رغم محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعدد من حلفائه عرقلة القرار، صوّت مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع على قرار الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن محملين تركيا مسؤولية الإبادة التي ارتكبت بحق 1.5 مليون شخص في أوائل القرن الماضي. وعلى الرغم من رمزية القرار للأرمن حول العالم، إلا أن تمريره جاء لتوجيه رسالة أعمق من الكونغرس الأميركي الذي وافق بغرفتيه - مجلس النواب ومجلس الشيوخ - بالإجماع على القرار وهي أن "المحظورات" في العلاقة التركية - الأميركية تغيّرت، حيث رفض الكونغرس الأميركي والرؤساء الأميركيين لعقود الاعتراف بالإبادة الأرمنية للحفاظ على العلاقة مع تركيا وعدم إغضاب الحكومات التركية بقرار يخلق شرخ في العلاقة. وبحسب اللوس أنجلس تايمز وقاعدة البيانات RollCall فإن الحكومات التركية أنفقت ملايين الدولارات على جماعات الضغط في واشنطن لمنع اللوبي الأرمني من الضغط لتمرير القرار، الأمر الذي نجحت به تركيا في السابق. كما أتى هذا التصويت مترافقاً مع تصويت لجنة التسليح في مجلس الشيوخ لفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها النظام الصاروخي الروسي اس - 400 إضافة إلى عقوبات على مؤسسات تركية تدعم التدخل العسكري في سورية. وعلى الرغم من تهديدات الرئيس التركي بأن قرار الاعتراف بالإبادة الأرمنية من شأنه تدمير العلاقات بين البلدين، قال عضو الكونغرس آدم شيف في مؤتمر عقده في ولايته كاليفورنيا أن القرار الذي لم يمرره الكونغرس لعقود يأتي اليوم كخطوة تاريخية ترسل عدة رسائل لتركيا التي تحاول أن تستفيد من العلاقة مع الولايات المتحدة وتوظفها لارتكاب إبادات جديدة وانتهاكات واسعة داخل تركيا وخارجها وبالتالي عبر الاعتراف بالإبادة الأرمنية اليوم نقول للرئيس التركي أردوغان أن المستقبل مع هذه التجاوزات والانتهاكات لن يكون سهلاً ولن يمر مرور الكرام والولايات المتحدة باتت مستعدة لمعاقبة الحليف الذي يسير في مسار آخر. وجاء في تقرير لـ RollCall التي ترصد الدفعات الأجنبية لجماعات الضغط أن تركيا كانت تنفق أحياناً في الشهر الواحد مئات الآلاف من الدولارات لمنع الاعتراف الأميركي بالإبادة الأرمنية، الأمر الذي استمر منذ عهد جورج بوش وازداد في عهد ترمب مع تغير السلوك التركي وسعي الكونغرس لمعاقبة تركيا أكثر من أي وقت مضى. وكتبت الشبكة أن تركيا وظفت عشرات المسؤولين الأميركيين السابقين بعقود ضخمة لمنع الاعتراف الأميركي بإبادة الأرمن، كما صعّدت من نشاطها في واشنطن لمحاولة إقناع الولايات المتحدة بتسليم الزعيم التركي المعارض فتح الله جولن، ومن العقود التي أبرمتها حكومة أردوغان عقد مع شركة جيم ماكريري، النائب الجمهوري المتقاعد في لويزيانا بقيمة 432 ألف دولار لتقديم وثائق لوزارة العدل الأميركية حول أهمية العلاقة التركية - الاميركية ووجوب عدم المساس بها بقرارات ضد تركيا. كما تدفع الحكومة التركية منذ بداية عهد ترمب لشركة برين بالارد في واشنطن مبلغ شهري قيمته 63 ألف دولار مقابل خدمات "الدفاع عن تركيا" في الوسط السياسي الاميركي، كما دفعت 1.7 مليون دولار للنائب الأميركي السابق دينيس هيسترت لتعطيل قانون يعترف بالابادة الأرمنية قبل سنوات. وبحسب معهد الدراسات الامنية في واشنطن، فان تركيا أنفقت أكثر من 12.3 مليون دولار منذ العام 2017 لتحسين صورة تركيا المتردية في واشنطن، الأمر الذي بات خارج السيطرة بعد الحملة التركية على سورية.
مشاركة :