الانهيار أم الانطلاق.. ماذا ينتظر الاقتصاد العالمي في 2020؟

  • 12/16/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحت العنوان أعلاه، كتبت يلينا تريغوبوفا في "أرغومنتي إي فاكتي" حول ما ينتظر الاقتصاد العالمي في 2020. وجاء في المقال: "وقعت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة قبل أكثر من 10 سنوات، وبما أن دورة الاقتصاد تتكرر، وفقا للعديد من الخبراء، ينتظر العالم أزمة اقتصادية وشيكة، فما هي العوامل التي تدفع نحو أزمة كهذه، وما هي العوامل التي تحد من احتمال حدوثها؟ يرى رئيس مجلس خبراء لجنة الاتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال لشؤون السياسات الصناعية، موسى فورشيك أن العامل الأكثر وضوحا، والذي بإمكانه أن يبطئ من نمو الاقتصاد العالمي عام 2020 هو الحرب التجارية التي يحاول الرئيس الأمريكي شنّها، دون نجاح واضح، على الصين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في التجارة الدولية، وبالتالي إلى انخفاض في إجمالي الاستهلاك العالمي. العامل الثاني هو التوقعات النفسية المتنامية باستمرار لنهاية النمو غير المسبوق للاقتصاد العالمي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الإقراض والاستثمار والاستهلاك، حيث يتخذ عدد من المؤسسات الاقتصادية الفاعلة مواقف وإجراءات حذرة بشكل متزايد. من ناحية أخرى، فإن المؤشرات الإيجابية سوف تستمر في الصعود عام 2020، حيث ستدخل مجموعة واسعة من البلدان النامية لتلحق بالصين، فضلا عن جهود إلغاء القيود التنظيمية من قبل عدد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، ما سوف يدعم النمو الاقتصادي العالمي. بشكل عام، من غير المتوقع أن ننتظر أزمة عالمية، وأقصى ما ننتظره هو تباطؤ في الاقتصاد العالمي إلى مستوى 2.5% عام 2020، وذلك ليس أمرا سيئا للغاية. قد يؤثر ذلك في المقام الأول على اقتصادات الدول التي تعتمد على المواد الخام، حيث أن أسعار المواد الخام في مثل هذه الحالة عادة ما تنخفض. لكن معظم هذه الدول، بما فيها روسيا، لديها احتياطيات كبيرة تسمح لها بالبقاء على قيد الحياة من التدهور المؤقت للوضع الاقتصادي دون عواقب وخيمة. أما الأستاذ المساعد بقسم أسواق الأوراق المالية والهندسة المالية بكلية الاقتصاد والمصارف التابعة لأكاديمية العلوم الروسية، سيرغي خيستانوف، فيرى أن العوامل التي يمكن تضعف الاقتصاد العالمي معروفة منذ زمن بعيد، وهي في المقام الأول الحروب التجارية، وارتفاع مخاطر الائتمان حول العالم، ولكن بشكل أساسي في الصين. على الرغم من ذلك، فمع الأسف لا يمكن تحديد وقت محدد لاندلاع أزمة اقتصادية جديدة، أو بتعبير أقل حدة "ركود جديد"، بدقة عالية. حيث أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على ذلك، بما في ذلك قرارات بعض السياسيين، ومع ذلك يمكننا أن نقرر بثقة أن دورة النمو الحالية للاقتصاد العالمي تقترب من نهايتها، وهو ما يزيد بشكل كبير من احتمال حدوث أزمة، أو تباطؤ حاد في الاقتصاد عام 2020. وعادة، فإنه كلما ارتفع معدل نمو الاقتصاد في بلد ما، زاد هبوط نمو الاقتصاد، إذا ما تغيرت ديناميات الاقتصاد العالمي من النمو إلى الركود، ومن وجهة النظر هذه، فإن أسوأ وضع في الاقتصادات العالمية سوف يكون من نصيب جنوب شرق آسيا، بينما سيكون الوضع أفضل في الدول المتقدمة، ولكن بسبب عولمة الاقتصاد العالمي، فإن الجميع سوف يتأثر بدرجة ما. أما الخبير في معهد تطوير تقنيات الطاقة، سيرغي أليخشكين، فيرى أن الوضع الاقتصادي العالمي سوف تحدده الانتخابات الأمريكية وبريكست الذي سيفاقم من زعزعة استقرار أوروبا. فإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سوف تعمق الحروب التجارية، وتدمر الأحلاف التجارية الموجودة الآن، وهو ما سيؤثر سلبا ليس فقط على اقتصاد الولايات المتحدة، وإنما على الاقتصاديات الرائدة في العالم ككل، حيث ستتأثر الصين وأقرب جيرانها في محيط منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما سوف يسهم عدم الاستقرار في الغرب والسياسة الأمريكية التي لا يمكن التنبؤ بها في تقويض النمو الاقتصادي الأوروبي. على هذه الخلفية، سوف تنال روسيا نصيبها من هذه الهزات الاقتصادية، إلا أن معظم المؤسسات الاقتصادية العالمية وأكبر المنظمات المالية تتنبأ باستقرار ونمو، ولو ليس كبيرا، للاقتصاد الروسي. في قطاعي النفط والغاز، وعلى الرغم من الاتجاه العام على مدى العشر سنوات القادمة هو بداية التباطؤ في الطلب على النفط لأول مرة في تاريخه الممتد عبر 150 عاما، إلا أن التنبؤات هنا تبدو إيجابية على الأرجح بالنسبة لعام 2020. لقد ظلت أسعار النفط لعام 2019 مستقرة نسبيا، حيث تقلب سعر البرميل الواحد من خام برنت حول مستوى 60 دولارا. وفي عام 2020 من المتوقع أن يستمر تأثير العوامل الرئيسية التي حددت موازين العرض والطلب في سوق النفط العالمية لعام 2019، وهي معدلات نمو الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية والاتفاق بموجب اتفاق "أوبك +". اليوم، يستعد أكبر اللاعبين لتصحيح الأسعار في الأسواق، لكن أحدا لا يتوقع انخفاضا كبيرا في أسعار النفط. لذلك، وعلى سبيل المثال، فقد تم تصميم ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2020، استنادا لتقدير سعر النفط 60 دولارا لبرميل خام برنت، وعلى الرغم من أن خبراء النفط في وكالة معلومات الطاقة الأمريكية يتوقعون انخفاضا في أسعار النفط أوائل العام 2020، إلا أن متوسط القيمة السنوية لسعر برميل النفط خام برنت سيظل عند مستوى 60.5 دولار. كذلك ترى الأستاذة المساعدة بقسم الشؤون المالية والاقتصادية الدولية بجامعة الاقتصاد، فاليريا مينيتشوفا، أنه من المرجح أن تبدأ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2020، وهو ما يحدده عدد من العوامل: أولا، نذكر أن الأزمة السابقة وقعت بين عامي 2008-2009، وقد مر 11 عاما، وهي المدة المتوسطة لدورة الاقتصاد، بين الهزات الاقتصادية العالمية. تعززت الاتجاهات الحمائية حول العالم في التجارة المتبادلة بين اللاعبين التجاريين الرئيسيين في العالم، حيث تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكذلك الحصار الذي تفرضه منظمة التجارة العالمية، العقوبات الموقعة على أكبر الشركات العالمية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية (مجموعة بوينغ مثلا)، العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي، دول كومونولث التاج البريطاني، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا على روسيا. إلى جانب ذلك يستمر الحظر، والقيود الجمركية، المحاصصة... في الوقت نفسه تباطأت وتيرة الاقتصاد العالمي، وهو ما تؤكده بيانات البنك الدولي، ففي عام 2017، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.16%، وفي عام 2018 بلغ 3.04%، وأما في عام 2019 فمن المتوقع أن يكون أقل من 3%. تجدر الإشارة هنا إلى أن ديون الشركات في جميع أنحاء العالم تنمو وتقترب من مستوى 19 تريليون دولار، بينما تقترب ديون الحكومات إلى 80 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 115% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي أن الإنتاج العالمي لن يوفر إجمالي الدين الخارجي للبلدان. على سبيل المثال تبلغ احتياطيات الذهب في جميع دول العالم 34.5 ألف طن نهاية عام 2019. بالإضافة لذلك، تجاوز العائد على السندات الأمريكية قصيرة الأجل العائد على السندات طويلة الأجل، وهو عادة ما يكون إشارة على ركود مستقبلي. ويكفي لاندلاع الأزمة إعلان عن توقف الشراكة بين شركاء دوليين، أو توقف صندوق استثماري عن متابعة استثماراته الخارجية، لنكون بصدد ركود يمكن مقارنته بسنوات 2008-2009، أو حتى بالركود العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي. أما المستشار العلمي لحاضنة الأعمال بجامعة الاقتصاد التابعة للحكومة الروسية، إيليا بوتورلين، فيجد أن الاقتصادات المتقدمة سوف تتباطأ إلى 1.7% في عام 2020، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، بينما يتوقع أن يرتفع معدل نمو الاقتصادات والأسواق الناشئة إلى 4.6%. ويرتبط حوالي نصف هذه الدينامية بانتعاش النمو أو ركود أقل حدة في دول الأسواق الناشئة، التي عانت من أزمات مثل تركيا والأرجنتين وإيران. وترتبط البقية باستعادة النمو في البلدان التي انخفض فيها معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير عام 2019، مثل البرازيل والمكسيك والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني أن النمو الاقتصادي المتوقع لا يمكن إلا أن يسمى انتعاشا بعد هبوط الأسواق المالية في الفترات السابقة. عام 2019، أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية، القاطرة التقليدية للاقتصاد العالمي، أكبر نمو لمؤشراتها الاقتصادية في 30 عاما، حيث حققت أكثر من 25% سنويا، ولكن إذا ما قارنا المؤشرات الاقتصادية الأساسية لأكبر الشركات، فسوف نرى أن فترات النمو السابقة في الولايات المتحدة كانت مصحوبة بتغيرات نوعية في مؤشرات مثل نمو الدخل والأرباح وتوسيع السوق، يبدو الوضع الآن معاكسا تماما، بينما توقفت أرباح أضخم الشركات. وإذا كانت القوى العالمية قد تغلبت على الأزمة الاقتصادية السابقة، فإن النموذج الحالي للأزمة قد يمثل اختلالا في أكبر الاقتصادات، وقد يؤدي إلى توتر في العلاقات التجارية والتكنولوجية. على سبيل المثال، يشكل فرض قيود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على التجارة مع شركات التكنولوجيا الصينية، ووضع اليابان وكوريا إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بالصادرات واتخاذ احتياطات ضد مخاطر "البريكزيت القاسي" تشير بوضوح إلى انخفاض فرص تحقيق أي نتائج إيجابية في 2020. من جانبه يرى أستاذ جامعة موسكو للاقتصاد، ماغوميت ياندييف، أن الشيء الرئيسي هو أن دول أوبك والدول التي انضمت إليها قد تعلمت التفاوض، وفي عام 2020 سوف يظل سعر النفط مستقرا عند المستوى الحالي، ولم تكن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ساخنة كما يخشى الجميع، وسوف تبقى العلاقات الاقتصادية على نفس المستوى الذي كانت عليه. أما الوضع بشأن كوريا الشمالية فلم يعد متوترا، والوضع في سوريا بطيء، لكنه في طريقه للاستقرار، لكن الدولة لم تعد مصدرا عالميا للاجئين. هناك استثمارات روسية متزايدة في دول إفريقيا وآسيا، وهي مؤشرات يمكن أن تبقي الاقتصاد العالمي متماسكا". المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفةتابعوا RT على

مشاركة :