبر بالصحة والعافية عندما يبدأون حرق الدهون الموجودة في الجسم بدلا من حرق الكربوهيدرات المستمدة من الطعام في أجسادهم، من أجل الحصول على الطاقة، كما يقول إريك فيردين، الباحث بمعهد غلادستون في سان فرانسيسكو. ويطلق على هذه العملية اسم العملية “الكيتوزية”، التي تشير إلى اعتماد الجسم على حرق الدهون من أجل الحصول على الطاقة. وقال فيردين مفسرا ذلك “عندما يشرع شخص ما في الصيام، ولم يصم قبل ذلك مطلقا، فإنه سيشعر ببعض الدوار، وعدم الراحة، لكن مع تكرار الصوم يحدث تغيير في عملية الأيض لمنظومة الجسم بالكامل، وتحدث عملية تكيف مع الواقع”. وأضاف “وتعد عملية التكيف تلك، كما نعتقد، أحد الأسباب التي تجعل الفرد يشعر بأنه أفضل قدرة على الصيام بمرور الوقت، وذلك إلى درجة أنه بعد الصوم للمرة الرابعة أو الخامسة، يشعر الناس بأنهم أفضل حالا بكثير مقارنة بما كانوا يشعرون به قبل أن يصوموا”. ومن جانبه أكد رازين مهروف، استشاري التخدير وطب العناية المركزة في مستشفى أدينبروك في كامبريدج، على المزايا الصحية للصيام المتقطع، قائلا “نأكل في حياتنا اليومية العادية الكثير من السعرات الحرارية، وهو ما قد يمنع الجسم من أداء المهام الأخرى بطريقة مناسبة، مثل الإصلاح الذاتي”. وأضاف مهروف “الصيام يصحح ذلك، على نحو يسمح للجسم بتوجيه الانتباه إلى وظائف أخرى. لذا يفيد الصيام الجسم عن طريق تسهيل الشفاء ومنع الالتهابات ومكافحتها”. ويقترح مهروف نظام الصيام المتقطع أو اتباع نظام غذائي يسمى حمية 2:5 (أي الصيام ليومين في الأسبوع وسط أيام يتوافر فيها الغذاء الصحي). ويشاع أن نجم الغناء الإنكليزي كريس مارتن يتناول طعامه المعتاد لستة أيام في الأسبوع، ولا يتناول طعاما على الإطلاق في اليوم السابع. وتسمح هذه الحمية بأن يتناول الشخص ما يحب ويشتهي من الأطعمة لمدة خمسة أيام دون الحاجة إلى حساب السعرات الحرارية أو حتى تجنب بعض الأطباق المعينة، مثل الأرز والخبز والحلويات. في المقابل يتوجب عليه الصوم في اليومين التاليين وتناول أقل قدر ممكن من الطعام، ما يعني ألا تزيد السعرات الحرارية التي يتم تناولها في هذين اليومين عن 500 سعرة حرارية للنساء و600 للرجال. أما الكاتبة نعومي ويتيل فقد وضعت في كتابها الذي يحمل عنوان “غلو 15” برنامجا من 15 يوما يتضمن الصيام لـ16 ساعة ثلاث مرات أسبوعيا، والتقليل من البروتين في بعض الأيام، وتناول الكربوهيدرات في وقت متأخر من اليوم، إضافة إلى تمارين رياضية مكثفة. وتقول الكاتبة إن الاختبارات الأساسية للبرنامج التي أجريت على متطوعين في جامعة جاكسونفيل في فلوريدا أشارت إلى وجود عدد من الفوائد. وتضيف “بعض الناس فقدوا ما يقرب من سبعة أرطال في 15 يوما، وظهر على آخرين تحسن وانخفاض في عدد خطوط التجاعيد، إضافة إلى تغييرات في مستويات ضغط الدم، وتحسن في كتلة العضلات الهزيلة”. فيما حذرت جمعية الحمية البريطانية من التوقف المفاجئ عن تناول الطعام، ودون إدارة ذلك بالشكل الملائم، مشيرة إلى أنه قد يسبب ضعف التركيز، والإحساس بالإرهاق، وسوء الحالة المزاجية. وشدد باحثون أميركيون، في دراسة لهم نشرت في دورية “غاما للطب الباطني”، على أن الأنظمة التي تقوم على الصوم ليوم وتناول الطعام في اليوم التالي أصبحت تلقى إقبالا متزايدا لأسباب مختلفة، من بينها أن بعض الناس يبذلون جهدا كبيرا في التخلص من الكيلوغرامات الزائدة عن طريق الأنظمة التقليدية التي تركز على حساب السعرات يوميّا. وقالت سوزان روبرتس، مديرة مختبر الأيض في مركز التغذية بجامعة توفتس في بوسطن، “إن الصيام يوما بعد يوم ليس العصا السحرية كما كان يعتقد”. وأضافت روبرتس التي لم تشارك في الدراسة “هذا لا يعني أن ذلك عديم الجدوى إذ أن بعض الناس قد يجدونه مفيدا”. وأوصى بعض الخبراء بتجنب أنظمة تجويع النفس القاسية بهدف التخلص من الوزن الزائد، لأن ذلك من شأنه أن يتسبب في نتائج عكسية، إذ يمكن أن يؤدي إلى إصابة المرء بالنهم الشديد، وبحلول وقت تناول الوجبة المحددة قد يلتهم كمية أكبر من السعرات الحرارية. ولا يمانع الخبراء أن يكون النهم موجها نحو تناول الألياف، كالكرفس والخس، فتلك النوعية من الأغذية مفيدة ولا تؤدي إلى زيادة الوزن، ولكن الشائع لدى الناس هو تناول الوجبات التي تحوي سعرات حرارية عالية. وبالرغم من أن الخبراء لم ينفوا الفوائد الصحية للصوم المتقطع، إلا أنهم قد نوهوا إلى حقيقة مهمة، وهي أن هذا النوع العصري من الحميات قد لا يكون آمنا لكل الأشخاص، وخاصة بالنسبة إلى النساء الحوامل والمرضعات، ومرضى الكلى والسكري، ومن يعانون من اضطرابات أخرى في وظائف الجسم الحيوية. فعندما يكون الجسم تحت ضغوط معينة بالفعل، وتعاني وظائف الجسم الطبيعية من الضعف، قد يزيد تقليلُ الغذاءِ الأمورَ سوءا. والنصيحة التي يقدمها الخبراء لكل شخص يريد أن يجرب هذا النمط الغذائي القائم على الصوم المتقطع هي أن يتحدث إلى طبيبه أولا.

مشاركة :