«أداء».. رسالة لتعزيز ثقافة القياس وتحسين الأداء

  • 12/16/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لن أتحدث عن مهام المركز - وهي كثيرة - ولكن جذب انتباهي عنصر مهم للغاية، وهو نشر ثقافة قياس ومراجعة وتحسين الأداء، لنكون أمام ترسيخ معالم ثقافة جديدة غاية في الجدية نحتاجها في مجتمعنا بالضرورة.. المؤسسات الناجحة، حكومية أو أهلية، هي تلك التي تبحث عن قياس ما يعرف بـ"رجع الصدى" لخدماتها المقدمة، وتستفيد من الملاحظات العامة التي يبديها الجمهور لتلافي السلبيات من جهة، ومن ثم التعرف على الإيجابيات وتحسين مستوى الخدمة من جهة أخرى. هذه العملية التفاعلية لها أهميتها القصوى، كي لا تكون هذه المؤسسات بنوعيها وكأنها في جزر منعزلة، أو تكتفي بالتعامل الروتيني مع مستقبل الخدمة، سواء كان مواطناً أو مقيماً أو حتى زائراً، بمثل ما تعني أيضاً خلق خطوط اتصال وتواصل يمكن البناء عليها مستقبلاً، صحيح أنه يهدف لتحسين الجودة كما يهدف لثبيت أركان الرضا النفسي والمعنوي والعملي للجمهور العريض. من هنا، تبدو قيمة الجهود الحثيثة التي يبذلها المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة "أداء" ليس للتعريف بأنشطته ومشروعاته فقط، ولكن لاستثمار ذلك على أرض الواقع وخلق علاقة حميمية بين الأجهزة العامة في الدولة، وبين المواطن، تسمح بهامش كبير من المصارحة والشفافية والتفاعل أيضاً. صحيح أن المركز، هو حكومي بالأساس، وذو شخصية اعتبارية مستقلة يرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، ومقره الرياض. ويعمل على قياس مؤشرات أداء الأجهزة العامة وقياس رضا المستفيدين عن الخدمات الحكومية، ولكن اعتماده تطبيق نماذج ومنهجیات وأدوات موحدة، ومن ثمّ إصدار تقارير الأداء ورفعها إلى مجلس الوزراء لأخذ القرارات المناسبة، تعيدنا إلى المطلوب منه في هذه المرحلة المهمة من عمر التنمية في عصرنا الزاهر، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وخاصة تلك التي ترتبط بإرساء معايير الشفافية وملاحقة الفساد ومعالجة مناحي القصور لتحقيق أركان التطور المنشود في أداء كل مؤسساتنا. وقياساً ببدايته العام 2015، والتي شملت أنشطة 24 جهازاً حكومياً من خلال 280 مؤشراً للقياس، نلمح التطور الهائل في غضون أقل من ثلاث سنوات، إذ إنه خلال العام 2018 المنصرم شملت أعمال المركز 82 جهازاً حكومياً خضعت لـ733 مؤشر أداء و1318 مبادرة تضمنت مبادرات رؤية السعودية 2030. أضاف إليها العام الجاري 2019 اختبار منهجية لقياس النضج في الأجهزة الحكومية بالاعتماد على 5 محاور هي التخطيط الاستراتيجي، قياس وإدارة الأداء، تجربة المستفيد، إدارة التغيير، وإدارة القدرات.. واللافت أيضاً أنه أطلق في فبراير الماضي تطبيق "وطني" لقياس رضا المستفيد عن الخدمات الحكومية، بهدف تحسينها وتطويرها.. والأجمل أنه يحمل عنواناً غاية في الأهمية.. "وطني نسمعك" أي رسالة مباشرة أن أي صوت أو ملاحظة ستكون محل اهتمام وعناية. لن أتحدث عن مهام المركز - وهي كثيرة - ولكن جذب انتباهي عنصر مهم للغاية، وهو نشر ثقافة قياس ومراجعة وتحسين الأداء، لنكون أمام ترسيخ معالم ثقافة جديدة غاية في الجدية نحتاجها في مجتمعنا بالضرورة، لأن نشر هذه الثقافة يضعنا جميعاً أمام ذات المسؤولية الشفافة التي تعمل عليها حكومتنا ويحرص عليها قادتنا للقفز بمجتمعنا، وبالمقدمة منه مؤسساتنا الرسمية والحكومية قفزة هائلة توازي التطلعات المنشودة، وبالتالي خلق حالة جديدة من المراقبة المؤسسية والموضوعية لبناء ثقة طويلة المدى بين طالب الخدمة ومقدمها، ومن ثم بناء على التقارير المنهجية تضع صاحب القرار أمام القرار المطلوب.. بعد تحديد وتحليل المخاطر والصعوبات التي تواجه الأجهزة العامة خلال مسيرتها في سبيل تحقيق أهدافها واقتراح الحلول المناسبة لمعالجتها. التطور الأبرز في عمل المركز، هو منصة الأداء الدولي، كمنصة إلكترونية تتابع أداء المؤسسات السعودية مقارنة بأكثر من 217 دولة أخرى حول العالم.. إذ تقدم المنصة نظرة شمولية عن أداء المملكة في أكثر من 500 مؤشر قياس عالمي وذلك عبر 12 محور قياس. وتحتوي أيضاً على مرجع للتصنيفات الدولية، وتعد المنصة شاملة تفاعلية بها 12 محوراً و17  هدفاً للتنمية المستدامة. ليس هذا فقط، ولكن وضع منهجية للتمكين وبناء القدرات من خلال الاعتماد على العمل التكاملي بالتعاون مع الأجهزة العامة مما يساهم في نشر ثقافة القياس. إننا أمام عملية تفاعلية واسعة المحاور وبعيدة المدى، تستحق الإشادة والتشجيع والتواصل والثناء، لأنها تمتد لعمق العمل المؤسسي بالتوازي مع العمق الاجتماعي، وهنا ضرورة التفاعل والأهم نشر هذه الثقافة لتتوسع عبر محاور أخرى بذات الانضباط والجودة وسمو الهدف ونبل الغاية.

مشاركة :