وصفت الأمم المتحدة النتائج التي حققها اتفاق استوكهولم، الخاص بالحديدة، والموقع بين الحكومة اليمنية الشرعية وميليشيات الحوثي بـ«المتواضعة»، لكنها اعتبرته «خطوة تقربنا من تحقيق سلام دائم لجميع اليمنيين»، فيما طالبت قيادات عسكرية في القوات المشتركة اليمنية بالساحل الغربي لليمن بإنهاء العمل بالاتفاق بعد مرور عام على توقيعه، ولم تلتزم ميليشيات الحوثي الانقلابية بتنفيذه. وتفصيلاً، نشر مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أمس، تقريراً بمناسبة مرور عام على توقيع اتفاق استوكهولم، مؤكداً أن عملية تنفيذه قد تكون «بطيئة»، وسوف «تكون هناك انتكاسات، لكننا سنواصل رعاية وتعزيز كل إنجاز صغير على طريق دعم اليمنيين في سعيهم لتحقيق السلام والاستقرار». وأشار التقرير إلى أن اتفاق استوكهولم هو أول اتفاق بين أطراف النزاع في اليمن، وقال إن مشاورات استوكهولم تظل «بمثابة تقدم كبير على طريق بناء الثقة بين الطرفين، وهي أساس لأي جهد ناجح لبناء السلام». واستعرض التقرير محاور الاتفاقية التي تم توقيعها في استوكهولم بالسويد، في 13 ديسمبر عام 2018، وأقرها مجلس الأمن بموجب القرار رقم 2451 من العام ذاته، وتتكون من ثلاثة محاور رئيسة تتضمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وآلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل المحتجزين، وإعلان تفاهمات حول تعز. وأوضح أن الأطراف التزمت بوقف فوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، واتفقوا على إعادة انتشار مشترك للقوات، وتأمين الموانئ، وإنشاء لجنة تنسيق إعادة انتشار مشتركة برئاسة الأمم المتحدة، واستخدام العائدات من الموانئ لدعم مدفوعات رواتب الخدمة المدنية. كما نص الاتفاق على تعزيز وجود الأمم المتحدة في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ما أدى إلى إنشاء بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2452 (2019)، الذي اعتمد في 16 يناير 2019. وأفاد تقرير مكتب المبعوث الأممي بأن الاتفاقية جنبت الحديدة هجوماً كارثياً، كان متوقعاً على المدينة والموانئ، وأسهم وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 18 ديسمبر 2018، في توفير بيئة أكثر أماناً للمدنيين. وأضاف: «تشير التقديرات إلى أن 150 ألف شخص نزحوا من المدينة سابقاً، عادوا إليها بعد الاتفاق مع وقف إطلاق النار الذي لايزال قائماً إلى حد كبير»، حسبما جاء في التقرير. وأوضح أنه تم إنشاء بعثة للأمم المتحدة في الحديدة (أونمها) لدعم الأطراف في تنفيذ اتفاقية الحديدة، إضافة إلى إنشاء مركز للعمليات المشتركة في مقر البعثة من أجل آلية وقف إطلاق النار والحد من التصعيد، وإنشاء خمس نقاط مراقبة مشتركة على الأرض لمراقبة الوضع ومنع المزيد من التصعيد العسكري، ما أدى إلى انخفاض كبير في المستوى العام للعنف وعدد الحوادث الأمنية في الخطوط الأمامية للمدينة. واعترف التقرير بأن عمليات الانتشار لم تتم بالكامل بعد، لكنه قال إن «الاتفاق ووجود الأمم المتحدة في الحديدة أسهما بشكل مباشر في خفض الأعمال القتالية وتحسين الوضع الإنساني، مع توفير فرص لزيادة الثقة في احتمالية انتهاء النزاع». وذكر أن القيود المفروضة على حرية الحركة تمثل أحد التحديات الرئيسة، التي تواجه عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، لكن البعثة تُعول على التزام الأطراف للتغلب على هذا التحدي. واتفق الطرفان على آلية لإيداع إيرادات الميناء في حساب خاص بفرع البنك المركزي في الحديدة، تحت إشراف الأمم المتحدة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في الحديدة وأماكن أخرى، لكن التقرير لم يذكر أن ذلك لم يتحقق حتى الآن، في ظل رفض ميليشيات الحوثي تنفيذ ذلك، بحسب اتهامات الحكومة الشرعية. وفي ما يتعلق بالآلية التنفيذية لتفعيل اتفاقية تبادل المحتجزين، ذكر التقرير أنه تم إنشاء لجنة مختصة، تم من خلالها تبادل قوائم السجناء، ومناقشة المسائل اللوجستية، واتخذت الأطراف مبادرات أحادية الجانب وأفرجت عن مئات السجناء، بمن فيهم قُصر. وأضاف التقرير في ما يتعلق بالتفاهمات حول تعز: «للأسف، تُمثل تعز جزءاً مهماً في اتفاقية استوكهولم يحتاج المزيد من الاهتمام والتركيز، للتوسط من أجل الوصول لاتفاقات بين الطرفين، لتخفيف حدة الأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية مستدامة لتخفيف معاناة سكان تعز». ولم يتطرق التقرير إلى الخطوات القادمة حول تنفيذ اتفاق استوكهولم، في ظل تحذيرات حكومية من «فشل الاتفاق» الذي لم تلتزم ميليشيات الحوثي بتنفيذ أي من بنوده مع استمرارها في تصعيدها العسكري وخروقاتها المتكررة لوقف إطلاق النار، وتقييد حركة وعمل البعثة الأممية ورفض سحب ميليشياتها من مدينة وموانئ الحديدة، بموجب الاتفاق. من جانبها، طالبت قيادات عسكرية في القوات المشتركة بالساحل الغربي لليمن بإنهاء العمل بالاتفاق، مشيرة إلى أن الميليشيات استغلت الاتفاق لزيادة عمليات التحشيد والتعبئة باتجاه جبهات الساحل، بعد أن كانت على وشك الانهيار والهزيمة قبل أن تتدخل الأمم المتحدة لإنقاذها بحجة الجانب الإنساني. وقال الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي، وضاح الدبيش، في تصريح خاص لـ«الإمارات اليوم»، إن اتفاقية السويد أنقذت ميليشيات الحوثي وأبقتهم في الحديدة، بعد أن كانت القوات المشتركة على وشك تحرير المدينة ومينائها الاستراتيجي، مشيراً إلى أنه بعد عام من الاتفاقية لم يتم تنفيذ بند منها نتيجة تعنت الميليشيات التي اتخذتها وسيلة لإعادة التموضع والتحشيد للساحل. وأضاف الدبيش: «اليوم باتت الميليشيات تمارس كل الانتهاكات بحق سكان الساحل، وتشن هجمات يومية على القوات المشتركة بمختلف أنواع الأسلحة، وصولاً إلى إطلاق التهديدات بحق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، وتشن هجمات بالطائرات المسيرة على مواقع المشتركة ومقر اللجنة الحكومية في لجنة المراقبة الدولية». وأوضح أن الميليشيات تمادت بهجماتها لتصل إلى حد استهداف اللجنة الدولية المعنية بتنفيذ اتفاق السويد ومراقبة وقف إطلاق النار، إلى جانب تقييد تحركاتها، ورفضت فتح المعابر الإنسانية، وواصلت حفر الخنادق والأنفاق في جميع الطرق والأحياء التي تربط مدينة الحديدة باتجاه الميناء، وأخرى باتجاه الطرق الرابطة بالمحافظات المجاورة. وطالب الدبيش المعنيين بإلغاء الاتفاقية والعودة إلى العمليات العسكرية واللغة التي تعرفها الميليشيات والعودة إلى عمليات التحرير، وقطع الطريق أمام الميليشيات ومراوغاتها واستغلالها للاتفاقيات التي لم تلتزم بأي منها منذ نشأتها وحتى اتفاقية السويد نهاية العام الماضي. من جانبه، قال قائد الكتيبة الخامسة في اللواء السابع عمالقة، العقيد أيمن مارش الهُميلي، في تصريح صحافي، إن الميليشيات استغلت فترة اتفاق استوكهولم لزيادة التحشيد والتعبئة وممارسة التصعيد اليومي خلال عام كامل، لافتاً إلى أن اتفاقية استوكهولم لا تخدم الشعب اليمني، وإنما تخدم الحوثي أكثر، ويجب أن تُلغى. وأضاف: «نحن قادرون على تحرير الحديدة وكل أراضي اليمن من الميليشيات، وسنعمل جاهدين بجميع الوسائل كفريق واحد وقوة واحدة لإرجاع مؤسسات الدولة بكل أركانها، لكن هذه الاتفاقية التي قيدت التحرير وأطلقت يد الحوثيين يجب أن تنتهي»، مشيراً إلى أنهم في القوات المشتركة ملتزمون بالهدنة، عكس الميليشيات التي استغلتها بشكل كبير في التحشيد وقصف مواقع المشتركة والمصالح المدنية. وأوضح العقيد الهميلي أنهم في القوات المشتركة يطالبون باستكمال تحرير الحديدة، وإلغاء اتفاقية استوكهولم التي تخدم ذراع إيران في اليمن، في مديريات الحديدة والساحل الغربي. وتجاهلت البعثة الأممية ولجنة تنسيق إعادة الانتشار، برئاسة الجنرال الهندي أبهجيت جوها، بلاغات موثقة رفعتها القوات المشتركة في الساحل الغربي، خلال اليومين الماضيين، مرفقة بمقاطع فيديو، بوقائع تصعيد وخروقات ميليشيات الحوثي باتجاه المناطق السكنية والقوات المشتركة. وذكرت مصادر في القوات المشتركة بالساحل الغربي، أن القوات المشتركة وممثليها في لجنة الارتباط والمراقبة، خاطبوا البعثة ورئيسها الموجود في السفينة قبالة الحديدة، ببلاغات مزمَّنة وتسجيلات مصورة، بما فيها هجمات وعمليات تسلل وأعمال قصف واستحداثات متزايدة، إلا أن اللجنة لم ترد أو تأخذ خطوة للتحقق الميداني وتحجيم مخاطر الإشعال الحوثي للجبهات وخطوط التماس المتقدمة. ورُصدت تحركات حوثية مختلفة عبر وفي محيط عدد من الخطوط الأمامية، ومربعات المراقبة جنوب وشرق مدينة الحديدة، إثر عمليات قصف واستهداف بالمدفعية والأسلحة المختلفة، خلال اليومين الماضيين. يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه المطالبات المحلية والشعبية في الساحل الغربي، بإلغاء اتفاقية استوكهولم، بالتزامن مع زيارة جديدة لغريفيث، قام بها، أخيراً، إلى العاصمة صنعاء والتي غادرها أمس، في إطار جولة جديدة يسعى من خلالها لإقناع الميليشيات بالالتزام بالاتفاقية، والبدء بتنفيذ بنودها الأساسية. • تقرير غريفيث: مشاورات استوكهولم تظل «بمثابة تقدم كبير على طريق بناء الثقة بين الطرفين». • تعز تُمثل جزءاً مهماً في اتفاقية استوكهولم يحتاج المزيد من الاهتمام والتركيز.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :