أغلقت أسعار النفط الأسبوع الماضي على طفرة صعودية قياسية لتقفز إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر بفعل التقدم الإيجابي وانفراج مفاوضات التجارة الأمريكية - الصينية وتخفيض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على بعض وارداتها من الصين، إضافة إلى تأثير اكتساح حزب المحافظين للانتخابات البريطانية، واستمرار الثقة في أداء بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني. ودعمت هذه التطورات الإيجابية خطة "أوبك +" في استعادة توازن السوق النفطية، وفق الاتفاق الجديد الذي يقضي بتعميق تخفيضات الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا، إضافة إلى 400 ألف برميل يوميا تخفيضات طوعية من جانب السعودية، ليصل حجم خفض الإمدادات في بداية العام الجديد إلى 2.1 مليون برميل يوميا، مما ينبئ باستيعاب وفرة المعروض المتوقعة خلال الربع الأول من 2020. فى سياق متصل، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن صناعة النفط تلتزم بضمان أمن الطاقة وحماية المناخ في المستقبل ومنها التركيز على الابتكار التكنولوجي والاستثمار المعزز للوصول إلى الطاقة وتحسين كفاءة استخدام الطاقة باعتبارهم جزءا من الحل. وقال تقرير حديث للمنظمة – عن نتائج مشاركة محمد باركيندو الأمين العام في اجتماع الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ في مدريد الأسبوع الماضي–، إن باركيندو شدد على أنه يجب أن تكون صناعة النفط جزءا من حل آثار تغير المناخ. وذكر تقرير "أوبك" أنه يجب أن يكون نظام تحول وانتقال الطاقة كليا وشاملا ومنصفا وفقا لمبدأ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي المسؤوليات المشتركة والمتمايزة والقدرات ذات الصلة. وأضاف، أن عديدا من البلدان النامية ما زال يعاني فقر الطاقة، حيث يفتقر حاليا نحو مليار شخص في جميع أنحاء العالم إلى الكهرباء، وثلاثة مليارات دون وقود حديث للطهي. وأشار إلى أن فقر الطاقة ليس مفهوما مجردا، بل إنه تحدٍ عميق للتنمية المستدامة، لافتا إلى وجود كثير من العائلات الجائعة التي تعيش في البرد أو الظلام، وأيضا ملايين الأطفال الذين يذهبون حاليا إلى المدارس دون كهرباء، إضافة لعديد من المستشفيات المحرومة من الطاقة الموثوق بها. وشدد التقرير على أهمية ألا يضار أحد من برامج تحول وانتقال الطاقة، منوها إلى رفض "أوبك" فكرة انتقال الطاقة بمعنى التحول من مصدر إلى آخر، لأن جميع موارد ومصادر الطاقة ستكون مطلوبة بشدة في المستقبل لتلبية احتياجات النمو والاستهلاك المتزايدة. وبحسب التقرير، فإن منظومة العمل في "أوبك" تقوم على الاستماع الجيد وبشكل مكثف إلى الخبراء والفنيين والعلماء، لذا فإن "أوبك" على قناعة تامة بضرورة تأييد اتفاق باريس بشدة ومساندة روح التعددية التي يقوم عليها، مشيرا إلى أنه يجب الالتزام بالعناصر الأساسية للاتفاقية، خاصة المسؤولية التاريخية والظروف الوطنية. وأوضح أن "أوبك" تدرك جيدا مدى تعقيد وحجم تغير المناخ الذي نعيش فيه في الدول الأعضاء وخارجها، مشيرا إلى قناعة الجميع أنه لا يوجد ما يمكن تسميته الدواء الشافي للاحتباس الحراري، معتبرا أن جميع تدابير التخفيف والتكيف الصالحة ضرورية من أجل مستقبل أفضل دون تداعيات مناخية كارثية. من جانب آخر، ذكرت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية أن خطط تحالف منتجي "أوبك +" لتمديد القيود المفروضة على الإنتاج ابتداء من الشهر المقبل ستؤدى إلى خصم 67 ألف برميل يوميا فقط من إمدادات الخام إلى أوروبا ابتداء من أوائل عام 2020، مشيرة إلى أن هذا يعد مستوى لا يزعج مصافي التكرير الإقليمية. وأيد تقرير حديث للوكالة توقعات حدوث وفرة كبيرة محتملة في الإمدادات أوائل العام الجديد، مشددا على أهمية اتفاق "أوبك +" على زيادة تخفيضات الإنتاج الحالية إلى 2.1 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول المقبل. وأضاف، أن التخفيضات الجديدة تعني انخفاضا في الإمدادات العالمية بنحو 500 ألف برميل يوميا، مقارنة بالمستويات الحالية، لكن نظرا لأن أوروبا تعد وجهة بسيطة نسبيا لصادرات "أوبك" مقارنة بآسيا، فإن التأثير في أوروبا سيكون أقل بكثير على الرغم من تخفيضات روسيا التي تعد المورد الرئيس للنفط إلى القارة الأوروبية. وأشار التقرير إلى أنه على افتراض أن جميع قيود الإنتاج الجديدة ستنعكس فورا على تدفقات تصدير النفط، فإن ما مجموعه 67120 برميلا يوميا من خام "أوبك" لن يصل إلى مصافي التكرير الأوروبية أوائل عام 2020، وفقا لتحليل بيانات استيراد النفط لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويتوقع التقرير هبوط صادرات النفط من السعودية والعراق إلى أوروبا بنسبة 1.7 و1 في المائة على التوالي، وفقا لإحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأضاف أنه على افتراض أن التخفيضات المعلنة ستستمر لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، سيتم خفض إمدادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا بنحو ستة ملايين برميل أو 1.2 في المائة من مستويات مخزون المنظمة الخام في أوروبا لشهر تشرين الأول (أكتوبر) التي تبلغ 355.9 مليون برميل. على صعيد تعاملات الأسواق، ارتفعت أسعار النفط نهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أشهر، مع ترحيب المستثمرين بالتقدم في حل النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين ونتيجة حاسمة للانتخابات العامة في بريطانيا. وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 1.02 دولار بما يعادل 1.6 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 65.22 دولار للبرميل، في حين زاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 89 سنتا أو 1.5 في المائة إلى 60.07 دولار. وأغلق كلا الخامين عند أعلى مستوياتهما منذ 16 أيلول (سبتمبر)، مرتفعا أكثر بقليل من 1 في المائة على مدار الأسبوع الماضي. وقال فيل فلين، المحلل لدى "برايس فيوتشرز جروب في شيكاغو"، : "يبدو أن الرئيس ترمب حصل على اتفاق التجارة الذي أراده في الوقت المناسب قبل عطلة الأعياد، ففي حين قفزت الأسواق بفعل أنباء التجارة فإنه يود معرفة مزيد من التفاصيل من الصينيين". وأضافت شركات الطاقة الأمريكية حفارات نفطية للمرة الأولى في ثمانية أسابيع على الرغم من مواصلة المنتجين المستقلين خططهم لتقليل الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة. وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن الشركات أضافت أربعة حفارات نفطية في الأسبوع الماضي ليصل العدد الإجمالي إلى 667 حفارا. وفي الأسبوع نفسه قبل عام، كان هناك 873 حفارا نفطيا قيد التشغيل في الولايات المتحدة، ويبقي ذلك عدد حفارات النفط النشطة في مسار نحو تسجيل أول هبوط سنوي منذ عام 2016. لكن هذا الانخفاض البالغ 218 حفارا فقط في المجمل، يعد أقل كثيرا من الهبوط المسجل في عام 2015، الذي بلغ 963 حفارا، وفقا لبيانات بيكر هيوز التي ترجع إلى عام 1987. وسجل عدد حفارات النفط النشطة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، تراجعا قياسيا على مدار 12 شهرا متتاليا، مع قيام شركات الاستكشاف والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على عمليات الحفر الجديدة، بينما يسعى المساهمون إلى تحسين العوائد وسط بيئة من أسعار الطاقة المنخفضة. وتراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة من مستوى قياسي مرتفع خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ليفقد نحو 100 ألف برميل يوميا. وانخفض إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار 100 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي، ليتراجع إلى مستوى 12.800 مليون برميل يوميا. وهبط الإنتاج الأمريكي من النفط من أعلى مستوى على الإطلاق على صعيد المستويات الأسبوعية، والمسجل عند 12.9 مليون برميل يوميا. ووفقا للتقرير الأسبوعي، فإن صادرات النفط الأمريكي ارتفعت بمقدار 265 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتصل إلى 3.4 مليون برميل يوميا. كما صعدت واردات الولايات المتحدة من النفط في الأسبوع المنقضي إلى 6.887 مليون برميل يوميا، وهو أعلى بنحو 899 ألف برميل يوميا من مستويات الأسبوع السابق له. وتعني هذه الزيادة في الصادرات والواردات من النفط الأمريكي، أن صافي واردات الخام صعد بنحو 634 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي مسجلا 3.487 مليون برميل يوميا. وبالنسبة للمخزونات، ارتفعت مخزونات النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، بما يخالف توقعات المحللين، كما زادت مخزونات الغاز الطبيعي. وأوضحت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، زيادة في مخزونات النفط بنحو 0.8 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى 447.9 مليون برميل. وكان من المتوقع أن تتراجع مخزونات النفط في الولايات المتحدة بنحو 2.9 مليون برميل خلال الفترة نفسها، كما ارتفعت مخزونات البنزين الأمريكية بنحو 5.4 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي. وهبطت مخزونات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنحو 73 مليار قدم مكعبة لتصل إلى 3518 مليار قدم مكعبة. وكانت تقديرات المحللين تشير إلى تراجع مخزونات الغاز الطبيعي الأمريكية بنحو 76 مليار قدم مكعبة. وعلى أساس سنوي، ارتفعت المخزونات الأمريكية من الغاز الطبيعي بنحو 593 مليار قدم مكعبة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي تسليم كانون الثاني (يناير) بنحو 1.8 في المائة إلى 2.28 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
مشاركة :