يتجه العراق إلى تسليم الرئيس برهم صالح مهام مجلس الوزراء بموجب الدستور في ظل غياب التوافق على تسمية شخصية لتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي قبل أسبوعين في أعقاب الاحتجاجات التي تواصلت للأسبوع الثامن مع تسجيل تصاعد ملحوظ بوتيرة الخطف والاغتيالات التي تستهدف ناشطين. وفي ظل انسداد في الأفق السياسي وتأخر تكليف المرشح لمنصب رئيس الوزراء للحكومة الجديدة خلفاً للمستقيل عادل عبدالمهدي، كانت الأوساط السياسية والشعبية بانتظار رئيس الجمهورية برهم صالح لتقديم مرشحه لمنصب رئيس الحكومة الجديد مع اقتراب انتهاء المهلة الدستورية فإذا به يفاتح البرلمان أمس الأول، للسؤال عن الكتلة الأكبر التي يفترض أن تقدم له اسم المرشح ليقدمه هو إلى البرلمان وهو ما عده البعض مؤشراً على عدم التوصل على مرشح حتى الآن. وذكرت صحيفة «الصباح» الحكومية أمس، أن عدم التوافق بين الكتل السياسية على اسم مرشح لرئاسة الوزراء قد يدفع رئيس الجمهورية لشغل مقعد رئاسة الوزراء في إطار مادة دستورية تخوله بذلك لخلو المنصب. ونقلت الصحيفة عن عضو مجلس النواب عباس سروط قوله إنه لا مرشح حتى الآن للمنصب وإن أي شخصية ترشح حالياً تجد اعتراضات من الكتل السياسية أو من المتظاهرين مما يؤدي إلى سحب ترشيحها واستبدالها بأخرى. ويعد اسم وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني الأكثر تداولاً. وكان السوداني أعلن استقالته من حزب «الدعوة» وكتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. لكن مصادر سياسية أكدت لوكالة فرانس برس أن «أسهم السوداني تواجه خطر السقوط في البرلمان، إذ أنه لا يحظى بقبول الجميع». وأشار المصدر إلى أن «رئيس الجمهورية يراهن على إسقاط السوداني في البرلمان لتقديم مرشحه في اللحظات الأخيرة». ومن جهة أخرى، أعلنت المرجعية الدينية العليا عدم مشاركتها في أي مشاورات أو مفاوضات أو مباركة أي اسم يطرح، خلافاً للسنوات الـ16 الماضية، حين اضطلعت بدور حاسم غير مباشر في رسم المسار السياسي للبلاد. أمنياً، قال ناشطون عراقيون أمس، إنه على الرغم من الأحوال الجوية السيئة وغزارة الأمطار والضباب في بعض المناطق فإن الاحتجاجات تواصلت في ساحات التظاهر في بغداد ومحافظات وسط وجنوبي البلاد. وأغلق العشرات من المحتجين في محافظة الديوانية دوائر الصحة والضريبة والبلدية والبلديات ومنعوا الموظفين من الدوام. وأوضح الناشطون أن المحتجين قاموا أيضا بإغلاق مكتب مفوضية الانتخابات ودائرة عقارات الدولة، فضلاً عن صندوق الإسكان والرقابة التجارية، مشيرين إلى استمرار إضراب الدوائر لنهاية الأسبوع الحالي. وفي البصرة، أفادت مصادر إعلامية بخروج مسيرات طلابية وتظاهرات نسائية إلى ساحة البحرية وسط المدينة الواقعة جنوبي البلاد. أما في محافظة النجف فقد أغلق محتجون عدداً من المدارس الحكومية والأهلية ومديرية بلدية النجف. وبحسب تقارير أنباء فإن الساحات لا تزال تشهد توافد المئات من الأشخاص ولاسيما طلبة الجامعات والمدارس وسط حالة من الغضب بسبب تزايد وتيرة الاغتيالات والخطف التي تطال ناشطين في الحراك السلمي. وأفاد شهود عيان أمس، بأن مسلحين مجهولين اختطفوا الناشط المدني غيث الفتلاوي أثناء عودته من ساحة التحرير ببغداد واقتادوه إلى جهة مجهولة في محافظة كربلاء. وذكر الشهود أن «الناشط غيث الفتلاوي وهو من أهالي قضاء الهندية في كربلاء اختطف من قبل مسلحين مجهولين أثناء عودته من ساحة التحرير ببغداد إلى منزله في كربلاء ولا يزال مصيره مجهولا». وفي محافظة النجف تعرض الناشط المدني ضاري ناصر حسين إلى محاولة اغتيال عندما حاول مسلحون دهسه بسيارة بعد عودته إلى منزله من ساحة التظاهر والاعتصام بالمحافظة وتعرض إلى إصابات خطيرة تم نقله على إثرها إلى مستشفى الصدر لتلقي العلاج. وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية قد اعتبرت أمس الأول، «يوماً دموياً وخطيراً» بسبب جرائم الاغتيال والخطف التي طالت الناشطين والإعلاميين في بغداد وبقية المحافظات. وطالبت المفوضية حكومة تصريف الأعمال ووزارة الداخلية وأجهزتها الاستخبارية باتخاذ خطوات جريئة ومسؤولة وتعزيز جهدها الاستخباري وتفعيل خلية مكافحة الخطف والجريمة المنظمة لغرض ضمان حياة المتظاهرين السلميين والناشطين والإعلاميين. كما طالبت المفوضية الأجهزة الأمنية المعنية ببذل جهودها لوضع حد لسلسلة الاغتيالات التي استهدفت المواطنين العزل والقبض على المجرمين وإحالتهم للقضاء. الاحتجاجات العراقية كانت قد انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي ثم عادت وتجددت في الـ 25 منه لتستمر حتى أمس، وقد شهدت أعمال عنف وصدامات أوقعت أكثر من 400 قتيل وآلاف الجرحى من المحتجين. وأدت تلك الاحتجاجات إلى الإطاحة بحكومة عبدالمهدي وسن قانون جديد لمفوضية الانتخابات في الوقت الذي يبحث فيه مجلس النواب إقرار قانون جديد للانتخابات ينهي هيمنة الكتل الحزبية الكبيرة. واشنطن: قلقون من هجمات صاروخية في بغداد أعرب وزير الدفاع الأميركي، مارك اسبر، في اتصال هاتفي، برئيس الوزراء العراقي المستقيل، عادل عبدالمهدي، عن قلقه من هجمات صاروخية، تعرضت لها تجمعات أمريكية في العراق، وذكر بيان حكومي، أمس، أن الوزير الأميركي «أعرب عن قلقه، لتعرض بعض المنشآت إلى القصف، ودعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لإيقاف ذلك»، وأضاف البيان: أن عبدالمهدي أعرب عن قلقه أيضاً لهذه التطورات، مطالباً بـ«بذل مساعٍ جادة، يشترك بها الجميع لمنع التصعيد، الذي إن تطور سيهدد جميع الأطراف، وأن أي إضعاف للحكومة والدولة العراقية سيكون مشجعاً على التصعيد والفوضى»، وأوضح البيان: أن عبدالمهدي حذر من أن «اتخاذ قرارات من جانب واحد، ستكون له ردود فعل سلبية، تصعب السيطرة عليها، وتهدد أمن وسيادة واستقلال العراق»، وأكد البيان: أن الطرفين بحثا كذلك استمرار التعاون بين البلدين، في الحرب ضد الإرهاب، ودعم جهود القوات المشتركة لملاحقة فلول تنظيم «داعش»، وحفظ الأمن والاستقرار في عموم العراق. وكانت معسكرات عراقية، تضم قوات أمريكية تعرضت، في الأيام القليلة الماضية، إلى القصف الصاروخي من جهات مجهولة، دون أن تتسبب بخسائر لقوات التحالف الدولي أو للقوات الأميركية.
مشاركة :