* أيه تي كيرني أصبحت بدائل اللحوم واللحوم «المستزرعة» مفاهيم رنانة مؤخراً في قطاع الأغذية والزراعة، حيث إنها تبشر بتقديم حلول واعدة قد تعمل على إعادة تشكيل قطاع إنتاج اللحوم عالمياً والبالغة قيمته تريليون دولار. قد يرى البعض بأن خيار البرجر النباتي غير رائج في أسواق دول الخليج التي تكن للحوم مكانة خاصة، وتسجل أحد أعلى معدلات استهلاك اللحوم للفرد على مستوى العالم (السعودية: 64 كجم، الإمارات: 59 كجم). رغم ذلك، قطعت هذه الأطعمة شوطاً طويلاً، منذ نشأتها كمنتجات قائمة على فول الصويا وصولاً إلى التقنيات المتطورة التي أتاحت إنتاج اللحوم النباتية واللحوم المستزرعة في المختبرات. بدأت أعداد متزايدة من الشركات الناشئة بالتوجه إلى هذا القطاع إضافة إلى بعض الشركات المتخصصة في اللحوم. كما أضافت مطاعم الوجبات السريعة العالمية وشركات الأطعمة الكبرى، اللحوم النباتية كجزء من تشكيلة منتجاتها في حين بادرت مطاعم البرجر في الخليج وخاصة في الإمارات إلى تقدم المزيد من بدائل اللحوم في محاولة لتوسيع قاعدة عملائها. وعلى الرغم من التمنعات الأولية في السوق، إلا أن اللحوم النباتية تقدم قيمة تلبي احتياجات العملاء النباتيين كما أنها تلعب دوراً مباشراً في تعزيز الجهود الرامية للحفاظ على البيئة حيث يتطلب إنتاج اللحوم النباتية استهلاكاً أقل للمياه بنسبة 99٪ ومساحة أرض أقل بنسبة 93٪ وانبعاثات أقل للغازات الضارة بنسبة 90٪ وطاقة أقل بنسبة 46٪ إضافة إلى العديد من المميزات الأخرى. من المعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد بشكل متزايد على استيراد المواد الغذائية والمنتجات الحيوانية، مما أدى إلى نمو العجز التجاري بأكثر من الضعف بين 2006 و2016 ليصل إلى 32 مليار دولار وتشكل اللحوم والأعلاف الحيوانية 27٪ من إجمالي العجز. ويمكن أن تكون لبدائل اللحوم مساهمة كبيرة في خفض هذا العجز. يتم استهلاك 12٪ من إجمالي المحاصيل الزراعية في دول الخليج لإطعام الحيوانات، حيث نحتاج إلى حوالي 7 كيلوجرامات من الحبوب لتربية ما يعادل كيلوجرام من الأبقار الحية وحوالي كيلوجرامين من الحبوب لكل كيلوجرام من الدواجن. وبالنظر إلى أن هذه الأرقام تمثل الوزن الحي وليس وزن اللحوم الجاهزة للأكل، يجب استثناء 40% من الوزن، لتصبح النسب 12:1 للحوم الأبقار و3:1 للحوم الدواجن. على الجهة الأخرى، لا يتطلب إنتاج 1 كيلوجرام من اللحوم المستزرعة سوى 1.5 كيلوجرام من الحبوب بينما يتطلب إنتاج 1 كيلوجرام من اللحوم النباتية 1.3 كيلوجرام من الحبوب فقط. ويشكل النمو السكاني الكبير في منطقة الخليج ضغوطاً متزايدة على الأمن المائي مما يجعل البدء بمبادرات حاسمة تهدف لتحسين كفاءة استخدام المياه أمراً ضرورياً لضمان التنمية المستدامة في المنطقة. ومع ذلك، من النادر أن يتم الحديث عن الكميات الكبيرة من المياه التي تستخدم لتربية المواشي. إذا أردنا حساب كمية اللحوم المستهلكة في دول مجلس التعاون الخليجي، فإن 90٪ منها تأتي من الدواجن والأبقار حيث إن كل كيلوجرام من لحوم الأبقار الصالحة للأكل يتطلب حوالي 620 لتراً من المياه بشكل مباشر إضافة إلى 14,500 لتر أخرى لزراعة الأعلاف المستهلكة مما يعني أن إنتاج لحوم الأبقار في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها تطلب حوالي 473 مليون متر مكعب من المياه في عام 2017. يمكن لإنتاج بدائل اللحوم إلغاء الحاجة إلى استخدام المياه تقريباً حيث تستهلك 1٪ فقط من المياه عند المقارنة مع عملية إنتاج اللحوم التقليدية ما سيؤدي إلى توفير حوالي 468 مليون متر مكعب من المياه سنوياً. وهي كمية كافية لتغطية احتياجات 4 ملايين نسمة لعام كامل، وهو ما يمكن تحقيقه عبر التحول ببساطة إلى إنتاج اللحوم الأكثر كفاءة في المنطقة! كما تقدم اللحوم النباتية طريقة فعالة للمستهلكين للحد من انبعاثات الكربون والقيام بدورهم البيئي، وهو موضوع أصبح المستهلكون الخليجيون أكثر وعياً به في الوقت الحالي. يُشكل اعتماد بدائل اللحوم فرصاً هائلة لتحسين الحالة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تخفيف التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي والمائي بشكل كبير. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه، ما مدى تقبل المستهلكين؟
مشاركة :